استكمال وافتتاح معامل 4 كليات بجامعة المنيا الأهلية كمرحلة أولى    محافظ الجيزة يستقبل وفود الكنائس بالمحافظة للتهنئة بعيد الأضحى المبارك    رئيس الوزراء يوجه رسالة للشباب بعد إطلاق الجيل الخامس للمحمول : هذا وقتكم وهذه فرصتكم    في أسواق شمال سيناء.. وفرة بأضاحي العيد والأسعار "متباينة" و"الخراف" تكسب أمام "الماعز" (صور)    بعثة مصر للطيران تعقد اجتماعًا تنسيقيًا بجدة استعدادًا لعودة الحجاج    وزير التعليم العالي: نتوقع ارتفاع أعداد طلاب الجامعات ل5.5 مليون بحلول عام 2032    محافظ المنيا: جادون في استرداد الأراضي وتطبيق القانون بكل حسم لتحقيق التنمية    رويترز: هل سيتمكن «ترامب» من علاج ضعف الوكالة الدولية فى إيران؟.. فجوة كبيرة وأجهزة متقدمة لتخصيب اليورانيوم بطهران    الرئيس السيسى يتلقى اتصالًا هاتفيًا من نظيره التونسى بمناسبة عيد الأضحى المبارك    ألمانيا ضد البرتغال.. شوط أول سلبي في نصف نهائي دوري الأمم الأوروبية    نصف نهائي دوري الأمم الأوروبية.. شوط أول سلبي بين ألمانيا والبرتغال    فاروق جعفر: التاريخ يرجح كفة الزمالك أمام بيراميدز فى نهائي كأس مصر    ديانج يلتحق ببعثة الأهلي في أمريكا    التضامن: تنسيق كامل مع الجانب السعودى للتسهيل على الحجاج المصريين    مصر تسترد 11 قطعة أثرية من الولايات المتحدة الأمريكية (صور)    دار الافتاء تجيب: حكم صيام يوم عرفة لمن لم يصم الثمانية أيام قبله    يوم التروية 2025.. ما مناسك الحجيج في الثامن من ذي الحجة؟    رفع درجة الاستعداد القصوى بمستشفيات جامعة بني سويف خلال إجازة العيد    محافظ بورسعيد يبحث مع رئيس هيئة الرعاية الصحية دعم التعاون في تنفيذ مشروعات صحية مستقبلية    وفد الأقباط الإنجيليين يقدم التهنئة لمحافظ أسوان بمناسبة عيد الأضحى    الإفتاء: صلاة الجمعة يوم العيد الأكمل ويجوز أداؤها ظهراً في هذه الحالة    طرح البوستر الدعائي ل فيلم "آخر رجل في العالم".. صورة    أمريكا أبلغت إسرائيل أنها ستستخدم الفيتو ضد مشروع قرار يدعو لوقف إطلاق النار بغزة    «شوفوا وأمِّنوا».. صلاح عبدالله يوجه رسالة لجمهوره بمشهد من مسلسل «حرب الجبالي»    بعد طرحها.. حسام حبيب يكشف أزمة اغنيتة الجديدة سيبتك    مصرع طالب جامعي بطلق ناري في مشاجرة بين عائلتين بقنا    أول رد من الأوقاف بشأن ندب الأئمة.. ماذا قالت؟    منتخب شباب اليد يتوجه إلي بولندا فجر 17 يونيو لخوض بطولة العالم    الرقابة المالية تتقدم بمقترحات بشأن المعاملات الضريبية على الأنواع المختلفة لصناديق الاستثمار    كريم محمود عبد العزيز يحيي ذكرى ميلاد والده برسالة مؤثرة    أهم أخبار الكويت اليوم الأربعاء.. الأمير يهنئ المواطنين والمقيمين بعيد الأضحى    أهم أخبار السعودية اليوم الأربعاء.. حجاج بيت الله الحرام يتوافدون إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية    الوداد المغربى يستعجل رد الزمالك على عرض صلاح مصدق    بمناسبة عيد الأضحى، حريات الصحفيين تطالب بالإفراج عن 22 زميلًا محبوسًا    محمد بن رمضان يعيد أمجاد هانيبال مع الأهلي.. من هو وما قصته؟    زوارق إسرائيلية تختطف صيادًا من المياه الإقليمية بجنوب لبنان    القاهرة تستضيف النسخة الرابعة من المؤتمر والمعرض الطبي الإفريقي «صحة إفريقياAfrica Health ExCon»    صعب عليهم نسيان الماضي.. 5 أبراج لا يمكنها «تموڤ أون» بسهولة    محمد رمضان يقترب من الانتهاء من تصوير «أسد»    الدكتور عبد الحليم قنديل يكتب عن : أوهام "ترامب"الروسية    بعد نشرأخبار كاذبة.. مها الصغير تتقدم ببلاغ رسمي ل«الأعلى للإعلام »    قرار عاجل من الزمالك بفسخ عقده لاعبه مقابل 20 ألف دولار    برسالة باكية.. الشيخ يسري عزام يودع جامع عمرو بن العاص بعد قرار الأوقاف بنقله    خُطْبَةُ عِيدِ الأَضْحَى المُبَارَكِ 1446ه    بعد اهتمام برشلونة والنصر.. ليفربول يحسم موقفه من بيع نجم الفريق    المفوضية الأوروبية تعطي بلغاريا الضوء الأخضر لاستخدام اليورو    جامعة القاهرة ترفع درجة الاستعداد القصوى والطوارئ بجميع مستشفياتها    وزيرة خارجية لاتفيا: سنعمل في مجلس الأمن لتعزيز الأمن العالمي وحماية النظام الدولي    الصحة: 58 مركزًا لإجراء فحوصات المقبلين على الزواج خلال فترة إجازة عيد الأضحى المبارك    رئيس الوزراء: إزالة تداعيات ما حدث بالإسكندرية تمت فى أقل وقت ممكن    مجلس الوزراء يوافق على اتفاقية مع الاتحاد الدولي للاتصالات لتحقيق التنمية الرقمية    مسلم يطرح أغنية جديدة بعنوان "سوء اختيار" من ألبومه الجديد    الإسكندرية ترفع حالة الطوارئ بشبكات الصرف الصحي استعدادًا لصلاة عيد الأضحى    مد فترة التشطيبات.. مستند جديد يفجر مفاجأة في واقعة قصر ثقافة الطفل بالأقصر    أول تحرك من «الطفولة والأمومة» بعد تداول فيديو لخطبة طفلين على «السوشيال»    البابا تواضروس الثاني يهنئ فضيلة الإمام الأكبر بعيد الأضحى المبارك    مسابقة لشغل 9354 وظيفة معلم مساعد مادة «اللغة الإنجليزية»    رابط نتيجة الشهادة الإعدادية الأزهرية 2025.. الاستعلام برقم الجلوس عبر بوابة الأزهر فور اعتمادها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في خطاب "داعش"
نشر في البديل يوم 01 - 08 - 2015

يقوم خطاب داعش على استدعاء مفاهيم معينة من المفاهيم الأصولية-الإسلامية الراسخة في علمي أصول الدين وأصول الفقه، ومن أهمها مفهوما "الردّة" و"تطبيق الشريعة". وصفت داعش عمليتها النوعية الأخيرة في سيناء (1-7-2015) باعتبارها عملية موجهة ضد جيش الردة المصري وشرطتها، "في غزوة مباركة يسر الله أسبابها تمكن أسود الخلافة في ولاية سيناء من الهجوم المتزامن على أكثر من 15 موقعا عسكريا وأمنيًا لجيش الردة المصري". ولمفهوم الردة في الإسلام تاريخ محدد من التطور، وهو يمثل في اتجاه تطوره حركة عكسية بالمقابلة مع مفهوم (الجهاد الدفاعي)؛ فقد ظهر مفهوم الجهاد في الأصول الإسلامية المبكرة ليفيد الدفاع عن الجماعة المسلمة الأولى ضد محاولات إرغامها على التخلي عن عقيدتها، وهي من تفسيرات {ويكون الدين كله لله}. ولكن سرعان ما انتصرت الدولة الإسلامية وتمددت جغرافيًا وديموجرافيًا، فتفرع عن مفهوم الجهاد الدفاعي، أو الجهاد في سبيل حرية العقيدة، مفهوم الردة، أو الجهاد لصالح قمعها. ومن الملاحظ أن ذلك التحول جاء مبكرًا للغاية (عهد أبي بكر الخليفة الأول)، وليس الزمن عاملاً هامًا هنا بقدر عامل آخر هو انتصار الدولة ذاتها، واعتبارها الخارج عن العقيدة بعد إيمانه بها عدوًا لها. يمثل مفهوم الجهاد الأول مفهومًا تجميعيًا، يدافع عن النواة الأولى، بينما يمثل مفهوم الردة حركة تفريقية، في قسمة المجتمع الواحد إلى مؤمن ومرتد.
والملاحَظ كذلك أن الخطاب الإرهابي لا يستعمل مطلقًا أية تعبيرات ذات توجه اجتماعي، كمواجهة القمع، أو الفقر. وهذا يعني احتمالاً من ثلاثة: إما أن الإرهابي ليست لديه قضايا اجتماعية أصلاً، أو أن الأصول الإسلامية نفسها التي يعتمدونها منفصلة عن التوجه الاجتماعي أو ضعيفة الارتباط به، أي أنها فاقدة كلاً أو جزءًا لرؤية اجتماعية محددة لدور المجتمع من مراعاة حقوق ومصالح أفراده، ودور الأفراد تجاهه في المقابل، وإما أن الإرهابي يستعمل هذا الخطاب لقدرته على الحشد المسلح بشكل مباشر تجاه الدولة بمنهج تبرير الوسائل. وكل هذه الاحتمالات صحيح؛ فصاحب القضية الاجتماعية لا يعمل على هدم المؤسسات وإسقاط الدول وتقسيمها الذي يتضمن بالبداهة ضياع مصالحه ومصالح الآخرين الاجتماعية، كما لا يستعمل خطابًا هو نفسه قمعي، ودون وضع مطالب اقتصادية أو اجتماعية محددة، كما أن الأصول الإسلامية نفسها -في رأيي- هي بالفعل ضعيفة الارتباط بالتصور الاجتماعي كما سيلي، بالإضافة إلى ذلك فلمفهوم الردة فعلاً صلاحية مباشرة للاستعمال في الخطاب الإرهابي.
وترجع صلاحية مفهوم الردة للاستعمال في خطابات الأصوليين-المسلحين أولاً لقدرته على توجيه حرب عقائدية، توظف مفهوم الجهاد توظيفًا داخليًا تجاه السلطة في المجتمع ذاته، أو جماعة معينة فيه، وليس ضد القوى الاستعمارية، فالمرتد أخطر من المستعمِر في اعتباره. والواضح أن الدولة الإسلامية المبكرة قد استعملت هذا المفهوم للتخلص من معارضيها، ثم انقلب المفهوم عليها ليستعمل ضدها في العصور التالية، وحتى اليوم. كما ترجع قوة هذا المفهوم ثانيًا إلى استقراره في منظومة العقيدة-الفقه الإسلامية؛ وعدم استقرار مفهوم المجتمع، أو المواطنة، أو الدولة الوطنية، في هذه المنظومة في المقابل بما يصنع معه تعارضًا وله بديلاً. والردة كمفهوم تفريقي ضد مفهوم المواطنة، هي حرب مفهومية قبل أن تكون عسكرية، وهو ظاهر كذلك في الاستهداف المنهجي لمواقع التراث في العراق والشام، والهدف منها تدمير هوية الدولة الوطنية لصالح هوية إسلامية، وليس التخلص من مظاهر شركية.
ويرجع عدم استقرار مفهوم المجتمع، أو المواطنة، أو الدولة الوطنية في المنظومة العقدية-الشرعية الإسلامية –برأيي- إلى ضعف التوجه الاجتماعي في الأصول الإسلامية، التي تنبني عند أغلب الفرق الإسلامية على أساس الأمر الإلهي الشرعي، وليس على أساس التجربة الاجتماعية؛ فمصدر القيمة عند أغلب الفرق الإسلامية-وبخاصة الأشاعرة-هو الأمر الإلهي، في حالة لا أدرية أخلاقية تقول بأن العقل البشري غير قادر على التفرقة بين الخير والشر، وهي النظرية التي قدر لها الانتصار والانتشار على حساب نظرية المعتزلة في التحسين والتقبيح العقليين. وما دام الأمر الإلهي هو مصدر التشريع، فلا يوجد من أساس للاجتماع المقبول غير كون الدولة (إسلامية) بالمعنى الأيديولوجي للكلمة، حيث لم ينص الشرع على أولوية الدولة. وهو ما يصب في صالح الأكثر تطرفًا من تنظيمات الإسلام السياسي، وهو أيضًا ما ينتج لدينا ظاهرة (الإرهاب بالقوة) في نهاية المطاف.
الإرهابي بالقوة هو كل مواطن يعتقد في المنظومة المفاهيمية التي يستعملها خطاب الإرهابي بالفعل. الإرهابي بالقوة لم يحمل سلاحًا بعد، لكنه يسير في الشارع ويجلس على المقهى على استعداد في أي لحظة للتحول إلى إرهابي بالفعل حين يحقق الإرهاب انتصارًا نوعيًا. وبالفعل، فكل مواطن مصري وعربي تقريبًا يؤمن بأن الدولة ليست هي النسيج الاجتماعي القياسي، فهي مجرد شكل وهمي، ويؤمن في قراره أن النسيج العقدي هو الأنقى كمًا والأقبل كيفًا.
الإرهابي بالقوة أخطر من الإرهابي بالفعل؛ فهو أوفر عددًا، وهو الجار والصديق والقريب، وهو الذي يمثل مجال معركة المثقفين المستقلين، إذا كان الإرهابي بالفعل مجالها عند الدولة. ولذلك فلنقْدِ المفاهيم الأصولية دور هام بقدر فاعليته في المعركة ضد الإرهابي بالقوة، وهذا النقد إما يكون بالتطوير الداخلي، بإعادة إحياء توجهات في الإسلام تؤدي إلى اعتبار الدولة كنسيج اجتماعي ينبغي على الجميع حفظه من التفكك، وذلك باعتبار أن الإنسان قادر على إدراك القيم اعتمادًا على العقل والتجربة الاجتماعية، أو يكون النقد لتفكيك هذه المفاهيم التي يعتمد عليها خطاب كالخطاب الداعشي كي لا يلاقي هذا الخطاب ما يتوافق معه عند الجمهور، الجمهور الذي هو ضده اليوم، لكنه ممكن جدًا أن يكون حليفه لو حقق انتصارًا نوعيًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.