أثار تصريح وزير الثقافة الألماني الذى قال فيه "إن تمثال نفرتيتي الأصلي ملك لنا ومصر ليس لديها سند قانوني لعودته" جدلاً واسع بين الأثريين حول أحقية مصر في رأس نفرتيتي، وحق المطالبة بعودتها إلى أرض مصر مرة أخرى. وتعد آثار العصر الإخناتونى أغلى آثار فى العالم، لما لها من أهمية خاصة، وفن نادر ومختلف عن بقية العصور، هذا بخلاف الغموض الذي يحيط بتلك الفترة المهمة من تاريخ مصر، فليست الآثار أحجارًا ومباني مُجردة، بل هي شاهد يحكي عبر العصور تاريخ حضارة هذا الوطن وعظمته، فلكل حجر حكاية ولكل مبنى تاريخ. وتمثال نفرتيتي أحد أشهر الأعمال الأثرية المصرية القديمة، وهو تمثال نصفي مدهون من الحجر الجيري، عمره أكثر من 3300 عام، نحته الفنان المصري تحتمس، وتم تهريبه خارج البلد عند اكتشافه، ووضع التمثال في عدة مواقع في ألمانيا منذ عثر عليه، بما في ذلك منجم ملح في "ميركس – كيسلنباخ"، ومتحف "داهليم" في برلينالغربية، والمتحف المصري في "شارلوتنبورغ"، والمتحف القديم في برلين، ومنذ 2009 استقر التمثال في متحف برلين الجديد إلى الآن، وأصبح رمزًا ثقافيًّا لبرلين وكذلك لمصر القديمة. وقال أحمد شهاب رئيس اتحاد آثار مصر "عن أى قانون يتحدث وزير الثقافة الألماني؟ وعن أى ملكية يقصد؟ فعمر التمثال الذى نحت لرأس الملكة يرجع إلى عام 1340 قبل الميلاد على يد الفنان تحتمس، أى أنه أقدم من تاريخ دولة ألمانيا، كما أنه معروف أن الألمان استولوا على التمثال عام 1913 مستخدمين وثائق مزورة. وأضاف "شهاب" أنه فى عام 1912م وجد عالم الآثار الألمانى لودفيج بورشاردت تمثالاً نصفيًّا ملونًا بتل العمارنة من المصيص للملكة الجميلة، ولكنها فقدت العين اليسرى، لم يستطع بورشاردت كتابة تقرير عن الرأس الملكية، فكتب "لا فائدة من الوصف.. لا بد من المشاهدة". وأكد أنه فى نفس العام، صدر قانون جديد للآثار كان لجاستون ماسبيرو مدير مصلحة الآثار فى ذلك الوقت، ينص هذا القانون على "ألا يسمح للأشخاص بالتنقيب، وأن يقتصر التنقيب فقط على البعثات العلمية، بعد الموافقة على مشروعها، ويتم اقتسام الآثار مع البعثات المكتشفة، على أن يحصلوا فقط على القطع التى لها مثيل مكرر بمتحف القاهرة، ولا يمنح القائم على الحفائر تأشيرة خروج من مصر إلا في حالة تركه الموقع الأثرى في صورة مرضية". وضع هذا القانون للحد من نهب وتدمير آثار مصر من المغامرين، ولكنه استخدم بطريقة سيئة للغاية. وتابع "فى عام 1913 تقدمت البعثة الألمانية للمطالبة بنصف الآثار طبقًا لقانون ماسبيرو، ولكن اعتقد أن الآثار لا تستحق التفتيش قبل الخروج، وكان ذلك إهمالاً شديدًا من ماسبيرو مدير مصلحة الآثار فى ذلك الوقت، وتم طمس التمثال بالطين ووضعه ضمن قطع مكسورة؛ حتى لا يلفت الانتباه، ومع الرشوة للموظفين وغيرهم وصل الرأس الملكى إلى ألمانيا فى نفس عام 1913، وظل الرأس بعيدًا عن الأعين حتى تم عرضها عام 1920، ولكن لم يتم الكشف عن حقيقته إلا عام 1923 عندما أعلن بورشاردت أن هذا التمثال مصنوع من الحجر الجيرى وهو خاص بزوجة إخناتون الملكة نفرتيتى". وأشار أمير جمال منسق حركة "سرقات لا تنقطع" إلى أنه تم اكتشاف مخزن الفنان تحتمس فى السادس من ديسمبر عام 1912 في تل العمارنة بواسطة الألمانى "أن بورشارت"، وعثر على أكثر من 30 رأسًا معظمها غير مكتمل، سرقها كلها، وترك لمصر أربع أو خمس قطع، تمتلك وزارة الآثار أدلة قاطعة تثبت أحقيتها فى بعض تلك القطع، ولكن لم تقدم شيئًا، ولم تفعل شيئًا لاسترداد هذا الحق. وأوضح "جمال" أن رأس "نفرتيتى" هو التمثال الوحيد الذي وجده الألماني مكتملاً، وفور اكتشافه قام بسرقته بخدعة، فقد كان يدرك الأهمية الفنية والتاريخية لتمثال نفرتيتي والتماثيل الأخرى، وبمجرد اكتشافه للتمثال، قام بإخراجه من مصر عام 1913 في مخالفة لعملية اقتسام الآثار المتشابهة في ذلك الحين، حيث أعطى لمصر فقط خمس قطع، بينما أخذ الباقى، فقد كتب الألمانى مذكرة الحفائر الخاصة بالقسمة بين مصر وألمانيا في ذلك الوقت، واصفًا تمثال نفرتيتى على أنه تمثال لأميرة ملكية من الجبس، على الرغم من علمه أن التمثال للملكة نفرتيتي، مما يؤكد أنه كتب هذا الوصف لضمان حصول بلاده ألمانيا على هذا التمثال. وقال يجب أن يتم تقديم الأدلة التى تثبت أحقية مصر فى تلك الآثار إلى المحاكم الألمانية وكذلك الآثار فى إيطاليا وأمريكا، فمصر تمتلك البروتوكول ومذكرة الحفائر الخاصة باقتسام الآثار المكتشفة التى حدث فيها التقسيم بصورة مخالفة للقانون، وتلك المذكرات والصور تثبت يقينًا أن الآثار سرقت بصورة مخادعة ومضللة، فلم لا تتحرك وزارة الآثار وتقدم تلك المستندات إلى المحاكم؟