«رمضان».. شهر ينتظره المسلمون في مصر وأنحاء العالم أجمع للتمتع بالروحانيات والفضائل، لكنه لم يسلم من الانفلات الأخلاقي الذي يمر به المجتمع المصري حالياً. فإلي جانب العنف والدموية التي انتابت الشارع المصري خلال الآونة الأخيرة، جاءت هجمة شرسة أخري ضد قيم وأخلاقيات المصريين في رمضان بطلتها الدراما التليفزيونية، فالمتابع لمسلسلات العام الحالي يلاحظ التدني الأخلاقي المتمثل فى عرض صور للبلطجة والعري والعادات السيئة، غافلة تماماً كل الجوانب الإيجابية والتي ربما اقتصرت فقط في الشهر الكريم علي إعلانات التبرعات والجمعيات الخيرية. من جانبها، أصدرت نقابة المهن التمثيلية بياناً يشير إلى حالة الإسفاف ببرامج ومسلسلات شهر رمضان، داعية إلي مقاومة التشويه وتردي قيم المجتمع ومحاولات طمس الهوية من خلال عرض برامج ومسلسلات تتناول ألفاظ معيبة تسيء للأخلاق، إضافة إلي إثارة الرعب من العنف المتزايد والتحرش اللفظي والمادي، من أجل حفنة جنيهات. أخلاقيات العشوائيات تهيمن علي المجتمع يقول الدكتور جمال فرويز، الاستشاري النفسي، إن الفترة الأخيرة شهدت سقطات أخلاقية هائلة فى المجتمع المصري نتيجة انحدار المستوي الثقافي للمواطن، مشيراً إلي اندثار شريحة المثقفين والقراء من بين المواطنين، فلا يوجد حالياً من يقرأ لأدبائنا مثل نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس وغيرهم سوي أعداد قليلة، مما يعكس حالة التردي الثقافي التي نعيشها والتي انعكست علي الأخلاقيات، فساهمت في انحدارها إلي الهاوية. ويضيف "فرويز" أن أخلاقيات المجتمع انهارت منذ عقود نتيجة الخنوع للظلم والقبول بالوضع المزرى الذي كان المصريون يعيشونه خلال السنوات الماضية، ومعايشة تدمير القيم والأخلاقيات التي نشأ عليها أجيال عديدة من المواطنين وشاركت تلك الأجيال في نهايتها لعدم استطاعتها الوقوف في وجه الطغيان، ولذا فلا يجوز القول حالياً إن الدراما هي التى صنعت ذلك، وإنما تعكس الوجه الحقيقي القبيح للمجتمع. وتابع الاستشاري النفسي أن أخلاقيات العشوائيات أصبحت المسيطرة علي الدراما المصرية خلال الفترة الأخيرة، مطالباً بضرورة التصدي لتلك الظاهرة قبل أن تستشري لتهيمن علي المجتمع بأكمله وتهوي به إلي النهاية. المال.. كلمة السر وراء سقوط الدراما من جانبها، تقول الدكتورة إنشاد عز الدين، أستاذ علم الاجتماع بجامعة المنوفية، إن الدراما الرمضانية لم تراع أبسط قواعد الأخلاق بالنسبة للشهر الفضيل، وأصبحت مشاهد العري والعنف كأنها أمر طبيعي، مشيرة إلي أن الوضع العام بالنسبة للدراما المصرية أصبح في غاية السوء بعد الاهتمام من جانب المؤلفين والمنتجين بالشخصيات التي تمثل الجانب السلبي بالمجتمع مثل البلطجي والفاسد وغير ذلك وتصويره بأنه المواطن المصري الطبيعي. وتوضح "عز الدين" أن الأزمة التي لم ينتبه إليه أحد تكمن فى خطورة هذه المسلسلات والأعمال الدرامية على الأسرة المصرية، خاصة الأطفال، وانعكاس تلك الأدوار علي شخصيتهم، لافتة إلى اختفاء الأعمال التاريخية التي تشرح للأجيال الجديدة تاريخ الدولة والإسلام، بالإضافة الي المسلسلات التي كانت تتناول بعض القيم والمبادئ بالمجتمع وترسخها في وجدان المواطن؛ نتيجة البحث المستمر من جانب القائمين علي الدراما للمال، مطالبة الدولة بالتدخل لإنقاذ المجتمع من الانهيار في الهوة الأخلاقية.