"القومي لحقوق الإنسان" يرصد تكدس السجون وسوء أماكن الاحتجاز تقارير حقوقية تكشف وفاة العشرات نتيجة التعذيب "أقسمت أن أحافظ على النظام الجمهوري الذي أسست له ثورة يوليو المجيدة إحقاقا للحق وإرساء للعدالة والمساواة، وصيانة لكرامة المواطن المصري، وأن أحترم الدستور والقانون، دستورنا الجديد، دستور دولتنا المدنية وحكمنا المدني". بذلك القسم بدأت الساعات الأولى لحكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، مؤكدا أن كرامة المواطن المصري كأحد مطالب ثورة يناير أصبحت ضمن اهتماماته التي سيسعى لتحقيقها والحفاظ عليها، ومع الأيام الأخيرة لعامه الأول، بادر عدد من منظمات المجتمع المدني على رأسها المجلس القومي لحقوق الإنسان بإصدار عدد من التقارير التي تؤكد أن التعذيب في السجون والمعاملة السيئة للمحتجزين تتصدر المشهد السياسي الحالي، بجانب الاختفاء القسري لبعض الأشخاص الذين عانت أسرهم لمعرفة أماكن احتجازهم، وهو ما يخالف الدستور والقانون وأيضا "قسم الرئيس". المادة 55 التي أقسم عليها الرئيس: نصت المادة 55 من الدستور على أن «كل من يقبض عليه، أو يحبس، أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنيا أو معنويا، ولا يكون حجزه، أو حبسه إلا في أماكن مخصصة لذلك، لائقة إنسانيا وصحيا، وتلتزم الدولة بتوفير وسائل الإتاحة للأشخاص ذوي الإعاقة، ومخالفة شيء من ذلك جريمة يعاقب مرتكبها وفقا للقانون». السجون مكتظة والموت بطيء: أصدر المجلس القومي لحقوق الإنسان تقريره السنوي الذي أكد فيه أن الأوضاع في السجون ومراكز الاحتجاز تعاني من تكدسات مخيفة من المتهمين، حيث تصل نسب التكدس في السجون إلى ما يجاوز 160 في المائة من قدرتها الاستيعابية والخدمية، كما تبلغ نسب التكدس في الأقسام الشرطية أكثر من 400 في المائة من حجم قدرتها الاستعابية. ومن جانبه، أصدر مركز النديم لتأهيل ضحيا العنف والتعذيب تقريره الذي أكد أن هناك تصريحات عن محتجزين سابقين في سجن الوادي الجديد، أشاروا فيه إلى أن أكثر من 5500 محتجز يقيمون في سجن يضم 12 عنبرا، في كل عنبر 20 زنزانة، فضلا عن تعنت إدارة السجن ضد أسر المحتجزين في الزيارات. الإهمال والتعذيب شعار السجون والأقسام أشار تقرير المجلس القومي لحقوق الإنسان إلى أن انتهاك الحق في الحياة جاء ضمن الانتهاكات التي رصدها التقرير، حيث توفي العشرات من المسجونين والمحبوسين داخل أماكن الاحتجاز، ووصل عددهم إلى 36 متوفى طبقا لإحصائيات وزارة الداخلية، و98 حسب تقارير المنظمات الحقوقية المستقلة. فيما أصدر مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، تقريره عن حالات التعذيب والاختفاء والانتهاكات في حق المواطنين عن شهر مايو الماضي، وكشف فيه عن وجود عشرات الانتهاكات في حق سجناء ومحتجزين. وقال التقرير، إن هناك 23 حالة وفاة، منها 4 حالات نتيجة الإهمال الطبي، و4 حالات ضرب أصحابها بالرصاص أثناء فض مسيرات، و3 حالات نتيجة التعذيب و3 بسبب هبوط حاد في الدورة الدموية، وقتل في مشاجرة مع الشرطة، وذبح بواسطة محتجزين. وأشار التقرير، إلى رصد المركز 49 حالة تعذيب، منها 3 حالات تعذيب وتكدير جماعي في سجون الوادي الجديد وطره ومعسكر الشلال بأسوان، وحالتي تعذيب جنسي، فيما هناك 20 حالة إهمال طبي شملت أمراض الغدة النكفية والجرب وأزمات قلبية وفشل كلوي ونزيف وجلطات. وشمل التقرير أيضا، 19 حالة إخفاء قسري، و6 حالات تكدير وتشريد جماعي في كل من حوض المثلث بالمنتزه، وقرية سرسو والبصارطة وبني سويف، بالإضافة لتطبيق حكم الإعدام على 6 أفراد، و3 حالات اتخذوا رهائن للضغط على أقاربهم لستليم أنفسهم. العام الأول شهد الانتهاك بجدارة: قال محمد لطفي، المدير التنفيذي للمفوضية المصرية، إن الوضع الاستثنائي الذي تمر به مصر الآن ليس مبررا لما ترتكبه وزارة الداخلية من جرائم انتهاك الحريات واختطاف المواطنين واحتجازهم دون الإعلان عن أماكنهم وتعذيبهم ووفاة بعضهم إما نتيجة للتعذيب أو الإهمال الطبي. وأكد أن ما يقرب من 90 حالة تم توثيق وفاتهم إما بسبب التعذيب أو الإهمال الطبي، وهناك حالة من التعسف في إنقاذ مسجون مريض وعرضه على الطبيب أو إجراء عملية جراحية له أو توفير العلاج المحتاج له على الأقل، وهذا يؤكد المعاملة غير الآدمية التي يتعرض لها السجناء داخل أماكن الاحتجاز، بجانب حالة الاكتظاظ التي تشهدها تلك الأماكن وفقا لبعض الشهادات وتقرير المجلس القومي لحقوق الإنسان. وأضاف أن لابد من وقف انتهاك كرامة المواطن عن طريق مجموعة من الأساليب منها ضبط الحبس الاحتياطي التي تطول مدته بالمخالفة للقوانين المصرية والدولية، بجانب السماح لمنظمات المجتمع المدني بالإشراف على السجون والأقسام، وتفعيل مبدأ محاسبة مرتكبي الجرائم في حق المحتجزين. وقال محمد صبحي، الحقوقي بمركز نضال، إن السيسي لم يحقق حرفا مما أقسم عليه، فانتهاك ودهس كرامة المواطنين، وعودة زوار الفجر، واختفاء مواطنين وعدم معرفة أماكن احتجازهم، إلى جانب وفاة بعض المحتجزين، فضلا عن تلفيق القضايا، ممارسات لا تمت للإنسانية بصلة ومازالت تتم. وأضاف أن كرامة المواطن تدهورت هذا العام دون أن يستطيع أحد الاعتراض، لأن الاعتراض يعني الحبس، حتى إن عددا من المهنيين الذين كانوا ينعمون بحماية في السابق أصبحت آدميتهم منتهكة هذا العام، مثل انتهاك حق الصحفي ومنعه من ممارسة عمله وكذلك المحامي وأعضاء المجتمع المدني. وأشار إلى أن الدولة المدنية التي أقسم السيسي على صيانتها لم توجد من الأساس، فالقبضة الأمنية عادت بقوة من جديد بدعوى الحرب على الإرهاب، وأخبار التعذيب والاختطاف أصبحت كثيرة لدرجه تجعل الحقوقيين غير قادرين على المتابعة، متسائلا: أين العدالة في تنفيذ حكم الإعدام على 6 شباب لم تنته الإجراءات القانونية لمحاكمتهم ودون سابق إنذار ودون حتى إبلاغ ذويهم. من جانبه، أكد كريم عبد الراضي، الناشط الحقوقي، أن وعود الرئيس كانت مجرد كلمات وعبارات رنانة، فقد وعد بإرساء العدالة والمساواة وفعل العكس، وسادت سياسة الكيل بمكيالين، وتمت محاكمة النشطاء محاكمات هزلية لم تتوافر لها أبسط شروط العدالة، وأهدرت حقوق دفاعهم، وصدرت أحكام إعدام بالجملة، واستخدم الحبس الاحتياطي كعقاب للتخلص من الخصوم السياسيين، في الوقت الذي يحاكم فيه مبارك والمتهمون بقتل المتظاهرين مطلقي السراح، فضلا عن أن الأحكام القضائية لم تنفذ ضد مؤيدي النظام، وصدر قانون يميز الأجانب أمام القضاء. وأشار إلى أن المحامي كريم حمدي، توفي بسبب التعذيب ولم يحاكم أحد، وآلاف المواطنين مسجونون دون أحكام قضائية، مضيفا أن الرئيس وعد بدولة مدنية، ولكنه أقام دولة بوليسية، الكلمة الأولي والأخيرة فيها للأجهزة الأمنية.