فى ظل تزايد أعداد الحاصلين على مؤهلات عليا الباحثين عن أية وسيلة للخروج للعمل بالخارج، وفى ظل الآلاف الذين يلجؤون للهجرة غير الشرعية، ومنهم من ينجو فى ذلك ومنهم من يدفع حياته ثمن المحاولة؛ للبحث عن فرصة عمل تساعده على عيشة كريمة. وعلى الرغم من أن هناك ما يسمى ب"البطالة" التى تزايدت بشكل مرعب فى الأعوام الماضية، لم تستطع أية حكومة راحلة أن تنكر هذه الظاهرة، أو تستهين بعواقبها غير المحمودة، بل تسارعوا فى كتابة المجلدات والدراسات؛ لمعالجة هذه الظاهرة والقضاء عليها. وعلى الرغم من أن البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أشارت إلى أن عدد العاطلين عن العمل بلغ نحو 3.7 مليونًا مقابل 3.5 مليونًا في الربع الأخير من 2012، بزيادة 4.1 في المائة، وأضاف الجهاز أن 63 في المائة من إجمالي المتعطلين شباب في الفئة العمرية (15 – 29 سنة)، ويمثل 67.6 في المائة من إجمالي المتعطلين من حملة المؤهلات، منهم 43.3 في المائة حاصلون على مؤهلات متوسطة وفوق المتوسطة، و24.3 في المائة من أصحاب المؤهلات الجامعية وما فوقها. وعن البطالة في مصر أوضح تقرير البيت العربي أنها سجلت 13,1 %، وبلغ نصيب الشباب منها 25% بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في ظل ضعف أداء النشاط الاقتصادى، الذي أدى إلى ارتفاع تكلفة تمويل أعباء الدين العام الحكومي الذي بلغ نحو 95.5% من الناتج المحلى فى يونيو 2014، وذلك مقابل 79% فى عام 2009/ 2010. ورغم كل هذا، جاء تصريح خالد عبد العزيز وزير الشباب والرياضة بأن مصر ليست بها بطالة إطلاقًا، وأن نسبة البطالة في البلد التي تقول الإحصائيات إنها 13% هي "نسبة غير حقيقية". وتعليقاً على ذلك يقول رئيس الاتحاد المصري للحماية الاجتماعية ولسياسات التنمية صلاح هاشم "فى مصر يوجد لدينا موظفون برتبة وزراء وليسوا مسئولين، ولكن مصر تحتاج فى واقع الأمر إلى مسئولين مبدعين، وهو ما لا يتوفر الآن فى تلك الحكومة"، محذرًا من أن غياب حكومة الإبداع والمسئولية سيترتب عليه أن تظل مصر دون تطور، وستظل فى الانحدار. ولفت إلى أن تلك التصريحات تدل على ضعف القدرات الشخصية لدى وزير الشباب والرياضة، وليس هو فقط، بل أغلب الوزراء، والدليل على ذلك تصريحات وزير العدل ووزير التعليم العالى وزير الثقافة، فهذه الظاهرة تؤكد أنهم غير قادرين على حل الأزمات، وبالتالى فإن إنكارها والتهكم على المواطنين أسهل الطرق وأبسطها لديهم؛ حيث إنها تنقذهم من سؤال "ما الحل؟".. ذلك السؤال الذي لن يستطيعوا الإجابة عنه. وأوضح هاشم أنه "فى مصر يوجد ثلاثة أنواع من البطالة: بطالة موسمية، وبطالة مقنعة، وبطالة عادية. وأقلها خطرًا البطالة الموسمية أو السافرة، والدول الأوربية والتى تحارب البطالة على قدم وساق تعمل بأسلوب البطالة المقنعة؛ لتفادى خطر البطالة العادية"، مؤكدًا أن معدل الفقر بعد الثورة زاد (وفقًا لتقديرات وزارة الداخلية) حتى وصل إلى 140 % عن الأعوام السابقة، مشيرًا إلى أن هناك دراسات أكدت أن 17% من سكان مصر وصل الى خط الاحتياج الذى يتعدى خط الفقر، وبالتالى إذا كانت البطالة بالفعل غير موجودة فى مصر، فمن أين أتى الفقر؟! ولماذا يرتفع بهذا الشكل؟! ولماذا تزداد بشكل مرعب أعداد اللاجئين للهجرة غير الشرعية بهذا المعدل؟! مشددًا على أنه "لا بد للدولة أن تكف عن الاستخفاف بعقول المواطنين، وعليها أن تعترف بعجزها عن حل المشكلات". وأكد رئيس الاتحاد المصري للحماية الاجتماعية أن عدم الترابط بين الحكومة أصبحًا واضحًا جدًّا، فوزير العدل يدلى بتصريحات تغضب الشعب، ووزيرة البيئة تعترض وتطلق عيدًا لعمال النظافة ردًّا على تصريحاته، بجانب أن الجهاز المركزى للدولة يصرح بأرقام تدل على البطالة، ووزير الشباب والرياضة يشكك فيها، واصفًا الحكومة بأنها "غير متحملة للمسئولية على الإطلاق ومترهلة". وقال عبد الغفار شكر رئيس التحالف الشعبي الاشتراكي إن تصريحات وزير الشباب غير صحيحة بالمرة؛ فالبطالة فى مصر بلغت رقمًا قياسيًّا؛ لأنها وصلت لما يقرب من 13 %، كما أنها فى زيادة سنوية؛ نتيجة للتوقف عن إنشاء مصانع جديدة، بجانب عدم تشغيل المصانع المتوقفة والتى تعيش أزمات بين العمال والمستثمرين ، إضافة إلى عدم وجود فرص عمل حقيقية للواصلين لسن العمل. كل هذه الأسباب تجعل مشكلة البطالة تتضخم سنويًّا، وتجعلها قنبلة موقوتة، وعلى الدولة إبطالها. كاشفًا عن أن بعض الوظائف التى ذكروا أنها لا تجد من يعمل هي ببساطة لا تناسب سوق العمل، كما أن أجورها متدنية، مطالبًا الدولة بتدريب الشباب واستغلال طاقاتهم؛ لتحويلهم إلى أيدى عاملة ومنتجة، فإن كانت الدولة تسعى لإنهاء مشكلة البطالة، عليها أولاً أن تضع خطة تنمية حقيقية، وأن توفر فرص عمل للشباب البالغين سن العمل .