خبراء ينتقدون الأداء الحكومي.. ورجال الأعمال الحاكم الفعلي محدودو الدخل خارج الاهتمام.. وحديث المسؤولين باسمهم للتضليل النظام لن يسمح بالعدالة الاجتماعية.. والسيطرة على الدولة أهم أولوياته قياديون بالوزارات ولاؤهم لأمريكا.. ويخططون لمنع تقدم الوطن انتقد خبراء سياسيون واقتصاديون أداء الحكومة في تعاملها مع المشاكل والأزمات التي يعيشها المواطن المصري وتمثل له معاناة يومية، فمن ارتفاع أسعار الخدمات المقدمة من الحكومة كالكهرباء والغاز والمياه، إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية ومتطلبات الأسرة، إلي التلوث وأزمات المواصلات والسكن والتعليم والصحة، بجانب تقييد الحريات والحقوق السياسية، كل ذلك جعل من المواطن جسدا مريضا أوشك على الاحتضار. يقول الدكتور جمال فرويز، الاستشاري النفسي: "عقب ثورة يناير تنامي الشعور لدي المواطن بالانتماء للدولة، وظهر ذلك جليا في تنظيف الثوار لميدان التحرير بعد انتهاء الاعتصام، وتجمع المواطنون لإقامة اللجان الشعبية عندما تدهور الوضع الأمني، لكن للأسف فشلت الدولة في استغلال تلك المشاعر وتوظيفها لخدمة المجتمع، فاستمر مسلسل اضطهاد الفقراء والمستضعفين من الشعب والاقتطاع من قوتهم، وازدادت الأزمات والضربات الموجعة التي يواجهها يوميا"، موضحاً أن ذلك أدي إلي عودة الشعور بكراهية البقاء بالدولة والرغبة في الهجرة والانتحار. وأشار إلي أن ما حدث هو نتيجة تغلغل أشخاص أصبحوا قياديين حاليا بالوزارات والهيئات الحكومية ولديهم خطط لإعاقة نهوض الدولة ومحاولة القضاء علي كافة الفرص المتاحة للتقدم والازدهار، موضحاً أنه ومنذ عام 76 وبداية التغلغل الأمريكي بالبلاد أصبحت قيادات الدولة تدين لها بالولاء، وتنفذ كافة مخططاتها لإيقاف سفينة الوطن ومنعها من الوصول لبر الأمان. وشدد علي أن المواطن البسيط سيصل في مرحلة ما إلي محاولة الحصول علي حقوقه بأية طريقة قد تصل إلي استخدام العنف، الأمر الذي قد يؤدي إلي انهيار المجتمع، فالمواطن ومنذ ثورة يناير لم يشعر بالتحسن في حياته المعيشية، بل زادت الأسعار أكثر من 60% عن ذي قبل، وبالمقابل لم تتحسن مستويات الأجور، مما ضاعف العبء الملقي علي كاهله، وساهم في وصوله لمرحلة الانفجار، لافتاً إلي أن الدولة لم تضع حلولاً علي المستوي القريب أو البعيد لمواجهة تلك الأزمات، مما يجعل المواطن مقتنعا بأن الدولة لا تحاول مساعدته ولا تهتم به، وبالتالي سيسعي هو الآخر لعدم الاهتمام بالدولة والوطن، مما سينعكس سلباً علي المجتمع في النهاية ليصل إلي مرحلة الانهيار والتفكك. ويقول الدكتور جهاد عودة، أستاذ العلوم السياسية، إن المشكلة الحقيقية في مصر تكمن في عدم وجود نظام يريد أن يحكم الأسعار ويسيطر عليها وصولا لراحة المواطن، وإنما تبحث دائماً عن تضليل الرأي العام وتوجيهه بعيداً عن المشكلة الحقيقية المتمثلة في سيطرة رجال الأعمال علي الدولة ومقاليد الحكم وبالتالي لن يسمحوا لأنفسهم بالخسارة. وأضاف: الدولة تخدع المواطن بحديثها عن محاولة حماية محدودي الدخل عن طريق زيادة الحد الأدني وما إلي ذلك ولكنها في المقابل تسمح بزيادة أسعار السلع السوقية بالإضافة إلي الخدمات المقدمة من جانبها كالكهرباء والغاز والمياه، وبالتالي لا يجوز لها أن تتحدث عن اهتمامها بمحدود الدخل وهي تحاربه وتقضي عليه. وأكد أن النظام لن يسمح بتحقيق عدالة اجتماعية للمواطن البسيط كي يبقي سيطرته علي الدولة، ولاستمرار تدفق المكاسب لرجال الأعمال الحاكم الحقيقي للبلاد، لافتاً الي أن المواطن يحتضر نتيجة الكوارث التي يتعرض لها يوميا وربما يمكن اعتباره متوفى إكلينيكياً. يقول الدكتور سرحان سليمان، الخبير الاقتصادي، إن المشكلة الحقيقية تكمن في ولاء النظام للطبقة الرأسمالية، وبالتالي فهي منوط بها حماية مصالح تلك الطبقة والتي تتعارض مع مصالح الفقراء والبسطاء من مواطني الشعب، وبالتالي فلا مجال لحديث الحكومة عن اهتمامها بمحدودي الدخل، لافتا إلي أن ارتفاع الأسعار الذي يعاني منه المواطن ناتج عن انعدام رغبة الحكومة في اقتطاع الأموال من الأغنياء، ولذا فقد توجهت نحو الطبقة الأقل شأناً والتي لا تستطيع الاعتراض. وأضاف أن معدلات التضخم والبطالة ارتفعت، بالإضافة إلى المؤشر العام للأسعار الاستهلاكية، مما يفيد بتدهور الوضع الاقتصادي للمواطنين والذي أكدته البيانات الصادرة من الدولة والتي توضح أن الوضع يسير من سيئ إلى أسوأ، مؤكدا أن القضاء على الطبقة المتوسطة خلال السنوات الأخيرة ساهم في زيادة الفجوة بين الطبقتين الغنية والفقيرة؛ مما أدى إلى ازدياد الأغنياء غنى والفقراء فقراً، وأن الحكومة فشلت في تغيير منظومة الدخول لتحقيق عدالة الأجور، ففي حين يوجد 8 ملايين موظف يعتمدون في معيشتهم على مرتباتهم من الدولة، لم تساهم الدولة في تحسين مستواهم المعيشي حتي الآن. صحة المواطن المصري أخر مايشغل بال النظام يقول الدكتور محمود عمرو، مؤسس المركز القومي للسموم، إن المشكلة الأساسية التي تواجه المواطنين بشأن تلوث المياه تتمثل في تهالك الشبكة المسؤولة عن نقل المياه إلى المنازل من محطات التحلية، فهي ملوثة وتعرض حياة المواطنين للخطر بينما المسؤولون لا حياة لمن تنادي ويتركون الأمر حتي يستفحل كما هو الحال حالياً. وأضاف أن الأزمة الحقيقية تتمثل في تعرض المواطنين للتسمم المزمن حتى حال نجاتهم من التسمم الحاد مما يجعلهم معرضين لتدمير الكلي والكبد، موضحا أن الدولة تتجاهل حماية المواطنين وكأنها لا تكترث ببقائهم علي قيد الحياة، أو كأن صحة المواطن المصري آخر ما يشغل بال النظام والحكومة.