في عيد سيناء نعود ونكرر أن أكتوبر ليست آخر الحروب، وأن هذا العيد يجب أن يكون الخروج الأخير لهم، والتحرير الأخير لنا. وأن معاهدة السلام استراحة مقاتل لا نهاية للقتال. وأنها مجرد مرحلة ستتلاشى على منعطف العقيدة والاستراتيجية معًا فهذا المسار الحرج بين الهدنة والحرب بيننا وبينهم، كما هو الأطول عمرًا والأكثر غموضًا في احتمالاته فهو كذلك الأوضح نهاية وحتمية. وأردنا أو لم نرد تلك الاستراحة ستنتهي يومًا بحرب خامسة بيننا وبينهم، لن تكتب تلك المرة في التاريخ.. بل عندها سينتهي التاريخ، وستكون أشبه بيوم الحشر، بل هي ما قبل الحشر حيث يلتقي الجمعان، وتكون سيناء أرض الميعاد لنا ولهم. لسنا مبالغين أبدًا عندما نعتقد أن الحروب الأربعة التي مضت كانت مقدمة لتلك الحرب القادمة، والأصح توصيفها على أنها الجولة الأخيرة للجولات الأربعة التي لم تحسم الحرب الأولى بعد. ومن المغالطة الظن بأن حربنا القادمة مع اليهود ستكون حرب أجناس فاليهود ليسوا جنسًا أكثر منهم طائفة مشردة لا ترتقي حتى إلى درجة القومية، وبهذا وجب علينا أن نصرف النظر عن أكذوبة أننا أبناء عمومة، ونُبقي على حقيقة واحدة، وهي نهايتهم القادمة. بعد هذا التقديم عن طبيعة تلك الحرب. أعجلونا نمثل الصراع بجولاته الأربعة السابقة ومسودة الخامسة على شكل بياني، المحور الأفقي فيه الجغرافيا والمحور الرأسي التاريخ، ويكون العرب على شكل خط مستقيم وإسرائيل منحنى متعرج، ويبدأ الرسم بتقاطع المنحنى والخط في 1948م ثم تقاطع آخر في 1956م ثم 1967 م وأخيرًا أكتوبر 1973م، ثم نكمل مسار كل من الخط والمنحنى دون تقاطع إلى يومنا، ونفصل بينهم بخط نكتب عليه هدنة، وسنجد عند النظر لتقاطعات الصراع الأربعة أنها لم تكن متباعدة على محور التاريخ، وهذا التتابع الزمني رغم ضرورته، فقد استهلك الدافع حيث القضية واكتفى بالدفاع حيث الأرض. أما على محور الجغرافيا نجد تقاطعات الصراع ثابتة ومكررة، في تقاطعاتها الثلاثة بعد الأولى عند نقطة بالجغرافيا. تلك النقطة هي سيناء وعند التقاطعين الأخيرين 67 و73 نجد قواسم عربية مشتركة في التقاطع على محور الجغرافيا، لكنها متباينة الأولوية بالنسية للعدو وسنجد تركيزًا أكبر منه على سيناءوفلسطين كنقطة ارتكاز لمسار صراعه في كل جولاته. ولنكمل الشكل بعد التقاطعات لنصل ليومنا لنجد أن منحنى العدو وخطنا قد تباعدا على محور التاريخ، إلَّا أنهم باقون عند نقطة بداية واحدة على محور الجغرافيا، وهي نقطة الأصل حيث فلسطين فعند هذا التباعد الفاصل فيه خط الهدنة يمكننا أن نزيل هذا الخط لنتخيل انعطاف المنحنى وانكسار الخط، بقوة دفع التباعد والتاريخ نحو التقاطع الأخير لنجد انكسار الخط العربي أكثر حدة ومنحنى العدو أكثر التواء ليقع التصادم لا التقاطع. هذا التصادم بأشد أشكاله سيكون عند نقطة التكرار والثبات على محور الجغرافيا، حيث سيناء هي نقطة الفصل والنهاية على محور التاريخ، والتي نعتقد أن عمرها لن يتجاوز عمر ما مضى من تباعد.