بين 1.8 و2.7 تريليون جنيه، بمتوسط 1 تريليون دولار.. هو حجم الاقتصاد الموازي في مصر، وفقًا لدراسات خرجت من مركز معلومات مجلس الوزارء في نهاية عام 2014، على الرغم من أن الرقم يؤجج المصادمات ويثير التساؤلات بشان الدور الحكومي في مكافحة ذلك الاقتصاد في الوقت الحالي، إلَّا أن الإحصائيات تستمر في الصعود والهبوط حول النسب التي يمثلها الاقتصاد الخفي. الاقتصاد الأسود.. مفهوم مطاطي وإحصائيات غير مؤكدة على الرغم من أن ظاهرة الاقتصاد غير الرسمي ظاهرة لا تخصضع للقياس الإحصائي أو الملاحظة الدقيقة، لكن يمكن التوصل إلى تقديرات لها من خلال الطرق المختلفة، فهو مفهوم مطاطي لا يمكن الوقوف على تعريف محدد وثابت له، فهناك إحصائيات تقدر حجم الاقتصادين بنحو 139 و400 مليار دولار، بمتوسط 269 مليار دولار لعام 2014، وفقًا لدراسة أخرجتها الأممالمتحدة في نوفمبر 2014. ووفقًا للدراسة التى أجراها "Buehn ,Schneider 2009″ فقد جاء ترتيب مصر 31 من بين 57 دولة نامية من حيث نسبة القطاع غير الرسمي، كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، مع الأخذ في الاعتبار أن هذه النسبة تتزايد مع الوقت إلى أن بلغت 40%، أى معدل نموه يتساوى مع معدل نمو القطاع الرسمي. أما معهد دراسات التنمية "الحرية والديمقراطية" "مركزه في جمهورية بيرو"، أعلن قبل عام أن حجم الاقتصاد غير الرسمي بمصر، بلغ 400 مليار دولار. ويشير التقرير إلى أن هذا الرقم أكثر من القيمة السوقية للشركات المسجلة بالبورصة المصرية ب30 مرة. ويلفت المركز إلى أن الاقتصاد الموازي يشغّل 9.6 مليون مصري، في حين أن القطاع الخاص القانوني يشغّل 6.8 مليون شخص، والقطاع العام يوظف 5.9 مليون مصري. في حين تشير دراسة نشرت في سبتمبر الماضي عن مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، إلى أن حجم الاقتصاد غير الرسمي يقدر بين 1.2 تريليون جنيه "167 مليار دولار" و1.5 تريليون جنيه "209 مليارات دولار"، أي ما يوازي 65% إلى 70% من حجم الاقتصاد الرسمي. وتلفت الدراسة إلى أن السوق السوداء تضيّع 300 مليار جنيه كإيرادات للدولة. وتعتبر الدراسة أن أرقام "الحرية والديمقراطية" مبالغ بها. تعدد الإحصائيات والنتجية واحدة على الرغم من تعدد الإحصائيات إلَّا أن النتجية واحدة، وهي أن الاقتصاد الموازي يعتبر من مظاهر التخلف في المجتمعات، لما له من أضرار في هدر الموارد المادية والبشرية وسوء استغلالها، مما يؤدي إلى تفاقم معدلات البطالة، ولجوء الأفراد إلى ممارسة أنشطة اقتصادية خفية غير سوية؛ بسبب غياب الأنظمة الاقتصادية العادلة والسليمة، التي يجب أن تأخذ بعين الاعتبار المصلحة العامة واحتياجات المجتمع الأساسية لا المصالح الخاصة والربح السريع الناتج عن عمليات تجارية واقتصادية غير مشروعة ولا تتناسب مع احتياجات الأفراد والدول والمؤسسات. يقول دكتور هاني وهبة، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس: الاقتصاد الموازي يؤثر بشكل كبير على المواطنين العاديين قبل الدولة، لافتًا إلى أن المواطن الفقير أكبر الخاسرين منه؛ لأن عدم الرسمية تكبح النمو الاقتصادي ومكاسب الإنتاجية على المدى الطويل، إضافة إلى نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعد المصدر الرئيس للوظائف. وتابع: الاقتصاد الموازي يتسبب في خسائر فادحة في الإيرادات الضريبية، ويؤدي ذلك إلى عدم المساواة في الأجور إضافة إلى اختفاء العدالة الاجتماعية. وأكد ضرورة تخلص الدولة من الاقتصاد الخفي أو دمجه بالرسمي لتتمكن من إصدار إحصائيات بشأنة، لافتًا إلى أن مصر تخسر مليارات الجنيهات بشكل سنوي؛ بسبب الاقتصاد الأسود، الذي يتمثل في العديد من المشروعات من حولنا. اتحاد الصناعات يتنبى فكرة الدمج.. والحكومة تتجاهل يقول محمد البهي، عضو المكتب التنفيذي باتحاد الصناعات: الاقتصاد الموازي خطر كبير على الدولة، وقد أعد الاتحاد دراسة وأرسل بها إلى مجلس الوزارء بشأن ضم الاقتصاد الموازي إلى الرسمي، لافتًا إلى أن تلك الدراسة التي أعدها الاتحاد توفر ما لا يقل عن 600 مليار جنيه لخزينة الدولة، أي ما يمثل في الوقت الحالي 3 أضعاف الضرائب التي تحصلها الدولة من القطاعات كافة. وأوضح البهي أن تنامي عدد العاملين في الاقتصاد الموازي، بدأ أغلبهم كتجار صغار وحدث تشابك بينهم وبين مورد خام لا يصدر فاتورة، ولا يتعامل مع الضرائب، ومؤدي خدمة لا يتعاون مع الضرائب أيضًا. وتابع: الاقتصاد غير الرسمي سمي بالأسود، لتغلغلة في القطاعات كافة، منها مجال العقارات الذي يشمل العقارات غير المسجلة لدى الدولة، مؤكدًا أن مصر بها 25 مليون وحدة سكنية مسجل منها 10% فقط، وحجم الاقتصاد الموازي في العقارات تصل قيمته إلى 2.8 تريليون جنيه، موضحًا أنه كارثة تهدد كل مفاصل الدولة المصرية، سواء في الصناعة أو الاقتصاد وحتى السياسية. من جانبه أكد محمد بدر مسؤول اللجنة الاقتصادية بمجلس الشباب المصري، أن الاقتصاد الموازي يعد من الأسباب السلبية التي تؤثر على إيرادات الحكومة المصرية وعلى ميزانيتها العامة، لافتًا إلى أنه يؤدي إلى تزايد معدل التهرب من دفع الضرائب والرسوم والغرامات علاوة على فشل الاستثمار بشكل تدريجي. وأوضح بدر أن الحكومة ساعدت على تواجد الاقتصاد الموازي رغم أنه يضر بها، فالحكومات تميل إلى تجاهل الاقتصاديات السرية لأطول مدة ممكنة، والاقتصاد الموازي هو الأكثر إضرارًا للربح من الرسمي التي تلجأ إليه القوى العاملة. وتابع: على الدولة وضع خطة استراتجية طويلة المدى لوقف الاقتصاد الخفي، من خلال التسهيلات التي يجب تقديمها من الاقتصاد الخاص بالدول النامية؛ سواء على المستوى الفني أو العلمي أو غيره.