سيناء .. تلك البقعة الغالية على كل مصري منذ عهد الفراعنة إلى العصر الحالي، والتي طالما كانت مطمعًا للغزاة، وأرض البطولة والنضال، وقدمت القرابين والتضحيات كمهر لتلك الجوهرة على مر العصور، فأصبح الموت على أرضها شرفًا ما بعده شرف . وكان لأبناء سيناء ومدن القنال بطولات لا تحصى ولا تعد على أرضها، تكاد تكون معجزات تحققت على أرض الواقع لكنها نسيت بفعل التحريف والتدليس والمجاملة على مر الزمان . أمام كاميرات العالم سيناء أرض مصرية بعد 6 أشهر فقط من الاحتلال خططت قيادات الكيان الصهيوني لعقد مؤتمر عالمي لإعلان أن أهالى سيناء وافقوا على تدويلها والانفصال عن الأراضي المصرية . الخطة اقتضت أن يخرج "موشي ديان" وزير الدفاع في الكيان الصهيوني، أمام الإعلام العالمي في مؤتمر حاشد بمنطقة الحسنية بحضور أبناء سيناء ليعلن المفاجئة على غفلة من الزمن، وبالتالي تنفصل سيناء عن مصر، ثم تطالب بأحقيتها في القنال، ويصبح الكيان الصهيوني هو المحتل والمشرف على شبه الجزيرة . يومها وقف الشيخ "سالم الهرش" من قبيلة الهرش، وقد فوضه شيوخ القبائل بالتحدث في المؤتمر لاعتباره شخصية جريئة وصلبة ويتميز بصوت عالي، فتحدث بصوته الجهوري أمام وسائل الإعلام العالمية، قائلا إن هذه الأرض أرضنا جميعًا مصريين، ورئيسنا هو الرئيس "جمال عبد الناصر"، وإذا كانت سيناء محتلة حاليًا فستعود قريبًا إلى الوطن الأم، وصفق له الحاضرين، واستطرد " نحن نقف على أرض مصرية ذات سيادة "، مما نتج عنه فشل المؤتمر . النمر الأسود "حسن علي خلف" ولقبه "النمر الأسود".. شاب من منطقة الجورة في الجنوب من الشيخ زويد، كان حسن لا يزال طالبًا بالصف الثاني الثانوي عندما احتلت القوات الإسرائيلية سيناء . تعرضت الجوره والشيخ زويد لحملات تكاد تشبه الإبادة المنظمة فأرسله والده إلى بورسعيد خوفًا عليه، فما كان من الشاب الأسمر إلا أن التحق بمنظمة سيناء، وبعد إعداده وتدريبه ذهب في أول مهمة في سيناء خلف الخطوط لتصوير المواقع الإسرائيلية شمال سيناء في مناطق رمانة وبئر العبد والعريش . نجح الشاب وتوالت المهمات وبفضل معلوماته تم ضرب قيادة القوات الصهيونية في العريش التي تضم عناصر المخابرات ومبيت لطياري الهليكوبتر، وكان مقرها مبنى محافظة سيناء القديمة بالعريش . مهندس الألغام "موسى الرويشد" ذلك الشاب السيناوي الوطني الذي تخصص في زرع الألغام في طريق مدرعات الكيان الصهيوني، ورغم احتياطات العدو أوقع في صفوفهم الخسائر فسمي بمهندس الألغام، وبعدما أصبح هدفًا لقوات العدو اختفى دون اثر . النساء أيضًا تشارك في الحرب "فهيمة" هي أول سيدة بدوية تعمل في منظمة سيناء العربية.. فهي حاملة جهاز اللاسلكي المتنقل التي لا يدخل قلبها الخوف من العدو الإسرائيلي، وهي ناقلة التموين للأفراد خلف الخطوط، وكانت أول سيدة يتم تكريمها بواسطة رئيس الجمهورية هي وزوجها نوط الشجاعة من الطبقة الأولي . والحاجة "فرحانة حسين سلامة الهشة" هي سيدة مصرية من مدينه الشيخ زويد بشمال سيناء قاومت الاحتلال الصهيوني، وكانت أول عملياتها هي تفجير خط السكة الحديدية بالشيخ زويد . واستمرت عملياتها العسكرية بتفجير سيارات الجيب الإسرائيلية، بالإضافة إلى نقل الذخائر والرسائل من القاهرة إلى المجاهدين في سيناء، حيث كانت تعمل تاجرة قماش. منحها الرئيس المصري "محمد أنور السادات" وسام الشجاعة من الدرجة الأولي ونوط الجمهورية، لما قدمته من مقاومة للعدو في سيناء وتوفت في 11 أغسطس 2014 . أبطال الجيش مع البدو قال القبطان سالم بركات "في أكتوبر 73″، أوكلت لي مهمة الاستطلاع خلف خطوط العدو في منطقة أبو رديس و رأس غارب، والعودة في خلال ثلاث أيام . امتدت تلك الأيام إلى 6 أشهر، فقد كشفني العدو وبدأت رحلة المعاناة في الهرب والتخفي والتنقل إلى الجبال، حيث أقمت في 11 جبل مختلف وبمساعدة البدو تمكنت من الإفلات . وأضاف بركات لولا أبناء سيناء ما كانت قد كتبت لي النجاة، وأشار إلى أن المخابرات المصرية تعاونت مع أبناء البدو لرصد تحركات العدو وتحرير الأرض وقدموا كل غالي ونفيس من أجل ذلك، مشيرًا إلى دور قبيلتي أبناء سعيد وأبناء صالح خاصة في تلك الفترة . سيناء قبلة كل وطني يقول الفدائي محمد خليفة " شزام "، عبرت الضفة الشرقية للقنال 4 مرات منها ثلاث أثناء حرب الاستنزاف، ومرة في العبور يوم 6 أكتوبر مع اللواء 120 مشاه . وأضاف كنا نتسابق على الظفر برؤوس الأعداء ونعود باللأسرى، واستطعت أسر 4 صهاينة في حرب الاستنزاف وثلاثة في حرب أكتوبر . واستطرد أذكر أنى اقتحمت قلب الخطر مرات ومرات، واذكر ملمس تراب تلك البقعة الغالية على كل وطني حقيقي، وليس مدعيًا للوطنية كما يحدث الآن . وأوضح "شزام"، تلك المرة التي عبرت بنفسي وحيدًا إلى أرض سيناء لأسر "طيار إسرائيلي" كانت الأخطر لكني على يقين بالله ولم أكن اشعر بأي غربه فانا وتلك الصحراء وأهلها كنا أصدقاء . ويروي "شزام" عن بطولات الأدلة داخل صحراء سيناء من أبناء البدو، وخاصة أبناء قبيلة "المساعيد" واللذين رصدوا وأوصلوا الفرق إلى المناطق الحيوية لضرب العدو .