تزامنا مع الجهود الرامية لتسوية الأزمة السورية عبر المصالحات والاجتماعات مع المعارضة وطرح الحلول السياسية، يواصل الجيش السوري السير في طريق تحرير بلاده من قبضة المجموعات الإرهابية المسلحة. تطويق "إدلب" استعدادًا لتحريرها بدأ الجيش السوري عملية عسكرية جديدة واسعة في ريف إدلب تمهيدًا لاستعادة المدينة التي سيطرت عليها التنظيمات المسلحة بقيادة جبهة النصرة وحركة أحرار الشام نهاية مارس الماضي، وكمرحلة أولى سيطر الجيش السوري على ثلاث قرى لتحصين خطوط إمداده وقواته في أريحا ومحيطها. واصلت القوات السورية ضرب معاقل المجموعات المسلحة داخل المدينة مستهدفة خطوط الإمداد خصوصاً القادمة من الأراضي التركية، حيث دمر الجيش رتلا مؤلف من عشر عربات محملة بأسلحة وذخيرة ومسلحين في محيط بنش، مما جعل مسلحي ما يسمى "جيش الفتح" يبدأون في سرقه المنازل والمحلات في إدلب ما يعكس نيتهم الهروب حال تقدم الجيش داخل المدينة، وفي هذا الوقت استهدف الجيش المسلحين في معرّتمصرين وتفتناز وطعوم وبكفلون وسرمين وسراقب، كما دمر راجمه صواريخ وجرافة ومدفعا في فيلون. العملية العسكرية جنوب مدينة إدلب انطلق بها الجيش السوري من محوري جسر أريحا وبلدة المسطومة وسيطر خلالها على بلدات كفرنجد ونحليا والمقبلة، حيث بدأت العملية بعد طلعات كثيفة لسلاح الجو مستهدفا خطوط إمداد المجموعات المسلحة الى كفر نجد ونحليا، قبل أن يبدأ الاقتحام البري عبر مجموعات مشاة تمكنت من السيطرة على البلدات التي تؤمن المناطق التي يستهدف فيها المسلحون طريق إدلب المسطومة. الهدف الأهم لهذه العملية هو توسيع نطاق السيطرة في محيط نقطتي ارتكاز الجيش في أريحا والمسطومة بالتوازي مع العمل على استعادة السيطرة على قرية قميناس لتأمين ميمنة محور المسطومة – إدلب والأهم ربما زيادة تأمين رقعة الاتصال الجغرافي بين ريفي إدلب واللاذقية، حيث تعمل القوات السورية على التحكم بالتلال لفرض السيطرة النارية على محاور تنقل المسلحين من إدلب وإليها، خاصة من جهة دركوش في الغرب كما تعمل على عزل مناطق الريف الشرقي المتصلة بريف حلب. بداية الهجوم هذا التقدم للجيش السوري جعل جبهة النصرة تتراجع باتجاه خطوط إدلب المدينة بعد أن تركت بعض المعدات والأسلحة، وكلما تقدم الجيش السوري باتجاه المحاور الشرقية والغربية كلما أدركت المجموعات المسلحة في مدينة إدلب أنها باتت أقرب إلى الحصار وأن خطوط الإمداد أصبحت مقطوعة. بعد أن تقدم الجيش السوري على أكثر من جبهة ونجح في تطويق المدينة وقطع الإمدادات عن المسلحين وإعادة ترتيب الأوراق من جديد، انطلقت العملية بالتقدم من محور أريحا باتجاه الغرب، ومحور أورم الجوز- معترم نحو الشمال، لتبدأ مرحلة جديدة من معركة تحرير إدلب وصفها قائد ميداني بأنها تشكل استعادة زمام المبادرة. أهمية "إدلب" الاستراتيجية لمدينة إدلب الواقعة في الشمال السّوري موقع مميّز قرب الطريق الرئيسي السريع بين العاصمة دمشق ومدينة حلب، وتقع إدلب إلى الجنوب الغربي من مدينة حلب وتبعد عنها 60 كم، وعن اللاذقية 132 كم، وعن دمشق 330 كم، وعن حمص168 كم، وعن حماة 105 كم. مدينة إدلب هي المنطقة الإدارية الأولى في المحافظة تشترك حدودها كمحافظة مع محافظات اللاذقية وحلب وحماه، ومع تركيا في الشمال السوري، وتقع كمدينة في منطقة وسطية داخل مثلث المدن الرئيسة "حلب – حماه – اللاذقية". من يسيطر على مدينة إدلب وعلى المحافظة يتمكن من قطع الإمدادات بين حلب والساحل غرباً بشكل كامل، ويُصبح على تخوم مدينة اللاذقية عبر الريف الشرقي للأخيرة، كما ويستفيد من عمق استراتيجي واسع يمتد من الحدود التركية إلى ريف حماه الشمالي.