توصلت إيران والدول الست الكبرى مؤخرا بعد مفاوضات ماراثونية في لوزان السويسرية إلى تفهم أولي يمهد الطريق نحو الاتفاق النهائي بحلول يونيو المقبل، وهو الأمر الذي أثار ردود فعل واسعة على الساحة الإقليمية والدولية، ليطرح هذا الانجاز التاريخي عدة تساؤلات أبرزها: ما هي انعكسات هذا الاتفاق على الصراع العربي الإسرائيلي؟، وما هو مستقبل العلاقات العربية الإيرانية؟، هل من شأن هذا الاتفاق إذابة الخلافات بين الدول العربية وإيران أم سيعززها أكثر؟، هل سيجتمع العالم العربي الإسلامي على ضرورة أن يكون العدو الأساسي هو الكيان الصهيوني؟. ردود الأفعال كانت متباينة على مستوى الدول العربية، بعضها رحب بالاتفاق واستراتيجية طهران في التفاوض الدبلوماسي، مؤكدة أن التوصل لهذا الاتفاق يعني بدء مرحلة جديدة من الاستقرار إقليميا ودوليا، أما البعض الآخر أمثال دول الخليج باستثناء سلطنة عُمان فقد أعربت عن تخوفاتها من انعكسات هذا الاتفاق وتعزيز نفوذ إيران بالمنطقة، الأمر الذي يفرض حالة من الجدل حول طبيعة العلاقات الدولية بمنطقة الشرق الأوسط خلال الفترة المقبلة، خاصة في ظل التطورات التي تشهدها المنطقة خلال الأيام الجارية. وفي هذا السياق؛ قال الدكتور رفعت سيد أحمد، أستاذ العلوم السياسية ومدير مركز يافا للدراسات والأبحاث والاستراتيجية، إن إيران انتصرت بالاتفاق الأخير مع الدول الكبرى بعد أكثر من 10 أعوام من المفاوضات، مؤكدًا أن هذا الاتفاق له نتائج إيجابية كثيرة على الجمهورية الإيرانية مثل رفع العقوبات والحصار المفروض على طهران، وبقاء المفاعلات لإنتاج الطاقة النووية بطريقة سلمية، هذا بجانب تفويت الفرصة على الكيان الصهيوني والقوى الغربية لضرب إيران عسكريًا بذريعة امتلاك السلاح النووي كما فعلت في العراق. وأكد أن إيران لا تخطط لامتلاك قنبلة نووية لأن المرشد على خامنئي، حرم هذا من قبل، موضحا أن إيران يمكنها إنتاج القنبلة النووية في أي وقت لأن البنيان واحد، ويعتمد ذلك على رفع نسبة معينة من تخصيب اليورانيوم، مضيفا أن إيران لا تريد هذا الأمر لأن لديها منظومة صواريخ بديلة مثل العابرة للقارات. وأضاف سيد أحمد، أن مأزق اليمن يحول دون تحقيق وحدةالدول العربية مع طهران، مؤكدًا أنه أصبح هناك محوران يتصارعان ضد بعضهم البعض في اليمن، محور عربي مكون من السعودية ومصر، ومحور إيراني تشترك فيه روسيا، فالأمر وصل إلى حد الصراع المسلح، موضحا أن هذه الوحدة التي تهدد أمن إسرائيل تحتاج إلى فترة زمنية طويلة يتم خلالها حل المشكلة اليمنية عبر الطرق السلمية والحوار، لأن الصراع العسكري يصعد الأزمة أكثر ويزيد تعقيدها. من جانبه؛ قال الدكتور سعيد اللاوندي، المحلل السياسي وخبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، إنه كان من المتوقع أن يحدث هذا الاتفاق لأن الإرادة السياسية بين إيران والدول الكبرى توفرت، مؤكدًا أن هذا الاتفاق الذي سيتم توقيعه بشكل نهائي بحلول يونيو المقبل سينتهي بالفعل إلى نتيجة إيجابية بمعنى أن كل الفرقاء اتفقوا على أن لا ضرر ولا ضرار، وبالتالي أعتقد أن إيران انضمت رسميًا إلى النادي النووي شأنها شأن الهند وباكستان. وأضاف اللاوندي: علينا نحن كدول عربية التكيف مع الوضع الراهن وعدم الدخول في صدامات تضر جميع الأطراف، داعيًا الدول العربية للتقرب من طهران والتعاون معها حتى تصبح دعماً للصف الإسلامي وليس خصماً منه، مشددا على حتمية تراجع دول الخليج في موقفها ضد إيران، بحيث تنتهي مرحلة التعامل معها كخصم دائم، مؤكدا أنه بعد هذا الاتفاق ستتغير نظرة الكثير من دول العالم تجاه إيران، لتصبح عنصرا إيجابيا جديدا في المنطقة العربية. وأشار، إلى أن غضب إسرائيل من التوصل للاتفاق النووي الذي تم بين الدول الست الكبرى وإيران جعلها تصفه بالخطأ التاريخي، لشعورها بأن هذا الاتفاق يهدد أمنها، لذلك لابد من اتحاد الدول العربية مع إيران حتى يمثلوا ورقة ضغط على الكيان المحتل الذي يستثمر النزاعات في المنطقة لصالحه وحفظ أمنه، مضيفًا أن تل أبيب شعرت بالاستفزاز إلى حد جعلها غير قادرة على ضبط التصريحات التي خرجت للتعليق على الاتفاق، فصرحت بأنها ستحارب إيران عسكريا، فضلا عن خروج أحد مسؤوليها ليشكك في الاتفاق، زاعما أن إيران ستنقضه في القريب العاجل. من جانبه، يقول الدكتور مدحت حماد، أستاذ الدراسات الإيرانية إن الاتفاق الإطاري بين القوى الكبرى وطهران بشأن البرنامج النووي يعتبر نجاحا لسياسات إيران الدبلوماسية، مطالباً الدول العربية بالاصطفاف وعقد اجتماع عاجل مع إيران في أسرع وقت لحل مشاكل المنطقة. وحذر من وقوع دول الخليج ومصر في الأخطاء التى وقعت فيها الدول الكبرى بتعنتها مع إيران وعدم التفاوض معها منذ فترة، مؤكداً أن طهران تمتلك تكنولوجيا عالية جداً، موضحا أنه بعد الاتفاق النووي ستصبح أكثر تطوراً بعد سنوات قليلة، لذلك لابد من التفاوض معها وضمها في صف المحور العربي.