قال موقع "سودان تربيون" إن العلاقات الخارجية السودانية شهدت تحولا لافتا خلال الأسابيع الأخيرة الماضية، حيث برز بشكل كبير التقارب مع دول الخليج بعد توتر أشبه بالقطيعة إمتد لسنوات طوال حتى عادت الخرطوم مجددا إلى محور المصالح الذي تتزعمه السعودية خلال الوقت الراهن. منذ وقت مبكر وتحديدا في العام 2012، طفت على السطح خلافات داخل الحكومة السودانية بشأن التقارب مع إيران وخرج وزير الخارجية علي كرتي، في نوفمبر من العام نفسه متحدثا في حوار تلفزيوني مباشر عن رفض الدبلوماسية للتقارب السوداني الإيراني بشكله العميق الذي كان يظهر على شاكلة تدريبات عسكرية مشتركة في سواحل البحر الأحمر حيث ترسو القطع البحرية الإيرانية على ميناء بورتسودان من حين لآخر، علاوة على التركيز الشديد للسودان على طهران في مسائل تتصل بالتسليح والتدريب وتبادل زيارات المسؤولين العسكرييين. وأكد الوزير أنه لا يرى مصلحة للسودان في حدوث تقارب شديد مع إيران على حساب علاقاتها مع دول الخليج ونادى بضرورة توضيح طبيعة العلاقات معها للدول الصديقة، مضيفا أن الجهات التي تود التقارب مع إيران لها أيضا ما يبرر دعمها لهذا التقارب في إشارة منه إلى الاتفاقات الأمنية مع طهران وعزوف دول الخليج وخاصة السعودية عن دعم بلاده خلال الفترة الماضية. ظهرت ملامح الامتعاض الخليجي على علاقات السودان مع طهران حين منعت السلطات السعودية عام 2013 طائرة الرئيس عمر البشير من عبور أجوائها إلى إيران حيث كان يعتزم المشاركة في حفل تنصيب الرئيس حسن روحاني، وبرغم أن مبررات السلطات السعودية وقتها بدت تقنية وفنية لعدم إخطار المسؤولين السعوديين بتواجد شخصية سودانية مهمة على الطائرة، إلا أن الظلال السياسية للخطوة كانت واضحة للعيان. لم يمض وقت طويل حتى أظهرت الإمارات أيضا، عدم رضاها الواضح تجاه الخرطوم، فسارع وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش لإصدار بيان ينتقد فيه تعامل السلطات السودانية مع احتجاجات سبتمبر 2013، والتي اندلعت إثر قرار برفع دعم الوقود وسقط خلالها ما لايقل عن 200 قتيل حسب تصريحات منظمات حقوقية دولية. ووسط تلك الأجواء الملبدة، عكفت وزارة الخارجية السودانية على اقناع أجهزة الدولة العليا بضرورة الابتعاد عن محور إيران، والانحياز لمصالحها مع دول الخليج، وشرعت في نسج خطوط للتواصل على المستوى الدبلوماسي والسياسي الرفيع، الأمر الذي انتهى باغلاق المراكز الثقافية الإيرانية وصدر قرار بذلك مطلع سبتمبر من العام الماضي، وبالفعل أسهمت الخطوة في لفت انتباه دول الخليج إلى أن في السودان "شئ ما يتغير". وعلى الفور تغيرت النظرة الخليجية تجاه السودان عبر فتح أبواب الاستثمار وشرعت بنوك السعودية في رفع الحظر الذي كان يعيق المعاملات والتحويلات البنكية، خاصة مع إظهار السودان جدية قوية حيال إنهاء التقارب مع إيران، وبعد وقت وجيز من تلك الخطوة توجه الرئيس عمر البشير إلى السعودية، والتقى هناك ولي العهد حينها "سلمان بن عبد العزيز" الذي تولى قيادة الرياض بعد رحيل "عبد الله بن عبد العزيز" مؤخرا. تطرق اللقاء حينها إلى العلاقات الثنائية وسبل تطويرها، والوضع في اليمن وانعاكساته على أمن البحر الأحمر، وبالفعل شاركت السودان في تحالف من عشر دول في "عاصفة الحزم" بطائرات من طراز "سوخوي" حلقت في سماء اليمن، كما أعلن الرئيس عمر البشير إستعداده لإرسال لواء مشاة للمشاركة في العمليات البرية حال طلب منهم ذلك.