بعد ثمانية أيام على بدء المفاوضات الماراثونية بين إيران ومجموعة "5+1″ وبعد 11 عاما من المنازعات والاتهامات، تم الإعلان عن اتفاق إطار تاريخي من مدينة لوزان السويسرية، استطاعت إيران بهذا الاتفاق انتزاع اعتراف غربي تاريخي بحقها في امتلاك قدرات نووية سلمية، جاء الاتفاق في أربع صفحات، وأطلق عليها تسمية "معايير خطة العمل المشتركة الشاملة الخاصة بالبرنامج النووي للجمهورية الإسلامية الإيرانية"، ورقة يفترض أن تتواصل المفاوضات في إطارها بهدف التوصل إلى اتفاق نهائي بين الجانبين قبل 30 يونيو المقبل. البيان الختامي خرج المشاركون من خلف طاولة المفاوضات معلنين التوصل إلى اتفاق إطار تاريخي، حيث شارك وزراء خارجية المجموعة السداسية ووزير الخارجية الايراني "محمد جواد ظريف" إلى جانب منسقة السياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي في مؤتمر صحفي مشترك في جامعة بلي تكنينك بمدينة لوزان لاعلان البيان الختامي بشأن المفاوضات النووية. وجاء في البيان "نحن اليوم خطونا خطوة مصيرية واتفقنا على حملة من التفاهمات والحلول حول المسائل العالقة بشأن البرنامج النووي الايراني"، وأكد البيان على أنه سيتم مساعدة إيران في اعادة تركيب مفاعل اراك على أن لا ينتج البلوتونيم كما سيرفع الاتحاد الأوروبي كل العقوبات عن إيرانوالولاياتالمتحدة لن تفرض عقوبات، وأضاف "سنعمل من اجل صياغة قرار حول الحل الكامل ونحن ملتزمون بمتابعة هذه الجهود وفي هذا الاطار سيتبدل مفاعل فردو من برنامج نووي الى منشأة تكنوفيزيائية ولن يكون فيه مواد مشعة". "أوباما" يسعى لطمأنة حلفائه أشاد الرئيس الأمريكي "باراك اوباما" بالإتفاق بين إيران والدول الكبرى حول الملف النووي ووصفه ب "التفاهم التاريخي"، وشدد على أنّ تطبيق هذا الإتفاق كاملاّ سيمنع إيران من حيازة السلاح النووي وأعاد تأكيد صوابيّة سلوك المسار الدبلوماسيّ لحل هذا الملف، وأكد أن المجتمع الدولي سيرفع العقوبات عن إيران فور الإلتزام بالإتّفاق، وحذّر أوباما الكونجرس من رفض الإتفاق لأنّ الولاياتالمتحدة ستُلام على فشل الدبلوماسية. وقال الرئيس الأمريكي الذي يسعى أثناء حديثه إلى إقناع الرأي العام الأمريكي والمشرعين الأمريكيين والحلفاء الدوليين بالاتفاق، "أنه سيغلق كل طريق يمكن أن تسلكه إيران لتطوير سلاح نووي"، لافتاً إلى أن "طهران ستواجه قيوداً صارمة على برنامجها"، وتابع "لطالما كررّت أنني سأقوم بكل ما يلزم لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي، وأنا أجدد التزامي بهذا الأمر، وهذا الإتفاق إذا تم تنفيذه بشكل كامل سيمنع ايران من صناعة السلاح النووي". وفي محاولة أمريكية لطمأنة الدول الخليجية، دعا الرئيس الأمريكي قادة دول مجلس التعاون الخليجي الست يوم الخميس إلى الاجتماع معه في الولاياتالمتحدة في محاولة لطمأنتهم بشأن أمنهم أمام أي تهديد من جانب إيران، وقال "أوباما" إنه تحدث بالفعل مع العاهل السعودي الملك "سلمان بن عبدالعزيز"، وأضاف "أكدت للملك السعودي على الإلتزام الأمريكي بأمن دول الخليج"، وتابع "أوباما" أنه سيطمأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بشأن دعم الولاياتالمتحدة لأمن إسرائيل والمخاوف المشتركة ذات الصلة بسياسات إيران "المزعزعة للاستقرار والتهديدات تجاه إسرائيل". الكونجرس يلوح برفض الاتفاق وتعليقًا على كلام أوباما وتفاهم لوزان النووي، رأى رئيس مجلس النوّاب الأمريكي "جون بينر" أن الاتفاق مع إيران يمثّل "انحرافا مثيرا للقلق" عن أهداف أوباما المبدئية، وأضاف "بينر" أن الكونجرس يجب أن يراجع الاتفاق تماماً قبل رفع أي عقوبات مفروضة على إيران، وتابع قائلًا، إنه في الأسابيع القادمة سيواصل الجمهوريون والديمقراطيون في الكونجرس الضغط على إدارة أوباما بشأن تفاصيل المعايير والأسئلة الصعبة التي بقيت بدون إجابات في هذا التفاهم. "كيري" يقر بأهمية الاتفاق أعلن وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري" في تغريدة أن الاتحاد الاوروبي ومجموعة خمسة زائد واحد وإيران لديها "الآن المعايير لحل المسائل الرئيسية" المتصلة بالبرنامج النووي الإيراني، وكتب كيري "يوم مهم، سنعود إلى العمل قريبًا للتوصل إلى اتفاق نهائي"، وأكد الوزير الأمريكي أن "الاتفاق السياسي الذي تم التوصل اليه يمثل أساسًا صلبًا لحل الازمه النوويه"، مضيفا "طالما حافظت إيران على سلامة نيتها واحترامها لشروط الاتفاق، فإن المجتمع الدولي سيبقى واثقا في سلمية برنامجها النووي". "موغريني": خطوة مهمة للغاية من جانبها قالت منسقة السياسة الخارجية الأوروبية "فيديريكا موغيريني"، "اليوم قمنا بخطوة مهمة للغاية"، مشيرة إلى أنه "سيصدر قرار أممي لإلغاء كل العقوبات المفروضة على ايران"، مؤكدة أن "الاتحاد الاوروبي سيلغي كافة العقوبات المتعلقة بالملف النووي والولاياتالمتحدة لن تفرض عقوبات جديدة"، وأضافت "سيسمح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالتفتيش الكامل وايران ستتعاون في مجال الطاقة النووية السلمية". موسكو تُشيد بدورها أشادت موسكو بالاتفاق، معتبرة أنه يشكل اعترافاً بالحق "غير المشروط" لإيران في تطوير برنامج نووي مدني، وصرحت وزارة الخارجية الروسية بأن "هذا الاتفاق يستند إلى المبدأ الذي عبر عنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهو الحق غير المشروط لإيران في برنامج نووي مدني". فرنسا ترحب في الجانب الفرنسي، رحّب كل من الرئيس "فرانسوا هولاند" ووزير الخارجية "لوران فابيوس" بالإطار الذي تمّ التفاهم عليه، وفي إشارة إلى مهلة الثلاثين من يونيو للتوصل إلى اتفاق نهائي، أعلنت الرئاسة الفرنسية أنها "ستسهر على أن يكون تطبيق الاتفاق موثوقاً به ويمكن التحقق منه" بان كي مون" يهنئ كذلك، هنّأ الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون" الطرفين على التوصل إلى اتفاق إطار، يمهّد الطريق أمام تسوية شاملة في المستقبل، وقال "يمكّن جميع الدول من التعاون بشكل عاجل للتصدي لكثير من التحديات الأمنية الخطيرة التي تواجهها". الجزائر أول المهنئين كانت الجزائر من أول الدول العربية المهنئة والمباركة للاتفاق، حيث أعربت عن ارتياحها للنتائج الإيجابية التي توجت المفاوضات، وقال الناطق باسم الخارجية الجزائرية أن الجزائر تشيد بهذا "التقدم الإيجابي الذي يبرز أهمية قيم السلم والتعاون والمبادئ المؤسسة لعقيدتها في هذا المجال، كما تدعو جميع الأطراف إلى العمل على تطبيق إطار الإتفاق هذا بحسن نية". "ظريف" يؤكد استكمال العمل قال وزير الخارجية الايرانية "محمد جواد ظريف"، "مجموعة الحلول التي تم التوصل إليها في البيان قد تشكل أساساً للوثيقة النهائية للمباحثات النووية"، وأوضح "من المقرر استكمال ما ورد من حلول في بيان لوزان حتى يوليو القادم". "روحاني" يبارك الاتفاق من جهته أعلن الرئيس الايراني "حسن روحاني" في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، "حلولا حول المعايير الرئيسية للبرنامج النووي الايراني تم التوصل اليها، إن صياغة الاتفاق النهائي ينبغي أن تبدا فورا ليتم انجازه بحلول 30 يونيو"، وذكر "روحاني" في رسالته إلى المرشد الإيراني "إن أبناءكم الثوريين تمكنوا من خلال مفاوضات صعبة ومعقدة إثبات حق الشعب الإيراني في النشاط النووي"، واعتبر الاتفاقية بمثابة خطوة أولى على طريق "الحقوق النووية وحق التخصيب"، مؤكدًا أن القوى العظمى اعترفت بهذا الحق لإيران. "خامنئي" يؤيد أيد المرشد الأعلى الإيراني "علي خامنئي"، التوافق النووي بين بلاده والقوى الكبرى، واصفاً إياه ب"الناجح"، حيث أعرب المرشد عن "شكره وتقديره" للرئيس الإيراني والفريق المفاوض. الشعب الإيراني يحتفل احتفل الإيرانيون بالبيان المشترك الذي تم التوصل إليه في مدينة لوزان السويسرية بين إيران والدول الست، وجاب العديد من المواطنين الإيرانيين بسياراتهم شوارع العاصمة طهران للاحتفال بالاتفاق، فيما أطلق ركاب السيارات العنان لأبواق سياراتهم. وقد سادت أجواء البهجة بين المحتفلين الذين أكدوا أن هذا الاتفاق هو لصالح البلاد وأنه في حال رفع إجراءات الحظر فسينعكس الأمر على الداخل والخارج بشكل إيجابي، كما قال بعض المحتفلين إن بلادهم هي الرابحة في كل الأحوال، ذلك خلافاً لتبادل رسائل التهنئة و"أعراس الانتصار" التي شهدتها العاصمة الإيرانيةطهران لدى عودة وزير الخارجية الإيراني من جنيف. إسرائيل تغلي خيبة أمل وقلق وشعور بفشل الرهانات على كل الجهود السياسية والأمنية والدبلوماسية وعمليات التهويل التي مارستها تل أبيب طوال السنوات الماضية، هذه خلاصة الشعور الإسرائيلي والتصريحات التي امتلأت بها وسائل الإعلام الصهيونية، خاصة أن النتيجة التي خلص إليها هذا المسار من التفاوضات، ستؤدي إلى تكريس إيران دولة نووية. أجرى الرئيس الامريكي باراك أوباما مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء الاسرائيلي "بنيامين نتنياهو" بمجرد الإعلان عن الاتفاق لطمأنته، لكن صحيفة "هارتس" الصهيونية وصفت المحادثة ب"القاسية"، حيث أبلغ رئيس الوزراء الاسرائيلي "بنيامين نتنياهو" الرئيس الأمريكي خلال المكالمة أن الاتفاق الأطار الذي تم التوصل إليه من شأنه إذا ما طبق أن يمهد الطريق أمام طهران لحيازة القنبلة الذرية وأن "يهدد بقاء اسرائيل"، وفيما صدرت تصريحات عديدة على لسان مسئولين إسرائيليين تنتقد الاتفاق وتصفه ب"الخطأ التاريخي"، ينتظر أن يعقد المجلس الوزاري المصغر اجتماعاً لبحث تداعيات الاتفاق النووي بين إيران والغرب، ووفق بيان صادر عن مكتب نتنياهو فإن الأخير أبدى خلال المكالمة الهاتفية مع أوباما معارضة شديدة لاتفاق الإطار مع إيران. من جهته، أكد "المعسكر الصهيوني" إسحاق هرتسوغ وتسيبي ليفني على ضرورة تعامل إسرائيل الوثيق مع الدول الكبرى وفي مقدمتها الولاياتالمتحدة لإعادة البرنامج النووي الإيراني إلى الخلف للحيلولة دون حصول طهران على السلاح النووي، وجاء في بيان صادر عنهما أنه "يجب ترميم التعاون بين إسرائيل والولاياتالمتحدة باعتباره أهم آلية لحماية المصالح الأمنية الإسرائيلية"، ورأى هؤلاء أن البديل ل"الاتفاق السيء" الذي تم التوصل إليه ليس الحرب، وإنما "اتفاق آخر يفكك البنى التحتية للبرنامج النووي الإيراني، ويطالبها بوقف عدوانها وإرهابها في المنطقة والعالم"، على حد تعبيرهم. من جانبه، انتقد وزير شئون الاستخبارات الإسرائيلي "يوفال شتاينتس" بشدة الاتفاق، واعتبره "سيئاً"، قائلاً إنه يأتي استمراراً للاتفاق المرحلي السيئ السابق وقد يكون مقدِّمة للاتفاق الدائم السيئ، كما انتقد نائب وزير الخارجية "تساحي هنيغبي" أيضاً الاتفاق، قائلاً إن الدول الكبرى كانت متلهفة لإنجاز الاتفاق مما أفسح لطهران مجال إملاء شروطها، وأضاف أن إيران ستحتفظ بموجب الاتفاق بمنشآت تخصيب اليورانيوم التابعة لها وكذلك ببرنامج صواريخها الباليستية، وتوقع "هنيغبي" تزايد قوة إيران سواء بسبب اقترابها من السلاح النووي أو من جراء تقوية اقتصادها.