طالما جسدت الدراما المصرية معاناة المحتجزين داخل سجن أبو زعبل، من خلال قسوة المعاملة، وقلة الطعام، والمجهود العضلى المبذول فى الأعمال والصناعات المختلفة بالإكراه دون أى تقدير لآدمية واحترام الإنسان. لكن فى الحقيقة، عجزت الدراما المصرية عن رصد جزء آخر من انتهاك حقوق الإنسان وآدميته داخل "سلخانة أبوزعبل"، لكن فى الفترة الأخيرة أصدر عدد من المنظمات الحقوقية تقارير ترصد مئات من حالات التعذيب وقلة الرعاية الصحية وعدم آدمية العنابر المخصصة لإقامة المساجين، فضلا عن الحادثة الأخيرة التى عرفت إعلامياً بسيارة ترحيلات أبو زعبل، وراح ضحيتها 37 سجينًا، اختناقا بالغاز الذى ألقى عليهم داخل السيارة بعد احتجاز 6 ساعات. رسائل النشطاء.. ضرب وتعذيب واقتحام زنازين من جديد، بدأت استغاثات المعتقلين من داخل سجن أبو زعبل تعود للتداول إعلامياً بعد الانتفاضة التى قادتها حملة "الحرية للجدعان"؛ لتوجيه الأنظار إلى ما يحدث داخل السجن من ضرب وتعذيب وانتهاك للآدمية. نشرت صفحة حملة "الحرية للجدعان" مؤخراً على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" عددا من استغاثات معتقلي أبو زعبل، على خلفية تعرضهم للاعتداء من قبل قوات الأمن، فضلا عن سرقة جميع متعلقاتهم الشخصية، وجاءت الاستغاثة بتوقيع "شباب ثورة 25 يناير". وتضمنت الاستغاثة: "لقد تم تعذيب جميع النزلاء السياسيين بالسجن، وتم اقتحام الزنازين بتشكيلات أمن مركزى ملثمين، مما أدى إلى إحداث حالة ذعر بداخل الزنازين، والاعتداء علينا بعصى الأمن المركزى والكلاب البوليسية، مما أدى إلى إصابات وحالات إغماء جراء الغاز المسيل للدموع، وتم اختطاف 15 معتقلا من بيننا وتعذيبهم لمدة 3 ساعات أمام أعيننا، وتجريدهم من ملابسهم وجعلهم ينطقون بكلمات بذيئة". 10 منظمات حقوقية تدين التعذيب داخل «أبو زعبل»: ليس الأول وأدانت 10 منظمات حقوقية عمليات تعذيب وتكدير جماعي داخل السجون، والتي حدثت في ليمان 2 عنبر "ب" في مجمع سجون أبو زعبل. وقالت المنظمات في بيان صحفي لها، إن ما حدث في سجن أبو زعبل "ليس هو الحادث الأول، بل إن بعض المنظمات الموقعة أدناه، قد تلقت تقارير تفيد بحالات تعذيب في الأسابيع الأخيرة تشمل سجون برج العرب وطره". وتلقت المنظمات شهادات بوجود حالات تعذيب وتكدير لمعتقلين بسجن أبو زعبل، فبحسب الإفادات، فإن تشكيلات ملثمة من الأمن المركزي اقتحمت الزنازين يوم 19 مارس 2015 ، واعتدت على المعتقلين بالعصي وأطلقوا عليهم الكلاب البوليسية، واستخدموا الغاز المسيل للدموع ما أدى إلى وقوع إصابات بين المعتقلين وكذا حالات إغماء، وأخرجت قوات الأمن 15 محتجزًا من زنازينهم، وعذبتهم لمدة ثلاث ساعات متواصلة أمام باقي المحتجزين بعد تجريدهم من ملابسهم وإجبارهم على سب أنفسهم بكلمات بذيئة، ثم نقلهم إلى زنازين التأديب الانفرادية. صحفي معتقل: أعلن إضرابى حتى زيارة «حقوق الإنسان» مقبرة أبو زعبل من جانبه، أكد الصحفى أحمد جمال زيادة، المعتقل داخل سجن أبو زعبل، الإهانات التى يتعرضون لها من قبل إدارة السجن، قائلا: «دخلت مقبرة التأديب، زنزانة ثلاثة أشبار في خمسة أشبار، نصف بطانية، علبة بلاستك رائحتها كريهة لقضاء الحاجة؛ لأنه ممنوع فتح الزنزانة طول فترة التأديب، رغيف خبز فاسد وقطعة جبنة نتنة، لا هواء، ولا ضياء، ولا حياة، أعلنت إضراب عن الطعام ولن أنهيه إلا بعد زيارة مجلس حقوق الإنسان لهذه المقابر غير الآدمية». «القومي للإنسان» فى «أبو زعبل» يستمع لشكوى السجناء نظم وفد من المجلس القومى لحقوق الإنسان زيارة لسجن أبو زعبل 2، أول من أمس الاثنين، ضم جورج إسحاق، ومحمد عبد القدوس، والدكتور صلاح سلام، وراجية عمران، من الأعضاء، ومن الأمانة الفنية بالمجلس، نبيل شلبى، ومعتز فادى، وأحمد عبد الجيد، وأحمد نصر. وأكد المجلس فى تقرير مبدئى له عن الزيارة التى لم تستغرق سوى ساعة ونصف، أنها انحصرت على لقاء 4 من السجناء حول البلاغات المقدمة إلى مكتب النائب العام بخصوص تعرضهم للضرب والاعتداء والإهانة والتعذيب. وأوضح المجلس القومى فى تقريره أن شكوى السجناء تضمنت عدم تطبيق مواد لائحة السجون الجديدة فيما يتعلق بالزيارة ومدتها، والتريض ومدته وأماكنه، وأن إدارة السجن اتخذت عددا من الإجراءات التأديبية تجاه السجناء الأربعة بوضعهم فى غرف التأديب لفترات تتراوح ما بين أسبوع حتى 16 يوما، وفى ظروف غير إنسانية تمثلت فى عدم إمكانية قضاء حاجتهم، وقلة ورداءة الطعام المقدم، وتقديم مياه شرب غير صالحة لهم، وعدم وجود تهوية. كما ناظر الوفد السجناء الأربعة، وتبين وجود آثار ضرب على أحدهم، وتبين للوفد خلال استماعه للشهادات وجود حالة من الذعر والخوف الشديد لديهم وأكدوا تعرضهم إلى التهديد بطريقة غير مباشرة من القائمين على إدارة السجن فى حالة الأفصاح عن ما حدث إلى وفد المجلس. وقال محمد فائق، رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، إنه أرسل خطابا إلى النائب العام، يتضمن تقرير بعثة المجلس التى زارت سجن أبو زعبل، ويؤكد وجود آثار ضرب على الظهر لأحد المحتجزين، فضلاً عن عدم ملائمة الظروف المعيشية داخل غرف التأديب طبقاً للمعايير الدنيا فى أماكن الاحتجاز. وجدد المجلس القومى لحقوق الإنسان توصياته بتطبيق القواعد القانونية والإجراءات واللوائح التى تنظم الاحتجاز والحبس الاحتياطى، وأهمية ذلك فى تأهيل المحتجزين. من جانبه، قال الحقوقي كريم عبد الراضي، إن التقرير الذى أصدره المجلس القومي لحقوق الإنسان بشأن زيارته لسجن أبو زعبل، ليس سيئا وفقاً لما أتيح لهم من معلومات، لكن الأضرار والتعذيب المنهجي الذي يحدث داخل سجن أبو زعبل أكبر بكثير من حجم التقرير الذي خلص في نهايته إلي إدانة إدارة السجن. وأضاف أن المجلس أغفل شهادة الصحفي أحمد جمال زيادة عن ترحيل عدد من السجناء وتعذيبهم من قبل إدارة السجن، مطالبا بضرورة فتح تحقيق جنائي ومحاكمة الفاعلين، وهو ما لم يتضح فى تقرير المجلس القومي لحقوق الإنسان. وأوضح الناشط الحقوقي مينا ثابت، أن بيان المجلس القومي لحقوق الإنسان أكد وجود انتهاكات في أماكن الاحتجاز، بجانب إشارة المجلس إلي سوء حالة أماكن الاحتجاز، والتعسف في التأديب، والإخلال بحق المحتجزين في التريض، وحتي الحصول علي مياة صالحة للشرب، مما يحول السجون من مجرد مكان للاحتجاز وتقييد الحرية إلي أماكن غير آدمية. واختتم "ثابت": يجب وقف كل هذه المهازل وإعادة النظر بشكل جدي في المعتقلين علي خلفيات سياسية الفترة الماضية، كما يجب علي المجلس القومي لحقوق الإنسان أن يكثف من زياراته للسجون والأقسام وأماكن الاحتجاز بشكل عام؛ لرصد حالات التعذيب أو سوء المعاملة لبعض المواطنين فيها.