تضاف مأساة جديدة إلى كم المآسى التى يعانيها المريض المصري داخل وحدات ومراكز غسيل الكلي بالمستشفيات الحكومية، فالعديد من الأمراض والأوبئة المتوطنة تنتظر أكبر عدد ممن يترددون يوميا على المستشفيات، والذين لا يعلمون أنهم بصدد بدء رحلة جديدة لمعاناة إضافية يتعرضون خلالها للإصابة بالفيروسات الكبدية وغيرها من الأمراض؛ نتيجة للإهمال الجسيم فى النظافة وكيفية التخلص من المخلفات الطبية، خاصة فى ظل غياب رقابة وزارة الصحة. تفتح «البديل» ملف مرضى «الفشل الكلوي»، بمناسبة اليوم العالمي لهذا المرض، الذى يقدر ضحاياه بحوالى 2 مليون و600 ألف حالة داخل مصر، يموت منهم حوالى 30% سنويا، في حين لا تتجاوز النسبة العالمية لوفاة مرض الفشل الكلوى 7%، وذلك وفقا للإحصائيات التي أجريت خلال عام 2014. الجدير بالذكر أن عدد المرضى الذين يغسلون الكلى فى مصر 60 ألف، بالإضافة إلى 77 ألف مريض على قوائم الانتظار. الإهمال وغياب الرقابة يعرضان أصحاب الفشل الكلوى لمزيد من الأمراض يقول أحمد محمود، أحد مرضى الفشل الكلوي، أثناء تواجد أمام وحدة الغسيل بمستشفى القصر العيني، إن هناك حالة من الإهمال المتعمد يتعرض لها مرضي "الفشل الكلوي" في مصر؛ نتيجة لغياب الرقابة من قبل الوزارة، إضافة إلى قلة الوعي فى الجزء الخاص بالوقاية من خلال عدم اتباع القواعد الصحية السليمة، فطاقم التمريض لا يرتدى القفزات أثناء الجلسات الخاصة بغسيل الكلي، والتعامل مع أكثر من مريض في وقت واحد، الأمر الذى يزيد من فرص نقل العدوى بين المرضى، خاصة الحاملين للفيروسات الكبدية. وأضاف "محمود" أن هناك عددا كبيرا من المخالفات الأخري تتم داخل وحدات غسيل الكلى، منها عدم تغيير الفلاتر المستخدمة بعد كل مريض، ما يمثل جريمة فى حق المرضى، فضلا عن الإهمال المتعمد من قبل القائمين على المنظومة الصحية فى مصر، وعدم إجراء أي تحقيقات مع المتسببين فى حالة التردى الصحى التى يعانى منها مرضى الفشل الكلوى والمعرضون للإصابة بفيروس التهاب الكبد الوبائى "سى" بين الحين والآخر. «الحق فى الدواء»: مراكز الغسيل تستخدم الفلاتر أكثر من مرة دون تعقيم على الجانب الآخر، أبدي الدكتور محمود فؤاد، المدير التنفيذى للمركز المصرى للحق فى الدواء، انزعاجه الشديد من المأساة التي يعيشها مرضى الغسيل الكلوى فى مصر؛ نظرا لما يواجهونه من مخاطر عديدة على حياتهم وتعرضهم لانتقال الفيروسات الكبدية أثناء عمليات الغسيل نتيجة للممارسات المخالفة لأداب المهنة من قبل مافيا تجاره الأدوية واستغلال أصحاب وحدات الغسيل لهم، مستنكرا التجاهل الشديد الذى تمارسه وزارة الصحة تجاه المرضى بعدما تركتهم لقمة سائغة لاستغلال أصحاب المطامع المادية، ولافتا إلى أن أمراض الكلي خطيرة تفقد المواطن القدرة على العمل والإنتاج. وأوضح: «كشفت أحدث الإحصائيات التى أجرتها الجمعية المصرية للكلي ومنظمة الصحة العالمية مؤخرا، أن عدد المرضي المترددين علي وحدات الغسيل الكلوي بكل من المستشفيات الحكومية، والتعليمية، والمراكز المتخصصة، والتأمين الصحي، والمؤسسات العلاجية، والقطاع الخاص، وصل 114 ألف و278 مريضا، ويمثل مرضي المستشفيات الحكومية النصيب الأكبر من إجمالي المترددين، حيث وصل عددهم نحو 52 ألف و885 مريضا». وأكد مدير الحق فى الدواء أن هناك عددا كبيرا من المخاطر تواجه المرضى، حيث إن 83% من المراكز الخاصة والحكومية في مصر تستخدم محلول "الاسيتيت" في جلسات الغسيل الكلوي، برغم أن الدراسات أكدت مدى خطورة استخدامه في العديد من بلدان العالم، حيث يؤدي إلي هبوط في عضلة القلب وهبوط في ضغط الدم، متابعا: «تقوم جميع مراكز غسيل الكلي سواء الحكومية أو الخاصة باستخدامه لضعف تكلفته، دون اعتبار لمدي خطورة الاستهانة بحياة المواطن الفقير، إضافة إلى أن باقي مستلزمات الغسيل غير مطابقة للمواصفات، فيوجد تقرير رسمى يؤكد أن مراكز الغسيل تستخدم فلاتر حجمها 1,3 سم مكعب و6,8، فى حين أن الفلاتر الصحية يكون حجمها 34,8 سم مكعب، إضافة إلى أن هناك العديد من المراكز تستخدم الفلاتر أكثر من مرة في جلسات الغسيل دون تعقيم، مما يعرض حياة المريض للخطر»، ولافتا إلى ارتفاع سعر الغسيل، حيث تصل الجلسة الواحدة إلي 140 جنيها في بعض المراكز، و400 فى البعض الآخر، بخلاف الإهمال الطبي وطول قائمة الانتظار للعلاج علي نفقة الدولة التى أصدرت نحو 43 ألف و256 طلبا عام 2014 من أصل 112 ألف طلب مقدم لها. ولفت "فؤاد" إلى أن 25 : 55% من مرضى الغسيل الكلوى أصيبوا بفيروس "سى"، موضحا أن الغسيل الكلوى أصبح المصدر الأول فى الإصابة بالالتهاب الكبدى الوبائى، فأثناء عمليات الغسيل يحدث انسداد مواسير سحب المياه بماكينات الغسيل، ما يعرض المرضى للصداع والضغط والشد العضلي وهياج الجلد، الأمر الذى يؤدى إلى وفاة الكثيرين بسبب الإهمال والتسيب وعدم توافر الإمكانيات والأدوية. وتابع أن هناك309 مراكز خاصة وحكومية لغسيل الكلى، وأن عدد كبير منها وحدات خاصة يمتلكها مهندسون وفئات أخرى، تستغل الوضع الصحي لهؤلاء المرضى، ودخلت المجال طمعا فى الأرباح التى يقدر بحوالى مليار جنيه سنويا. «الصحة العالمية»: 36% من مرضى الفشل الكلوى بسبب ارتفاع ضغط الدم وأشارت الإحصائيات التابعة للجمعية المصرية للكلى ومنظمة الصحة العالمية، إلى أنه هناك اختلاف فى نسبة انتشار المرض فى مصر عن غيرها من بلدان العالم، فنسبة الإصابة دون سن الخمسين 90% دلالة واضحة علي تردي الرعاية الصحية، فيما تنحصر الإصابة في الدول الأوروبية بين سن 70 و80 عاما، وأكدت أن نسبة الإناث المصابات بالمرض وصلت إلي 55%، مقابل 45% للذكور، وانحصرت أسباب الإصابة بالمرض في ارتفاع ضغط الدم المسئول عن 36% من إجمالي الإصابات، مقابل 13,5% لمرضي السكر، ونحو 80% للالتهابات الصناعية بالكلي، و6% لانسداد المسالك البولية، فيما لم يعرف الأسباب التي أدت لإصابة النسبة المتبقية "15%". وأكدت الإحصائية أنصناعة الدواء والمستلزمات العلاجية، تسيطر عليها مافيا من الشركات تعمد إلى بسط نفوذها، فتوفر أصناف دوائية بعينها، وتمنع بعضها ليرتفع سعرها، خصوصا إذا كانت ضمن المستحضرات الطبية، يضاف إلى ذلك تعطيلها إنتاج بعض مستلزمات العلاج لبعض الأمراض مثلما يحدث في قضية العلاج بالغسيل البريتوني لمرضى الفشل الكلوي، الذين يتكبدون معاناة وتكلفة الغسيل الدموي للكلي ثلاث مرات أسبوعيا، تستغرق الجلسة نحو 3 ساعات إلى 4.