يجب التنويه إلى أننا لا نكتب تقريرًا عن الأوضاع المزرية لعمال المحلة في ثلاثينيات القرن الماضي مثلاً، بل في عصرنا الحالي، حيث إن عشرات الآلاف يعملون في مهنة إنتاج الطوب الطفلي بقرى الغربية والدقهلية هم ضحية أخرى من ضحايا سياسات الفساد والنهب التي تؤدي دومًا إلى تشريدهم وتصفية المصانع. فى البداية يقول السيد عيد إنه يعمل فى أحد مصانع الطوب بشبين الكوم منذ 10 سنوات، ولا يعرف له عملاً سواه، وإنه رب لأسرة مكونة من 5 أفراد من بينهم أطفال فى الدراسة، متسائلاً "هاصرف على ولادى منين؟"، مشيرًا إلى أن المصانع بالفعل تعاني أزمة كبيرة، ولكن أصحاب المصانع إذا كانوا سيخسرون بغلق المصانع فلهم مصدر رزق آخر، أما العمال البسطاء فليس لهم أى مصدر رزق سوى هذا المصنع، فأين يذهبون؟ ولمن يتقدمون بشكواهم؟ وقال العامل محمد رمضان إن هناك أسرًا كثيرة سوف تتعرض للتشرد بعد قرار غلق مصانع الطوب، مناشدًا المسئولين النظر لهم بعين الرحمة والرأفة وحل الأزمة بدلاً من أن يضطر أصحاب المصانع لغلقها، ويتشرد 60 ألف عامل بأسرهم. كان أصحاب مصانع الطوب بمحافظتى الغربية والدقهلية قد قرروا وقف إنتاجهم وإغلاق مصانعهم؛ احتجاجًا على عدم توفير المازوت الخاص بتشغيل المصانع وتجاهل المسئولين بوزارتي البترول والصناعة حل مشاكلهم وتوفيرالطاقة اللازمة لتشغيل مصانعهم، كما أعلنوا عن حل مجلس إدارة الرابطة ؛لفشله في حل الأزمة وتشكيل مجلس جديد للتعامل مع الأزمة وحلها. وأكد رأفت أبو صيرة صاحب مصنع لإنتاج الطوب الطفلى أن مشكلة نقص المازوت تسببت فى خسائر مادية فادحة لأصحاب المصانع الذين يضطرون لشراء نوع من الزيت غالى الثمن؛ لاستخدامه فى تشغيل المصانع بدلاً من المازوت، وهو ما يتطلب تكلفة مادية كبيرة للغاية، وبالتالى لا يوجد مكسب يتحصل عليه صاحب المصنع، مما جعله غير قادر على سد مرتبات العمال؛ لذا قرر أصحاب المصانع إغلاقها والتوقف عن العمل لحين حل الأزمة الطاحنة. وأضاف عاطف حجازي صاحب مصنع أن حصة كل مصنع في اليوم 35 طنًّا، لم يصل للمصانع أكثر من 30% من هذه الكمية فقط طوال العام الماضي. وبرغم المعاناة الشديدة والمشاكل التى يتعرض لها أصحاب المصانع، فوجئوا فى بداية شهر مارس الجارى برفض شركة السويس إعطاءهم حصصهم وتحويلها لشركة النيل بأسيوط. مؤكدًا أن جميع المصانع لم يصلها طن واحد منذ هذا الإعلان، وهو ما يزيد الأمر سوءًا، ويجعل الخسائر تأتى واحدة تلو الأخرى. وفى هذا الصدد نظمت رابطة أصحاب مصانع الطوب بمحافظتي الغربية والدقهلية مؤتمرًا حضره جميع أصحاب المصانع بالمحافظتين والبالغ عددهم أكثر من 150 مصنعًا؛ وذلك لمناقشة الأزمة التي تواجههم والتي تضمنت نقص حصص المازوت الخاصة بتشغيل مصانعهم إلى أن توقفت حصص المازوت تمامًا منذ بداية الشهر الجاري بعد تحويلها من شركة "توتل" بمحافظة السويس إلى شركة "النيل" بمحافظة أسيوط. وأكد أصحاب المصانع أنهم لم يتركوا مسئولاً في الوزارتين (الصناعة – البترول) إلا وعرضوا عليه مشاكلهم، وواجهوا تجاهلاً تامًّا في حلها، مؤكدين لهم أنها مشكلة دولة، ويجب عليهم التحمل والصبر. من جانبه أكد سعيد مصطفي كامل محافظ الغربية أنه التقى بوفد من أصحاب مصانع الطوب، واستمع إليهم، وناقش مشاكلهم، وطلب من رئيس الهيئة حلها بتوريد الطاقة اللازمة لتشغيل هذه المصانع قبل انتهاء هذا الأسبوع وعدم إغلاق هذه المصانع؛ حفاظًا على هذه الصناعة وعدم تشريد العمال.