طلاب ل"البديل": مشروع الشاب الأفضل هو الهجرة.. وباحث سياسي: المشروع غير واضح يترقب الطلاب من خريجي المعاهد المتوسطة والجامعات خلال أشهر قليلة ما ستسفر عنه نهاية الفصل الدراسي الثاني من فرص عمل ستوفرها الحكومة لهم، وما إن كان مقترح الرئيس عبد الفتاح السيسي سيوفي بهذا الغرض أم لا. تباينت ردود الأفعال بين طلاب جامعة الإسكندرية حول مدى إمكانية التقدم لشغل الوظيفة المعلن عنها في الدفعة الأولى التي تضم خمسمائة عربة "ثلاجة" خضروات وفاكهة متنقلة، كدٌفعة أولى لحملة المؤهلات العليا للعمل عليها وفق شروط محددة. يقول مروان عطا؛ الطالب بالفرقة الثالثة بكلية التجارة جامعة الإسكندرية: "هل استفادت مصر من أبحاث حملة الدراسات العليا من الماجستير والدكتوراه كي تضطرهم إلى العمل على عربة خضار؟!". ألمح عطا إلى أنه عزم على السفر خارج مصر بمجرد تسلمه شهادة التخرج وإنهاء فترة تجنيده، بقوله "كان على الدولة اختصار المشوار واغلاق المدارس والجامعات". وتساءل عطا: "ما هي الفائدة التي ستعود على الشباب من شاغلي تلك الوظيفة أو الفرصة، بخلاف العائد المادي؟!، وكيف نساوي حملة المؤهلات العليا أو حتى المتوسطة أو ما قبل الجامعية، أو حملة الدراسات العليا، بحملة رخصة القيادة!؟ وتوقع عطا، ان الحاجة للمال ستدفع الشباب اضطرارًا الى قبول عرض العربة، لسوء وضعهم المادي. وقرر سامح أحمد الطالب في كلية التجارة، رفض تلك الوظيفة، بقوله: "وظيفة عربة الخضار غير مرضية، وليست تلك هي النهاية التي يحلم بها أي طالب مصري، وهي لا تمثل حلًا دائمًا لمشكلة البطالة التي لم تفرق بين أصحاب المؤهلات العليا أو المتوسطة. ويضيف سامح، "الفرصة قد تمثل حلًا جزئيًا لبعض الطلبة الذين سيوفرون عائدًا ماديًا يحصلون به على دورات تدريبية في مجالات اللغة وغيرها، أو استكمال الدراسات العليا ذات الكٌلفة المادية العالية". ويعتقد سامح، أن المشروع سوف يؤدي إلى هلاك موارد الدولة المالية، فهي دولة تنفق أموالًا طائلة على التعليم بالمدارس والجامعات، وفي الوقت ذاته فهي تنفق من أجل أن يعمل هؤلاء الشباب في مجال مختلف تمامًا، وهو سيارات الخضار المتنقلة. ويرى سامح، أنه كان من الأفضل على الدولة أن تعلن عن تلك المهن، قبل انخراط الشباب في الدراسة وإهدار سنوات من الجهد، ليتمكنوا من توفير آلاف الجنيهات التي أنفقوها في دراستهم منذ البداية، طالما أن مصيرهم سيكون كبائعي خضروات وفواكه، معتبرًا ان المشروع الأفضل الذي يخطط له الآن والكثير من الشباب هو "مشروع الهجرة". ورأي محمد ماهر؛ الطالب في كلية الآداب قسم الاجتماع، أن مشروع الرئيس السيسي لعربة الخضار، يمثل نهاية لنظريات البحث العلمي والحديث عن تطوير مؤسسات مصر علميًا، فبدًلا من استغلال طاقات الشباب في تحقيق اكتفاء ذاتي من محصول القمح مثلًا، او حتى تطوير مهارات الطلاب خريجي الكليات العلمية، ندفعهم لاستخراج رخصة قيادة لعربات خضار، بقوله: "طالما الموضوع كله سواقة، يشتغلوا في مشروع التاكسي أحسن!". واختلفت وجهة نظر الطالبات للمشروع عن الشباب، فقالت سارة السيد الطالبة في كلية الحقوق بجامعة الإسكندرية، أنها ستشجع الشخص الذي ستتزوجه مستقبلًا على السعي للحصول على مكان في هذا المشروع، ولكن لفترة مؤقتة توفيرًا لنفقات الزواج باعتبار أن العمل ليس عيبًا، متوقعة أن توفر الدولة للخريجات في المقابل "مشروع الغسالة المتنقلة". وقالت لبنى إمام، طالبة بكلية الآداب قسم مكتبات، ان الأفضل للشباب أن يغتربوا خارج البلاد للعمل في وظيفة تتناسب أكثر مع مؤهلاتهم، وما أنفقوه عليها، مطالبة الحكومة بتوفير مشروعات للخريجين ولكن "مش عربية خضار" على حد قولها- فلديها الاستعداد بأن تنتظر سنوات حتى يتمكن من سترتبط به من توفير نفقات الزواج في حال عمله بمهنة تتناسب مع مؤهله الدراسي، دون العمل في مجال آخر. ولا يختلف الأمر من وجهة نظر أولياء الأمور عن أبنائهم، فبخلاف رفض آية محمود الطالبة بالفرقة الأولى بكلية الآداب، الزواج من شاب أفنى سنوات من عمره وصولاً إلى حلم معين ليتخلى عنه بعد ذلك من أجلها أو لأي سبب آخر، فإن أسرتها أيضًا تنتظر الزوج الأكثر توافقًا مع مهنتها وتعليمه، حتى لا يخرج مع مرور الوقت من أسلوب حياته الذي اعتاد عليه لينخرط في مجال آخر لا يتناسب معه، مشيرة إلى أنه في حال توفير الحكومة مشروعات مثيلة للفتيات فإنها لن تقبل بها وستفضل البقاء في المنزل. وتوقعت أن تفتتح الحكومة كلية لبيع الخضار أسوة بتصريح الدكتور السيد عبد الخالق، وزير التعليم العالي، الذي شدد فيه على ضرورة وجود شباب حاصلين على دكتوراه في السباكة والحلاقة، لممارسة المهنة عن وعي وفهم لما يتطلبه سوق العمل المصري وإعلاء التعليم الفني الذي ينظر إليه المجتمع من منظور سيئ، خلال ندوة "تحديات التعليم التكنولوجي ومتطلبات سوق العمل" بمقر معهد إعداد القادة الخميس قبل الماضي. من جانبه تساءل كريم محروس، باحث سياسي، عن الجدوى الاقتصادية لهذا المشروع، خاصة وانه مشروع توزيع وليس إنتاج أو تصنيع،كما أن المحافظات لا تواجه مشكلات في توزيع السلع أو المحاصيل عليها. وتساءل محروس، عن تمويل المشروع وعدم وضوح الرؤية حوله، وعن الفئات المستهدفة التي سوف تشغل تلك المهنة وحجم فرص العمل التي سوف يوفرها، والغرض منه في ظل عجز الموازنة، وهل سوف يمتص بطالة السوق المصري، و ما هي تطلعاته المستقبلية. وأشار إلى ان المشروع كان من الممكن أن يضم وحدات لتصنيع المنتجات الزراعية، أو إعادة تدوير المخلفات الزراعية مثل قش الرز وخلافه، إلا أنه بالفعل غير واضحة أهدافه الاقتصادية والاجتماعية ومدى ارتباطها بخطة الدولة. ويرى محروس ان المشروع لم تتضح له أية إيجابيات أو خطة معلنة حتى الآن، بالرغم من أن تطبيقه سيكون تنفيذًا للوعد الذي قطعه الرئيس السيسي على نفسه خلال فترة ترشحه للانتخابات، فالمشروع كمثيله من المشروعات المصرية العامة، يعاني من أزمة شفافية. واعتبر ان شغل طلاب الجامعة أو الدراسات العليا وظيفة في هذا المشروع، يعد إهدارًا للموارد البشرية التي قضت سنوات في التعليم، فضلاً عن كونه سلعة خدمية لا تقدم أي إضافة للناتج القومي. وتسائل محروس عن العائد الاقتصادي للمشروع، باعتبار ان التوزيع مجرد سلعة خدمية لا تقدم أي إضافة للناتج، مستنكرًا عدم وضوح المعلومات الكافية عن المشروع بالنسبة للمواطنين، وهل سيشتري الشباب السيارات عن طريق الأقساط أو من خلال موزع معين، وأي وزارة سوف تشرف عليه. ووفقًا للتقرير الصادر عن وزارة التخطيط في سبتمبر الماضي، فإن الإسكندرية كان لها النصيب الأكبر بين محافظات مصر في معدل البطالة، والذي وصل إلى 17.3%، ليعلو عن متوسط عام الجمهورية والتي وصلت فيها إلى 12.7%.