بدأت إيران خلال اليومين الماضيين مناورات عسكرية هي التاسعة في تاريخ الحرس الثوري أطلقت عليها اسم "الرسول الأعظم"، هدفها الواضح والمعلن للجميع هو تقييم مختلف القوات التابعة للحرس واختبار مختلف أنواع الأسلحة والمعدات، إلا أن هذه المناورات تحوي في مضمونها العديد من الرسائل السياسية للدول الغربية والإقليمية أيضًا. مناورات "الرسول الأعظم" انطلقت الأربعاء الماضي لتختتم الجمعة، بحضور رئيس مجلس الشورى "علي لاريجاني"، والقائد العام للحرس الثوري اللواء "محمد علي جعفري" وعدد كبير من كبار القادة العسكريين. بدا مضيق هرمز على الجانب الإيراني وكأنه ساحة حرب حقيقية، فالحرس الثوري أيقظ قواته البحرية ليقول إن إيران قادرة على توفير أمن مياه الخليج من دون تدخل خارجي، وبنى الحرس الثوري حاملة طائرات افترض صراحة أنها "أمريكية"، ثم جعلها هدفا لهجوم بالزوارق السريعة، وأمطرها بالصواريخ، وفي جانب آخر من المضيق، قال الحرس الثوري إنه زرع ألغاما بحرية متطورة، وتحدث عن قدرته على السيطرة على الممر العالمي. في اليوم الأول من مناورات "الرسول الأعظم"، اختبر الحرس الثوري الإيراني صواريخ باليستية، "زلزال" و"فاتح" و"نصر"، أصابت أهدافا ثابتة ومتحركة في مياه الخليج، ومن طائرات مروحية أطلق الحرس صواريخ "كروز"، وكشف أيضًا عن صناعة فرقاطة "ذو الفقار". وخلال المرحلة الثانية من المناورات تم إنشاء المئات من المواقع الخرسانية، وتثبيت أسلحة في الجبال الكائنة في المنطقة، وهي غير قابلة للكشف والرصد حتى من قبل الطائرات بدون طيار، وتم استخدام دبابات ومدفعية وقوات خاصة وأسلحة مضادة للمروحيات وألغام قافزة وصواريخ من طراز "دهلاوية". أطلق الحرس الإيراني خلال المناورات طائرات بدون طيار مزودة بكاميرات رصد دقيقة وحلقت على ارتفاعات 150 مترًا، كما استخدم طائرات مسيرة من نوع "آر بي اج" القادرة على الرصد في الليل والنهار وحلقت على مدى 7 كيلومتر، ومن ثم تم اختبار عدد من الأسلحة والصواريخ المضادة للمروحيات وعدد من الألغام منها "رميت" وهو لغم يزرع على جانب الطريق، و"صياد" وهو لغم قافز، إضافة إلى صواريخ "جمرات" و"واصل". كما استخدم في هذه المرحلة رشاشات "نصير" و"عاصفة" و"روبوت مسلح" يبلغ مدى التحكم به إلى 5 كيلومترات، وهو مزود بسلاح من عيار 6.7 مليمتر، قادر على تدمير الأهداف بدقة عالية. أما المرحلة الثالثة والأخيرة من المناورات فقد شهدت مشاركة قسم من وحدات القوة البحرية والبرية والجوفضائية، حيث تم اختبار سلاح استراتيجي جديد أضيف إلى ترسانة ومؤسسة الدفاع البحري للحرس الإيراني، وحول قدرات هذا السلاح الجديد، اكتفى قائد القوة البحرية للحرس الثوري الأدميرال "علي فدوي" بالقول إن دخول هذا السلاح الجديد الخدمة سيلعب دوراً مصيرياً جداً في رفع القدرات البحرية لإيران على صعيد مواجهة التهديدات المحدقة لاسيما من قبل الولاياتالمتحدة. من جانب آخر قال الخبراء العسكريون الإيرانيون إن "المناورات كانت موفقة، ورسالتنا لجيراننا هي تحقيق الأمن الدائم في المنطقة وفي الخليج العربي ومضيق هرمز، وأن الأرض تتعلق بهذه الشعوب التي تسكن فيها"، وأضافوا "نحن نقول لأعدائنا القادمين من خارج المنطقة إن إيران وبالتعاون مع جيرانها قادرة على الحفاظ على الأمن والسلام في المنطقة، ولا حاجة لقدوم الغرباء إليها، مؤكدين أن إيران ستقف وبقدرة كاملة أمام الأعداء". أكد قادة عسكريون إيرانيون أن المناورات التي انطلقت بعد أقل من يومين من اختتام آخر جولة من المحادثات النووية بين إيران والسداسية الدولية، تحمل رسالة ردع للعدو، مفادها أن طهران تمد يدها بالصداقة للجميع، لكنها مستعدة لكل الاحتمالات، وقال الأدميرال "علي فدوي" قائد القوة البحرية في الحرس الإيراني، "العدو لا يعلم إلا القليل مما لدينا من الأسلحة وأسلحتنا الخاصة لا يستطيع العدو كشفها، وسيكشفها فقط لحظة استخدامها ضده". رسائل عدة حملتها مناورات الحرس الثوري كان أهمها الكشف عن أسلحة جديدة تمتلكها إيران، والتأكيد على أن طهران بإمكانها حماية المياه الخليجية والسيطرة على مضيق هرمز، لتدرك بذلك الإدارة الأمريكية والدول المعادية لها أن المفاوضات الجارية بشأن البرنامج النووي لم تأت من منطلق ضعف الموقف الإيراني وإنما قوة وثقة طهران.