أغفلت الدولة حينما أقدمت على إنشاء أنفاق المشاة، أنها من الممكن أن تتحول من مصدر راحة للمواطنين إلى مصدر رعب وقلق، فبعدما كلفتها الدولة ملايين الجنيهات، سواء لإنشائها أو صيانتها، تحولت الأنفاق إلى أوكار للخارجين على القانون واللصوص والمحرشين، وأصبحت أسواقا للباعة الجائلين، ومقالب للزبالة.. حاولت «البديل» رصد بعض انتهاكات أنفاق المشاة بمحافظة القاهرة. «نفق باغوص بالشرابية».. وكر للمخدرات والبلطجة مخاطرة حقيقية، يتعرض لها أغلب من تضطرهم ظروفهم إلى استخدام نفق مشاه "باغوص" فى الشرابية، ليس فقط لإظلام النفق أو الرعب الذى يسيطر على المارة، لكن لأنه تحول إلى وكر يستخدمه الخارجون على القانون، إما لسرقة المارة بالإكراه وترويعهم، أو للاختفاء فيه وتعاطى المخدرات، فلا فارق بين منتصف الليل وعز الظهر، فالسرقة بالإكراه داخل النفق لا يمنعها شىء، حسب تأكيد أغلب سكان الشرابية، الذين أجمعوا على أن النفق تحول إلى مصدر خطر عليهم. يقول محمد بدر، الناشط السياسي وأحد أهالى المنطقة: «كان لدينا أمين شرطة دائم فى النفق، لكنه اختفى منذ عام، ومن وقتها والحوادث لا تنقطع، وكل يوم نسمع عن حادث، وآخرها قبل يومين وجدت فتاة تخرج جرياً من النفق وخلفها رجل يرتدى جلباباً صعيدياً، وعندما صرخت فر هارباً». من جانبها، أكدت منال محمد، إحدى الأهالى، أن نفق باغوص تحول إلى وكر للبلطجية، مضيفة: «خطابنا المحافظة أكثر من مرة، لكن دون جدوى»، مستطردة: «نخاف أن يسير أبناؤنا وحدهم في هذا النفق بعد كثرة الحوادث به، سواء من البلطجية واعتدائهم على الرجال أو تحرشهم بالفتيات». «نفق المعادي».. كلفته الدولة ملايين الجنيهات ليكون مأوى للمتحرشين أصبح نفق المعادى وكرا للمتحرشين واللصوص، في ظل غياب المسئولين الذين لم يستجيبوا لسلسة الحوادث التي تسيطر علي عدد من أنفاق المشاة من بينها نفق المعادي الذي يقع في منظقة زهراء المعادي، فبعد تكلفته مئات الآلاف من الدولة، تكررت حوادث السرقة فيه، والتي انتهت بغلق النفق بعد الساعة الخامسة منعا لوقوع حدوث التحرش أو السرقة، بالإضافة إلي أن المصاعد الكهربائية التي تكلفت ما يقارب 100 ألف جنيه بها عطل في التيار الكهربي. أوضح أحمد السعيد، أحد الطلاب الذين يمرون من النفق بشكل يومي، إن هناك حالات تحرش تحدث للطالبات اللاتي يمرون من النفق، وربما يتطور الوضع للسرقة بسبب الغياب الأمني وانقطاع التيار الكهربائي للنفق الذي يقع تحت طريق دائري المعادي، مضيفا أن المحافظة تجاهلت عشرات الاستغاثات من المواطنين، ومطالبًا المحافظة بسرعة التدخل. «نفق الأزهر».. يغرق في الإهمال رغم استقالة المسئول عنه لم يختلف نفق الأزهر عنهم كثيرًا، فقد تقدم المهندس إبراهيم سماحة، رئيس جهاز تشغيل نفق الأزهر في فبراير 2014، باستقالته للدكتور جلال السعيد، محافظ القاهرة؛ احتجاجا على إهمال محافظة القاهرة أعمال الصيانة بالنفق، وقال "سماحة" في استقالته: "تحقيقات النيابة مع عمال النفق بسبب تكرار إغلاقه أثبتت أن هناك آلافا من المستندات التي تم إرسالها إلى محافظة القاهرة خلال السنوات الثلاث الماضية للمطالبة بصيانة النفق وشراء معدات وقطع غيار وتركيب كاميرات مراقبة داخل النفق، إلا أن المحافظة لم تبال بالرد ولم تهتم". وعلى الرغم من مرور أكثر من عام على الاستقالة، إلا أن النفق ما زال يغرق في الإهمال والتعديات من قبل البلطجية المتواجدين بداخله. وعن ذلك، قال اللواء محمد عبد الفتاح عُمر، الخبير الأمني، إن انتشار البلطجة في أنفاق المشاة يرجع إلى عدم توظيف الجهود الأمنية بشكل صحيح، مشيرًا إلى أن أنفاق المشاة تشكل خطرًا على حياة المواطنين وبخاصًة أن هناك من يتعاطون فيها المخدرات، وهذا يعد أمرا بالغ الخطورة. وطالب "عبد الفتاح" وزارة الداخلية بضرورة توزيع دوريات شرطية ثابتة داخل كل الأنفاق في محافظات الجمهورية، لافتًا إلى أن الإخوان من الممكن أن يستغلوا الغياب والانفلات الأمني داخل الأنفاق وينفذون عملا إرهابيا. من جانبنا، حاولنا التواصل مع محافظة القاهرة، لكن المحافظ رفض الإدلاء بأى تصريحات صحفية تخص الأنفاق، وأكد أن جولاته مستمرة، وأن الأنفاق ضمن خطط التطوير، رافضًا التعليق عن الإهمال المتواجد بداخلها. كان جلال سعيد، محافظ القاهرة، أعلن في نهاية 2014، عن إصلاح السلالم الكهربائية وإعادة تشغيلها يومياً من السابعة صباحاً وحتى الثانية عشرة بعد منتصف الليل، بالإضافة إلى غلق الفتحات الموجودة فى الأسوار الحديدية التى تحدد اتجاهات السير فى أروقة الأنفاق وبخاصة نفقى المعادي والأزهر، لكن السكان نفوا الأمر تماما.