انتشرت خلال السنوات الثلاث الماضية، ظاهرة التنقيب عن الآثار في محاولة لتحقيق حلم الثراء السريع، وتحولت الظاهرة إلي هوس عند البعض، واتخذت أشكالا عدة منها تشكيل عصابات للتنقيب عن الآثار سواء بالمنازل أو المناطق الأثرية، وآخرون شكلوا عصابات للنصب بدعوي العثور علي آثار ويطلبون من الشخص المستهدف معاونتهم في ترويجها وله نصيب من الكنز والغنيمة. وصلت الظاهرة إلي مرحلة أخطر عندما شكلت عصابات مسلحة للتنقيب بالمناطق الأثرية تحت تهديد السلاح لحراسها والقائمين عليها بعد اقتحام المناطق الأثرية وتقييد حراسها والقيام بأعمال التنقيب، وهو ما حث منذ فترة في مدينة ماضي بقرية الونايسة التابعة لمركز إطسا بمحافظة الفيوم، حيث اقتحم مسلحون ملثمون مجهولون يحملون الأسلحة الآلية المنطقة والعبث بها. يقول سيد علي الشورة، مدير منطقة آثار الفيوم، إن هوس الثراء السريع زاد بصورة ملحوظة خلال السنوات الأخيرة، وانتشر معه خزعبلات الزئبق الأبيض والأحمر، مضيفا: «للأسف يقع بعض الحالمين بالثراء في براثن العصابات». وتابع: «هذه العمليات تنتشر في العديد من القري خصوصا القريبة من المناطق الأثرية مثل العزيزية وأصلان وكفر محفوظ بطامية، وقرية سنهور بسنورس، وللأسف تزهق أرواح كثيرة جراء انهيار أعمال الحفر، وهو ما تكرر أكثر من مرة فى بعض القرى، كان آخرها مصرع 5 مرة واحدة في محاولة للتنقيب بقرى مركز الفيوم». وأرجع أحمد عبد العال، مدير عام منطقة الفيوم الأثرية، انتشار ظاهرة هوس التنقيب عن الآثار خلال السنوات القليلة الماضية إلي ارتباطها عبر التاريخ بالثورات الاجتماعية، قائلا إن أول تنقيب وسرقة للآثار حدثت عقب دفن توت غنخ آمون منذ آلاف السنين عندما فتح عمال المدينة الذين كانت مهمتهم نحت المقابر الملكية، مقبرة الملك الصغير بعد موته ودفنه مباشرة وسرقوا بعض محتوياتها حتي أعادها الملك آي ووضعها بالمقبرة التي ختمها بخاتمة حتي أعاد "كارتر" اكتشاف مقبرة توت غنخ آمون عام 1922. وأضاف: «تكررت أعمال نهب الآثار والتنقيب عنها مع عصور الاضمحلال التي تعرضت لها مصر عبر التاريخ سواء خلال الأسرات السابعة حتي العاشرة أو من الأسرة ال 13 حتي ال 17 والهكسوس»، متابعا: «فجّر مدير عام آثار الفيوم مفاجأة بقوله إنه حتي عام 1983 لم تكن عمليات التنقيب عن الآثار أو المتاجرة فيها مجرمة، وهو الأمر الذي بدأ مع صدور القانون 117 لسنة 1983 ثم تم تشديد العقوبات مع صدور القانون رقم 3 لسنة 2010، حيث ضاعف الغرامات من ألف جنيه حتي 50 ألفا والسجن من 7 سنوات إلي 15 و20 سنة». واستطرد "عبد العال": «من المفارقات الملحوظة، أنه قبل 25 يناير كانت عمليات التنقيب تتم خارج المناطق الأثرية والمنازل، لكن بعد 25 يناير والانفلات الأمني، انتقلت عمليات التنقيب إلي داخل المناطق الأثرية نفسها وتحت تهديد السلاح». من جهتها، وجهت شرطة السياحة والآثار بالمحافظة، مؤخراً ضربة قاصمة لمافيا التنقيب وسرقة الآثار، حيث تم خلال الفترة الماضية القبض علي عدد من أفراد العصابات ومنهم 7 بكوم أوشيم و5 بمنطقة غراب و2 بمنطقة كيمان فارس، كما تم ضبط جامعي "عاطل" يعرض 10 تماثيل أثرية نادرة من العصور الفرعونية المختلفة و33 عملة تاريخية من العصر الروماني للبيع. وأكدت تحريات شرطة السياحة والآثار أنها مسروقة من متحف ملوي بالمنيا الذي تعرض لهجوم من أنصار الرئيس المعزول من أعضاء الجماعة "الإرهابية" ما أدي لتدميره وتخريبه وسرقة محتوياته الأثرية التي لا تقدر بثمن خلال أحداث الرابع عشر من أغسطس الماضي عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة.