لا تغيب عن الجماهير بطول البلاد وعرضها تلك اللحظات التاريخية التى تدفقوا خلالها على الشوارع والميادين معلنين رفضهم للبطش والظلم والفساد..مطالبين بحكم رشيد يساهم فى بناء مستقبل يسوده الديمقراطية.. وتطبق فيه العدالة الاجتماعية.. وقبل أن تتحقق المطالب عشية 28 يناير.. كانت هناك عملية طمس للتاريخ.. من خلال سرقة 4 آلاف أثر مسجل.. تمت استعادة 1200 قطعة منها خلال الفترة الماضية.. وأن كان ما تم الإعلان عن سرقته يتنافى مع الحقيقة حيث أعلن الأثريون سرقة ما يقرب من 40% من آثار مصر خلال الثورة.. وأن هناك قطعاً أثرية غير مسجلة ولا يمكن حصرها.. تم التنقيب عليها وتهريبها أثناء الثورة. تقدر قيمة الآثار المسروقة ب40 مليار جنيه وهو ما أكدته «ديبورا لير» رئيس تحالف مكافحة تهريب الآثار، فى تصريحات صحفية سابقة حيث قالت: إنه عقب ثورة يناير تم اكتشاف سرقة كمية كبيرة من الآثار المصرية، وذلك بعد تلقيهم معلومات مؤكدة، تفيد نهب كثير من الآثار الموجودة بمصر. وأضافت «لير»: أنه تم عمل مسح بالقمر الصناعى للأرض بعد ثورة يناير فى بعض المناطق الأثرية، بالإضافة إلى إيفاد بعض البعثات لمصر وثبت سرقة الكثير من الآثار من خلال التسلل للمخازن والمتاحف بإحداث ثغرات فى الجدران والسطو على العديد من القطع. وأضافت رئيسة تحالف مكافحة تهريب الآثار، أنه تم عمل حصر للآثار المسروقة فاتضح أن قيمتها تبلغ من 3 إلى 5 مليارات دولار، وتم بيع 200 قطعة أثرية على شبكات الإنترنت، لافتة إلى أن من يقوم من المواطنين بالحفر والتنقيب فى الأرض يحصلون على أموال ضعيفة للغاية، بينما يحصل الوسطاء على الأموال الكبيرة من بيع الآثار. وأكدت أن وزير الخارجية الأمريكى يهتم بهذا الشأن، لأن سرقة الآثار المصرية تعد سرقة لحضارة العالم. ورغم الخسائر الفادحة التى تعرضت لها مصر فى هذا المجال، مازالت الحكومة تطلق التصريحات الوردية متجاهلة أن 60%من الآثار المصرية غير مسجلة وهذا ما أكده، علي أحمد علي، الخبير في مجال الآثار فى وقت سابق.. مضيفاً أن عمليات الحفر خلسة زادت بشكل ملحوظ بعد ثورة 25 يناير 2011 وهو أيضاً ما كشفته وزارة الداخلية المصرية مؤكدة أن عمليات الحفر بلغت 5697 عملية حفر غير مشروعة و1467 حالة إتجار و130 عملية تهريب، وهي 100 ضعف ما كانت عليه قبل 2011, ومن المؤلم أن المهربين أصبحوا لا يخشون البحث في الأماكن الأثرية البارزة كالأهرامات ومعابد الأقصر؛ حيث ظهرت عدة حفر عميقة على بعد أمتار من الأهرامات بالجيزة ودهشور ووادى الملوك. نعود إلى سبب إقدام السماسرة على اقتراف هذا الجرم الكبير.. وعلى من تقع المسئولية.. باختصار شديد الحكومة المصرية تتحمل الجزء الأكبر من المسئولية حيث تركت تطبيق العقوبة على السماسرة وفقاً لقوانين بالية ساهمت بشكل كبير فى هذا الجرم.. فالقطعة الأثرية التى تباع بملايين الجنيهات تقيد فى القانون جنحة وليست جناية وعقوبتها لا تتجاوز الحبس من 3 إلى 7 سنوات.. وفقاً للقانون رقم (117) لسنة 1983. والأخطر من ذلك تلك الثغرات القانونية التى تخرج المهرب «كالشعرة من العجينة» من الجريمة.. فالقانون سالف الذكر يسمح لحائزى الآثار عن طريق الميراث باستمرار حيازتهم لها، وربما كان هذا من أسباب الإخفاق فى استرداد بعض القطع المهربة خارج البلاد. المتحف المصرى أهم الضحايا ومن أهم المناطق والمتاحف الأثرية التى تمت سرقتها إبان الثورة.. والمتحف المصرى الذى تعرض للسرقة عشية جمعة الغضب، وأظهرت عمليات الجرد سرقة 85 قطعة، عادت منها 36 قطعة فقط وتتضمن الآثار المسروقة أشكالاً متنوعة من التماثيل، فضلاً عن قطع ذهبية وأدوات زينة من الأحجار الكريمة وتمثال من الحجر الجيرى للملكة نفرتيتى، كما فقد تمثال لتوت عنخ آمون من الخشب المذهب والبرونز، هذا فضلاً عن سرقة عدد من المخازن منها مخزن القنطرة شرق فى سيناء، ومخازن مقابر سقارة، ومخزن سليم حسن فى الجيزة الذى هاجمه مجموعة من اللصوص وقاموا بسرقة قطع أثرية من 11 صندوقاً تم كسرها، وبعد عدة أشهر من جمعة الغضب تعرض مخزن تل الفراعين فى محافظة كفر الشيخ لهجوم من 40 مسلحاً قاموا بسرقة العديد من القطع الأثرية، هذا فضلاً عن تعرض موقع اللاهون بالفيوم الذى يحتوى على مقابر أثرية للنهب على أيدى اللصوص. كما نشطت عصابات التنقيب عن الآثار أيضاً، حيث تمكنت أجهزة الأمن فى الجيزة من ضبط مجموعة من المتهمين، تمكنوا من استخراج عدد من التماثيل الأثرية، وصلت حوالى 13 تمثالاً تعود للعصور الفرعونية من إحدى المقابر القديمة بالمنطقة الصحراوية بالعياط وإخفائها، واعترف المتهمون بأنهم كانوا فى طريقهم لبيعها لأحد التجار بمنطقة الهرم تمهيداً لتهريبها للخارج. كما تمت إحباط محاولة أخرى للتنقيب عن الآثار بمنزل موظف بالأقصر، قام بالحفر والتنقيب بمنزله على بعد 250 متراً من معبد «خنوم»، حيث توصل فى نهاية الحفر إلى سردابين وراءهما كشف أثرى يرجع للعصر البطلمى الرومانى. كما تم ضبط 4 قطع أثرية ترجع للعصر الفرعونى بمنزل أحد الأشخاص بمنطقة أخميم بسوهاج، أثناء قيامه بالحفر، كما تم ضبط أوانٍ من الفخار عليها رسومات بارزة. إضافة إلى الآثار التي تمت سرقتها من متحف ملوي حيث تم نهب 1050 قطعة أثرية منه، وأعلنت وزارة الآثار استرداد 486 منها، هذا، وقد شهدت منطقة «صان حجر» بمحافظة الشرقية العديد من عمليات التنقيب عن الآثار. وتمت سرقة 96 قطعة من «متحف إلفنتين» وتعرضت منطقة «بين الجبلين» جنوب محافظة الأقصر، لعمليات هدم وتجريف لمقابرها وأسوارها التاريخية، وسرقة عدد كبير من محتوياتها الأثرية التي تعود للعصور الفرعونية، كما تمت سرقة العديد من المحتويات الأثرية بمحافظة أسوان والقليوبية.، كما شهدت منطقة «دهشور» الأثرية تعدي بعض الأهالي عليها لبناء القبور. بالاضافة إلى اختفاء 46 ألف عملة ورقية يرجع تاريخها لعصر محمد على باشا وتمثل أول عملة يشترك بها 8 دول وتحمل صورة ملكة إنجلترا، بالإضافة لحوالى 8 «حجج» ملكية لمحمد على والخديوى إسماعيل ونوبار باشا والملك فاروق، والملك أحمد فؤاد، بجانب مجموعة من الكتب القديمة عن المساجد الأثرية. ومتاحف فى قبضة اللصوص ومن الجرائم التى لا تنسى.. الحريق الذى طال المجمع العلمى بشارع قصر العينى والتهم 200 ألف كتاب من الكتب النادرة وأهمها كتاب وصف مصر. أما المخازن المتحفية فقد تعرض 6 منها للسطو والسرقة وهى: مخزن القنطرة شرق بسيناء، الذى اقتحمه اللصوص وسرقوا منه عدة صناديق مملوءة بالآثار، وقد استعادت الآثار 292 قطعة أثرية، كما تعرضت مجموعة من مخازن مقابر منطقة سقارة لعدة هجمات خلال عشرة أيام فقط، كسر فيها اللصوص أقفال هذه المقابر، ومخزن بعثة متحف المتروبوليتان بدهشور والمعروف بمخزن «دى مورجان» تعرض للهجوم مرتين قام خلالهما لصوص الآثار بتقييد حراس الآثار وشل حركتهم، وكذلك مخزن البعثة التشيكية تعرض للهجوم ودخله لصوص الآثار، ومخزن «سليم حسن» بالجيزة تعرض للهجوم وتم تحطيم أبوابه ودخله لصوص مسلحين يوم 1 مارس 2011، فى حين ان حراس الآثار كانوا عُزلاً، ومخازن تل بسطة أيضا، ومخازن وادى فيران بالقرب من شرم الشيخ تعرضت للهجوم ودخلهما لصوص الآثار. ومن المواقع الأثرية الفرعونية التى تعرضت للسرقة 10 مواقع منها: مقبرة «كن آمون» بتل المسخوطة بالإسماعيلية، حيث دمرها اللصوص تماماً، وهى المقبرة الوحيدة بالمنطقة من عصر الأسرة ال 19، وكذلك مقبرة «إيمبى» بالجيزة بالقرب من تمثال «أبو الهول» كما حاول اللصوص تدمير مقابر أخرى بالجيزة، إلا أن محاولاتهم فشلت، كما سرقت عدة قطع حجرية منقوشة من الباب الوهمى لمقبرة «حتب كا»، وقطع أخرى من مقبرة «بتاح شبسس» بأبو صير، وقبض حراس الآثار بمنطقة «نخن» على العديد من لصوص الآثار، كما حاول اللصوص أيضاً سرقة تمثال «رمسيس الثانى»، إلا أن الأثريين والحراس طاردوهم، وكذلك تم تدمير أحد المواقع الأثرية بشمال سيناء، وحدث سطو على منطقة أبيدوس وقام اللصوص بالحفر ليلاً بالمواقع الأثرية، وبلغ عمق بعض هذه الحفر حوالى 5 أمتار، أما فى منطقة الهرم فقد قام أهالى القرية المجاورة لهرم الملك «مرنرع» جنوب سقارة بالتعدى بالبناء على أراضى الآثار، كما تعدوا أيضاً على أراضى الآثار جنوب مصطبة فرعون، وهناك تقارير عن أعمال حفر خلسة فى مناطق الإسكندرية، والإسماعيلية والواحات البحرية والشرقية وأبو صير ودهشور. أما الآثار الإسلامية فقد تعرضت 6 منها للتدمير الكامل، وأول هذه المناطق قسم شرطة الجمالية الأثرية الذى حرق بالكامل، كما تحطم سبيل «على بيك الكبير» بطنطا، حيث انتزعت نوافذه الأثرية وأثاثه وبوابته الحديدية. وعثر على أجزاء من نوافذ السبيل مع أحد الباعة الجائلين بالمنطقة، كما تعرضت وكالة «كوم الناضورة» للتلف، وكذلك وكالة «الجداوى» التى تعرضت للهجوم وحطمت أقفالها، وتعرض خان الزكارشة الذى يضم مجموعة من البيوت الإسلامية، للهجوم بواسطة 50 فرداً مسلحاً، كما كسرت مجموعة من المجرمين بوابة «وكالة الحرمين» بمنطقة الحسين يوم 14 فبراير، وقد تعاون رجال الجيش مع الأوقاف والآثار فى ضبط الجناة. وكان الدكتور محمد إبراهيم، وزير الآثار السابق، فى وقت سابق قد أشار إلى سرقة 231 قطعة أثرية من مخزن ميت رهينة بمحافظة الجيزة، تمت استعادة 104 قطع منها. وأكد انخفاض إيرادات وزارة الآثار، حيث بلغت هذه الإيرادات فى عام 2012 - 2013 حوالي 483 مليون جنيه فقط مقارنة بمليار و274 مليونا فى 2009 - 2010، من جانبه قال عصام أمين مرشد سياحى إن السرقة ليست نوعاً واحداً، بل أنواع متعددة فمنها المادية وتتمثل فى سرقة الكنوز التي لا تقدر بثمن عقوبتها بسيطة في القانون وهي جنحة وليست جناية ويحصل المتهم على البراءة والنوع الآخر وهو الإهمال الجسيم للمناطق الأثرية التي تخلو من التأمين وتحتاج إلى نظام حديث على أن تكون المراقبة بكاميرات وأجهزة الإنذار وتسليح رجال الأمن. أضاف: بعد أن أصبحنا في القرن الواحد والعشرين وبعد التطور الهائل في التكنولوجيا الحديثة لا يصح أن تكون الوسائل المستخدمة بدائية جداً خاصة أن المخازن مليئة بالكنوز وهل يعقل أن تترك دون وسيلة عرض جيدة لها أو وسيلة تحميها.. واستشهد بآثار سقارة التى لا يخلو متحف فى العالم منها. وأشار «أمين» إلى أن إعادة اكتشاف المناطق الأثرية يحتاج إلي حلول غير تقليدية تشمل إعداد برنامج شامل متعدد الأهداف لجذب السياحة وحماية الآثار والسائحين وافتتاح مقابر جديدة بشكل دورى. وطالب سيد طه من شباب سقارة الحكومة بالاهتمام بالمناطق الأثرية خاصة أن منطقة آثار سقارة تحتاج إلى تأمين شامل واستكمال السور لأن المنطقة كبيرة المساحة وتطل على الأراضى الزراعية والقرى.. مما يجعلها عرضة للاقتحام والسرقات.. مضيفاً: يجب وضع ميزانية خاصة لحماية الآثار وعرض نتائج حفر البعثات الأثرية أولا بأول وبشكل دوري ومن خلال الميديا العالمية.