يسعى بعض المتآمرين إلى طمس الهوية المصرية كبلد زراعي، ويستخدمون في ذلك شتى الوسائل التي يحاربون بها الفلاح حتى يقلع عن الزراعة، وذلك بمساعدة بعض العناصر التي لا تدرك قيمة الزراعة، لكونها أحد القطاعات المنتجة للمواد الخام التي تقوم عليها صناعات دول كالهند وأمريكا، فبعد تحكم اللوبي الدولي في قوت الشعب المصري؛ لفشل الحكومات المتتالية في الوصول إلى الاكتفاء الذاتي من القمح، لم تعد لنا حرية اتخاذ القرارات السياسية، حتى أوشك التحالف الخفي، الذي يسعى إلى الهيمنة على مقدراتنا، على القضاء على القطن المصري، الذي كان أحد أعمدة الاقتصاد خلال فترة الخمسينيات والستينيات. ونظرًا لأهمية المحصول لدى الفلاح، استمر اعتراضه على ممارسات الحكومة، التي أصبح شغلها الشاغل دفع المزارعين إلى التخلي عن زراعة القطن لتجعله من المحاصيل التاريخية المندثرة، فتطالعنا وزارة الزراعة بإعلانها عن تشكيل لجان وعقد اجتماعات لمناقشة السياسة التسويقية للمحصول، والاتفاق على أن تكون الزراعة على أساس ضمان تسويقه، في محاولة منها لحفظ ماء الوجه أمام رئيس الجمهورية، الذي أخذ على عاتقه إضافة 4 ملايين فدان إلى الرقعة الزراعية، حتى تكون المخالفة للدستور بالمادة رقم 29 التي تنص على حتمية استلام الدولة المحاصيل الاستراتيجية غير معلنة أمام الرأي العام، فلا تكون هناك ازدواجية بين ممارسات الوزارة وقرارات الرئاسة. يذكر أن مساحات القطن بدأت تتقلص منذ بداية الألفية الثالثة، ففي عام 2000 كانت المساحة تقدر ب 518 ألف فدان، واستمرت في الانخفاض إلى أن بلغت 325 ألف فدان عام 2010، وفي 2014 تقلصت حتى بلغت 217 ألف فدان خلال موسم الزراعة 2014. من جانبه قال فريد واصل، نقيب الفلاحين والمنتجين الزراعيين، إن ما يتم اتخاذه من خطوات واجتماعات وتشكيل لجان لحل أزمة القطن بعد تخلي الدولة عن دعمه، ما هو إلا مسكنات سياسية، فلم تخرج بجديد، وكل ما أعلن عنه وزير الزراعة من قرارات اتخذت بشأن القطن لا يخرج عن نطاق التصريحات الصحفية ولا يقبل التطبيق، فإذا بدأنا بالأسعار الاسترشادية التي قدرت ب 1300 جنيه للقنطار للموسم الزراعي الجديد، فلا تغطي تكاليفه التي تتعدى ال 1600 جنيه للقنطار، بعد رفع الدعم عن الفلاح، لافتًا إلى أن تلك الأسعار تحقق خسائر جسيمة للمزارعين الحريصين على زراعته. وأوضح أن الاجتماع الأخير الذي جمع وزيري الزراعة والتموين، وكانت إحدى نتائجه تطبيق الزراعة التعاقدية على القطن، لم يتم خلاله تحديد المساحات التي ستدخل تلك المنظومة، التي ستعطي إنتاجية تغطي الاحتياجات الفعلية من المحصول سواء داخليًّا أو خارجيًّا، مشيرًا إلى أن وزارة الزراعة لا تملك رؤية واضحة للسياسة التسويقية للقطن، مما يدل على فشل السياسة الزراعية بالكامل، فما يعانيه القطن تعانيه المحاصيل التصديرية كافة، كالموالح مثلاً، التي ما زال يوجد من ثمارها ما يزيد على 10 ملايين طن على الأشجار لم يتم جنْيها؛ لتدني أسعارها في الأسواق المصرية وفشل الجهات المعنية في فتح أسواق خارجية لاستيعاب الفائض عن الاستهلاك المحلي. وأكد نقيب الفلاحين والمنتجين الزراعيين أن ما تم على أرض الواقع من سياسات تعسفية تعد جريمة في حق الفلاح، بل في حق الزراعة المصرية، التي تدار عليها مؤامرات للقضاء عليها نهائيًّا، الأمر الذي يترتب عليه حدوث خلل في الاقتصاد المصري القائم على الزراعة في الأساس. ووصف المهندس أحمد عياد، رئيس الشعبة العامة للأقطان بالغرف التجارية ما يحدث من مستجدات في المباحثات التي تدور حول تسويق القطن المصري بالمؤامرة التي تحاك للقضاء على الزراعة المصرية لصالح أمريكا والكيان الصهيوني، التي تعد من أكبر الدول المنتجة لتقاوي القطن قصير التيلة، الذي نجحت تلك الدول في إحلاله في المصانع المصرية بدلاً من القطن طويل التيلة لتدني أسعاره، موضحًا أن الزراعات التعاقدية التي أعلن عنها وزير الزراعة لم تخرج عن نطاق الاقتراح، التي لم تنل القبول لدى المصانع والشركات. وكشف أن وزارة الزراعة لا تنتج تقاوي كافية للتوسع في زراعة القطن، ولم تجد سوى التجار والمزارعين لإلقاء اللوم عليهم، في تقلص مساحات القطن المنزرعة، وأن ذلك يأتي في صالح الاستيراد من الخارج من دول بعينها، لافتًا إلى أنه كان لابد من أن تسعى الدولة لإنشاء صندوق موازنة وسعر ضمان للقطن، بدلاً من الإعلان عن أسعار استرشادية؛ للتغلب على تذبذب الأسعار في البورصة العالمية.