اختطاف وقتل وتمثيل بالجثث.. وقذائف مجهولة تغتال الآمنين مواطنون: حظر التجول لم يمنع التخريب.. والحل الأمني لا يكفي مدير الأمن: الحملات تؤتي ثمارها.. وتراجع العمليات آخر شهرين مازالت سيناء تئن وتصرخ، ومازالتتنتظر من يضع نهاية لمسلسل الإرهاب الذي تتعرض له يوميا من قتل واستهداف للمجندين والمدنيين من أهالي المحافظة، والتمثيل بالجثث وإلقائها في الطرقات، وبعضها يصبحطعاما للكلاب الضالة. محافظة شمال سيناء مازالت مسرحا للعديد من العمليات الإرهابية التي تنفذ تحت مسمع ومرأى من الجميع، فتارة يتم استهداف المجندين وتفجير المدرعات العسكرية، وتارة أخرى يتم إطلاق الرصاص على الأهالي في الشوارع والطرقات، فضلا عن اختطاف الشباب والشيوخ إلى جهات غير معلومة بدعوى التعامل مع الجيش المصري وغيره إلى ما لا نهاية. فقد شهدت سيناء على مدار الأيام القليلة الماضية، مقتل الشهيد النقيب أيمن السيد إبراهيم الدسوقي، بمدينة الشيخ زويد، والذي اختطفه تنظيم "ولاية سيناء" أثناء عودته من عمله بمنطقة الوفاق برفح، وكانت قوات الجيش قد وعدت بإعادته في أقرب وقت، ولكنه عاد جثة هامدة لتنزف أرض الفيروز قبل والديه دمًا عليه، بعد أن جفت دموعها من هول ما تراه يوميًا. كما شهدت سيناء عددا من العمليات التخريبية كان أبرزها إطلاق النيران على 3 محولات كهرباء بمركز بئر العبد من قبل مجهولين مسلحين مما تسبب في إحراقها وإتلافها، وإطلاق مجهولين مسلحين النار عشوائيا على أحد التجمعات مما تسبب في إصابة العشرات من أهالي المحافظة، كذلك تم العثور على أكثر من 7 جثث ملقاة بالطرقات بأماكن متفرقة من الشيخ زويد وبالقرب من الطريق الدولي برفح وعليها آثار طلقات نارية، كما تم اختطاف ما يزيد عن 7 من شباب المحافظة بدعوى تعاونهم مع الجيش، وحتى الآن لم يعثر عليهم، بالإضافة لتعرض 3 نساء لعملية إطلاق رصاص بمنطقة الزهور في مدينة العريش وسط تباين في أسباب الحادث، حيث يؤكد البعض أن قوات الأمن أطلقت عليهن الرصاص لخرقهن حظر التجوال بعد السابعة مساء، بينما أرجعه البعض إلى عناصر تكفيرية مجهولة كما يحدث مع الكثيرين من أبناء المحافظة في الآونة الأخيرة. وفي إطار التمثيل بالجثث الذي تكرر كثيرًا بالمحافظة، ويعزوه البعض إلى وجود تنظيم داعش في سيناء، عثر أهالي شمال سيناء على جثتين مفصولتي الرأس لشابين من أهالي المحافظة بالقرب من قرية "الشلاق" في مدينة الشيخ زويد، وأفادت مصادر قبلية وشهود عيان أنهما ذبحا بشكل علني أمام المارة من قبل مسلحين يعتقد انتمائهم ل"ولاية سيناء"، بمزلقان الشعراوي في مدخل مدينة الشيخ زويد، وبهذين الجثتين يرتفع عدد من تم ذبحهم بهذه الطريقة ليصل إلى 15 جثة تم العثور عليها مفصولة الرأس وملقاه بالطريق. ويتساءل عيد متولي، من أهالي العريش بشمال سيناء، إلى متى سنظل نرى بأعيننا شبابنا وقد تحولوا إلى جثث هامدة بالطرقات، وما هو الداعي لفرض حظر التجوال وإعلان حالة الطوارئ بالمحافظة للشهر الثالث على التوالي؟، بينما أعربت فاطمة الزهراء، عن حزنها الشديد لمسلسل العمليات الإرهابية التي تشهدها المحافظة كل بضع ساعات، مؤكدة أنه لا فائدة من الانتشار المكثف للقوات على الكمائن والطرقات، فالعناصر التكفيرية لا يردعها انتشارهم في شيء، على حد قولها. ويقول سامي إمام، من شباب مدينة الشيخ زويد: كيف سمحت قوات الجيش والشرطة للعناصر التكفيرية بالتغلغل في سيناء كل هذه المدة، لتعلن يوميًا تحديها للجميع بإلقاء الجثث وإطلاق النيران على المدنيين أمام الجميع وفي وضح النهار والفرار والعودة مرة أخرى؟. وتقول هدى الشعراوي: لا أحد يشعر بنا، فما ذنب أطفالنا عندما يشاهدون الجثث الملقاة بجوانب الطريق، وبماذا نجيب عليهم عندما يتساءلون عن عمليات إرهابية تحدث يوميًا، لماذا تم إعلان حالة الطوارئ بالمحافظة؟، وما فائدة فرض حظر التجوال؟، مؤكدة "سيناء أرضنا لن نتركها ولن نرحل عنها، وربنا قادر ينهي هذه الحرب وينصرنا على هذه العناصر التي لا دين لها". بينما كانت آخر ضحايا القذائف الصاروخية امرأة في العقد السادس من عمرها حيث سقطت قذيفة مجهولة المصدر على منزلها في قرية الحسينية بمدينة رفح، وبحسب مصادر أمنية فإن القذيفة كانت تستهدف على الأرجح حاجزًا أمنيًا. ويقول محمود علي، من سكان رفح: نحن نعيش في خوف وفزع ليل نهار، لا نستطيع الخروج من منازلنا ومن يذهب ليأتي بقوت أبنائه يخرج "شايل روحه على كفه"، وبعد كل ذلك نلتزم البيوت وتطالنا القذائف المتبادلة بين الجيش والتكفيريين، فأين نذهب إذن؟، فيما أوضحت نسرين السيد، من العريش، أن هذه القذائف الصاروخية لا تأتي من ناحية التكفيريين فقط، فهناك قذائف للجيش تخطئ هدفها، مؤكدة أنها لا تلومهم فهم يحاربون الإرهاب الذي يسيطر على المحافظة، ولكن "إحنا ملناش ذنب في دا كله". ومن جانبه يقول علي منصور، شيخ قبيلة البياضية بمحافظة شمال سيناء، إن الأهالي متعاونون مع القوات المسلحة لفرض الأمن في سيناء، مستشهدًا باغتيال عدد من مشايخ القبائل على يد ما أسماها الجماعات الإرهابية المتطرفة، الأمر الذي أكد استمراره إلى الآن، وأضاف أن ضبط الأوضاع الأمنية وفرض الاستقرار بالمحافظة يتطلب إجراء خطوات نحو تنمية شاملة في هذه المناطق، لافتًا إلى أن الحل العسكري فقط لا يمكن أن يقضي على الإرهاب. ومن ناحيته، أشار اللواء فؤاد عثمان، مدير أمن شمال سيناء، إلى أن الأوضاع مستقرة في المحافظة، وحملات الأمن مستمرة بشكل يومي للقضاء على البؤر الإرهابية، مؤكدًا أنها تؤتي ثمارها، معللًا ذلك بتراجع العمليات الإرهابية خلال الشهرين الأخيرين. وأكدت مصادر أمنية في سيناء أن عناصر بيت المقدس تأثرت كثيرًا بعد أن اقتحمت قوات الأمن معاقل التكفيريين جنوب الشيخ زويد ورفح، ودمرت الكثير منها، الأمر الذي دفعهم إلى الانتقال لأماكن أخرى في العريش والشيخ زويد في محاولة لاستعادة قدراتهم من جديد لشن هجمات على قوات الأمن والمنشآت الأمنية، وأضافت المصادر أن "ولاية سيناء"، أو "أنصار بيت المقدس"، سابقًا، لم يعد لديها أسلحة ثقيلة تستخدمها في شن الهجمات بينما تعتمد بصورة أساسية على العبوات الناسفة، والتي يتم زرعها على الطرق التي تسير عليها المركبات والآليات العسكرية.