دائما ما كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية طرفا في كافة مشاكل وقضايا العالم، وهي على الدوام أيضا كانت طرفا مشاركا في صنع الأزمة قبل أن تكون طرفا مشاركا في صناعة الحل، وذلك ابتداء من احتلالها مكانة كبيرة كدولة عظمى بعد الانتصار في الحرب العالمية الثانية برفقة الاتحاد السوفييتي بعد تنحية فرنسا وبريطانيا عن التحكم المباشر بالقرار العالمي، فالولاياتالمتحدة ابتدعت أسلوب خلق العدو ومن ثم ضربه قبل أن تتشكل لدى هذا العدو فكرة أن يكون عدوا للولايات المتحدة نفسها. لقد كانت شريكة في كل الأزمات الدولية من الكوريتين إلى الحرب الباردة، وصولا إلى خلق أزمة الإسلاموفوبيا بعد الحرب الأفغانية وظهور طالبان، كما ساهمت الولاياتالمتحدة بتأسيس حركة المجاهدين العرب لتضرب بهم أسس الاتحاد الىسوفيتي الذي كان قد احتل افغانستان، هؤلاء التكفيريون الذين كانوا البذرة الأساس لكل التنظيمات المتطرفة في المنطقة، حين سمحت بهجرة ما سمي ب "الأفغان العرب" إلى أفغانستان، ومن ثم عودتهم إلى بلدانهم مدججين بالأفكار والنوايا التي تربوا عليها في جبال تورا بورا وغيرها. ومع تفاقم الهوة بين الولاياتالمتحدة والتنظيمات الإرهابية بعد تولي "جورج بوش" الابن الادارة الأمريكية، وبعد احتلال أفغانستانوالعراق والمستنقع الذي وضعت أمريكا نفسها به… أتت إدارة "أوباما" لتمد يدها نحو العالم الاسلامي في محاولة لطي صفحة الخلاف مع العالم الإسلامي عموما، والتحالف مع الاسلام المعتدل خاصة، وتجلى ذلك في الخطاب التاريخي ل"باراك أوباما" في جامعة القاهرة في العام 2009. وفي هذا السياق، قال موقع "جلوبال ريسيرش" البحثي إن الولاياتالمتحدة تزعم أنها تشن حربا ضد ما يسمى بتنظيم داعش الإرهابي، الذي يوجد له عدة قادة من بينهم "أبو بكر البغدادي"، مشيرا إلى أن صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية كشفت في عام 2007 أن الزعيم "عبد الله رشيد البغدادي" لم يكن موجود في الأصل وهو شخصية من وحي الخيال اختلقها الغرب لتعتيم دورهم في إدامة تنظيم القاعدة في العراق. ولفت الجنرال "كيفين بيرجنز" كبير المتحدثين في الجيش الأمريكي، إلى أن "البغدادي" كان بعيد المنال حيث إن الشخصية وهمية، كما كشفت الصحيفة عن الهدف من ذلك الخداع. أكد بيرجنز أن زعماء تنظيم القاعدة في بلاد ما بين النهرين، كانوا أشخاصا وهمين لأخفاء الدور الذي يلعبه الأجانب في هذه المنظمة المتمردة. ويشير الموقع الكندي إلى أن حيلة ابتكار "البغدادي" في داعش بالإضافة إلى نسبه العراقي، ثم مبايعة المصري كخليفة له، وهو ما حدث مع زعيم تنظيم القاعدة السابق "أسامة بن لادن" والمصري "أيمن الظواهري". ويرى "جلوبال ريسيرش" أن تواجد الولاياتالمتحدة حاليا في العراق وسوريا، وما هو إلا معادة للأنظمة ذات الميول الإيرانية في دمش وبغداد، وهي مؤامرة غربية على البلدين منذ عام 2007. وهكذا أيضا أصبحت داعش الشغل الشاغل للإدارة الأمريكية والتحالف الدولي الذي خلق ضدها.. ضمن استمرارية خلق أمريكا للعدو قبل أن ينضج لوحده ويصبح قادرا على أذية الولاياتالمتحدة نفسها، ضاربة الحائط طبعا بكل ما له علاقة بمصلحة شعوب المنطقة وحريتها وديمقراطيتها، فالهدف المرحلي أهم من الهدف الاستراتيجي. ومرحليا المعركة مع داعش واستنزاف دول الخليج الداعمة للتحالف واستنزاف إيران وروسيا الداعمة للنظام هو المهم أما الحل الجذري للمشكلة في نزع فتيل الازمة وتحجيم ايران وطموحاتها في المنطقة درء لخطر التطرف على المقلب الطائفي المقابل.