كارثة بمنطقة "أبو بسيسة" التابعة لمنطقة كنج مريوط بمحافظة الإسكندرية؛ بسبب إقامة مجمع مخلفات صرف صحي بالمنطقة، وذلك بدون أي تراخيص بذلك.. وتلك الكارثة منذ 25 عامًا، وضحاياها أكثر من 300 ألف مواطن بالمنطقة يعيشون مهددين بكثرة الأمراض المختلفة، سواء الأمراض الصدرية أو السرطانية؛ وذلك بسبب كميات التلوث المحيطة بهم. "البديل" تنقل مشكلة أهالى القرية؛ لعرضها على المسئولين؛ بحثًا عن حلها.. يقول محمد على إنه منذ عام 1992 وبعد موافقة المسئولين بمحافظة الإسكندرية على إقامة مجمع للصرف الصحي بمساحة 328 فدانًا لتجميع المخالفات والحمأة بمحافظة الإسكندرية، واختيار الهيئة العامة للصرف للموقع، وهو بالقرب من قرية أبو بسيسة، ضاربة بروح الإنسانية عرض الحائط، متناسية وجود أشخاص ومواطنين بالمنطقة، حيث تجمع الحمأة، ثم يتم طرحها بالبيع للمزارع؛ باعتبارها سمادًا كيميائيًّا وبيولجيًّا وعضويًّا لمختلف المزارع". لافتًا إلى أنه "يتم استخدام هذا السماد في مزارع الفاكهة والخضراوات رغم أن وزارة الزراعة أوصت بتوجيه هذا السماد لمزارع الأشجار الخشبية وأشجار الزينة فقط؛ بسبب الأمراض التي يسببها هذا السماد، كالربو وأمراض الكبد، وأيضًا تشوه الجنين". وتابع أنه "رغم كثرة الإضرابات والتحذيرات من سكان مناطق نجوع كنج مريوط بسبب انتشار الأمراض، خاصة بين أهالي قرية أبو بسيسة، وأيضًا بالنجوع الأخرى؛ لكونهم مستخدمي الخضراوات والفاكهة التي تأتي من المزارع المستخدمة لتلك الحمأة في سماد لزراعتها، والتي تسببت أيضًا في أمراض سرطانية بين ذويهم، إلا أنه لا حياة لمن تنادى". وأكد بدر أبو بيسة (محاسب ومن أهالي منطقة كنج مريوط) أن الموقع الذي يأتون إليه ويلقون به الحمأة والمتعارف عليه باسم (9 ن) والذي يبعد عن مدينة العامرية بحوالي 10 كيلو مترات، وأن الخطورة في نقل حوالي 400 طن من مخلفات الصرف الصحي ودخولها عبر طريق كنج مريوط مرورًا بقرية المنصور ونجع علام وبغداد وقرية فلسطين والعرابي وأبو الريش والناصرية وقرية أبو بسيسة وغيرها، كل هذه الممرات تمر بها السيارات محملة بهذه المخلفات غير الآمنة في نقلها والتي تقوم بإسقاط بعض ما تحمله في الطريق، وتترك وراءها العديد من الأمراض والكوارث التي تسببها، إضافة إلى كل ما تحمله من روائح كريهة، إلى أن تصل إلى قرية أبو بسيسة وترمي الحمولة هذه بالقرب منها مباشرة؛ لتخزينها وتجفيفها وتحوليها إلى أسمدة والكائنة بمنطقة (9 ن) والتي تتم بطريقة منتظمة وموجهة من وزارة الزراعة، وهي تكمير هذه الحمأة وتشوينها للتعرض لدرجة حرارة 70 إلى 80 درجة مئوية، وهذه العوامل تسببت في خروج ميكروبات أصابت العديد، بل الآلاف من سكان أبو بسيسة بأنواع مختلفة من الأمراض الصدرية"، لافتًا إلي قيام وزارة الزراعة بزراعة 25 فدان زيتون والتي تروي بمياه الصرف، وتقوم أيضًا بتسميد هذ الأفدنة بحمأة الصرف الصحي، وهذه كارثة بكل المقاييس. وقال إبراهيم مدكور (قبطان ومن سكان منطقة مريوط) "إننا قمنا بتقديم الكثير والعديد من الشكاوى والإنذارات للمسئولين، خاصة بعد أن ازدادت حالات المرض بالمنطقة، كما كثرت الوفيات بين الأطفال من سن 11 و14 سنة"، مؤكدًا أن المسئولين مكتوفو الأيدي وغير مهتمين بأي شكاوى أو طلبات من القرى والنجوع بالمنطقة، وكأنها ليست من الجمهورية"، لافتًا إلى أن هيئة الصرف الصحي تسعى جاهدًا خلال هذه الأيام لتخليص التراخيص؛ ليصبح هذا المجمع قائمًا بتراخيص فعلية، وهذا الأمر بمثابة موت جماعي للمنطقة والمناطق المجاورة، خاصة في حال حصولهم على التراخيص دون الرجوع إلى الأثر البيئي والدراسة الكافية له. وأضاف مدكور أن "الغرض من تجميع الحمأة ليس مقتصرًا أساسًا على مخلفات الصرف الصحي، بل مخلفات المستشفيات أيضًا والصرف الصناعي والزراعي والتي تحتوي على الأمراض، خاصة بعد دفنها وتجفيفها وتحويلها إلى سماد، وأن المعاجة لهذه المخلفات غير المدروسة وغير المدرجة تحت المواصفات البيئية والصحية ولا المعايير العالمية غير صالحة من الأساس للبيع على أنها سماد عضوي للزراعة، خاصة للخضراوات والفاكهة وغيرها من الزراعات التي يتغذى عليها الإنسان والحيوانات؛ مما تتسبب في الأمراض السرطانية المزمنة، لافتًا إلى أن المحطات ترسل إلى موقع (9 ن) دون أن تقوم بتجفيفها، وتقوم بتلويث الطريق بين القرى والنجوع المارة بها بجميع مخلفات الصرف الصحي والمصانع والمدابغ والتي تحتوي على مادة الكروم السداسي، وهو شديدة الخطوة؛ لأنه يحتوي على السم وأشد أنواعه والمسبب الرئيسي لمرض السرطان". وتساءل مدكور "لماذا لم يخلق البديل لهذه الطريقة أو البديل لهذا المكان بعيدًا عن المناطق السكنية التي تحتوي على الأطفال وهذه الأرواح الكثيرة؟!". ويقول الشيخ مختار خطيب (من أهالي أبو بسيس): "إننا لجأنا للعديد والعديد من المسئولين، وآخرهم رجال الجيش بالقوات المسلحة بالمنطقة الشمالية بالإسكندرية، واستمعوا لنا بالفعل، وأتت منهم قافلة وأخذت أجزاء لتحليلها، ولكن إلى الآن لم يرد علينا أحد بحل جذري لإيقاف هذه المأساة والتوقف عن قتل هؤلاء الأشخاص بطريقة الإبادة بهذا الشكل". وتابع "أقدم رسالة عاجلة أيضًا للرئيس السيسي ورئيس الوزراء إبراهيم محلب من مدينة العامرية بغرب الإسكندرية؛ لإنقاذ الأهالي القائمين بمنطقة أبو بسيسة والنجوع المجاورة لها من الخطورة التي يتعرضون لها من حين لآخر".