يعيدنا الاعتداء الإرهابي على مقر مجلة "شارلي إيبدو" الفرنسية الساخرة في باريس الأسبوع الماضي إلى ذكريات ما بعد 11سبتمبر في نيويوركوواشنطن، ذلك الهجوم الذي تبناه تنظيم القاعدة، وما زال المسلمون يدفعون فاتورته إلى يومنا هذا، حيث تتجلى هنا حكمة التاريخ وفق مقولة "رب ضارة نافعة"، خاصة بعد أن اقترفت القاعدة هذه الحماقة في 11 سبتمبر 2001 عبر مهاجمة برجي مركز التجارة العالمي ومبنى وزارة الدفاع الأمريكية، حيث ساهمت هذه الجريمة في أن تجد واشنطن ذريعة شن الحرب على الإرهاب والإسلام في نفس الوقت. على الرغم من تأكيد رئيس الحكومة الفرنسية "مانويل فالس" الأسبوع الماضي في خطاب له أمام الجمعية الوطنية على ضرورة عدم الخلط بين الإرهاب والإسلام، في خطوة نادرة صفق النواب الفرنسيون وقوفا ومن جميع الاتجاهات السياسية لرئيس الحكومة خلال إلقائه كلمته التي جاء فيها "فرنسا ليست في حرب ضد الإسلام والمسلمين، بل هي في حرب ضد الإرهاب والإسلام المتطرف"، إلا أن كل الدلائل تشير عكس ذلك، حيث ذكر موقع "جلوبال ريسيرش" البحثي أنه بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، أعلنت الولاياتالمتحدة الحرب على الإسلام وليس الإرهاب كما زعمت في البداية، وأصبحت كراهية المسلمين وجعلهم أداة لتخويف العالم، حيث باتوا اللعبة العادلة التي تملكها الغرب وواشنطن. ويضيف الموقع الكندي في تقرير نشره مطلع الأسبوع الجاري أن الولاياتالمتحدة تتعاون مع أصدقائها من الغرب مثل بريطانيا وألمانيا وفرنسا، حيث تتبع مجموعة هذه الدول سياسات معادية للمسلمين، مشيرا إلى أنهم يشنون حربا زائفة على الإرهاب، تحت ذريعة إرهاب الدولة وما يشكله من مخاطر عليها، ولكن في حقيقة الأمر يتم استهداف المسلمين الذين يتواجدون في المقاطعات والجماعات خلال هذه الحرب وليس الإرهاب كما يدعون. يوضح "جلوبال ريسيرش" أنه بعد الاعتداء على الصحيفة الفرنسية الساخرة "شارلي إيبدو" 7 يناير الجاري، نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية مقالا لها تحت عنوان "11 سبتمبر فرنسا"، مؤكدة أن تاريخ الولاياتالمتحدة كان قبل وبعد أحداث 11 سبتمبر، وكذلك بالنسبة لفرنسا فإن تاريخها قبل و بعد 7 يناير، على حد قولها، وهو الأمر الذي يُعد تمهيدا لعدة أحداث سوف تقع خلال الأيام المقبلة تستهدف المسلمين على وجه التحديد كما حدث عقب 11 سبتمبر 2001. يشير الموقع الكندي إلى أنه بالفعل شهدت الأيام القليلة الماضية عدة احتجاجات معادية للإسلام بدأت في باريس ومدن أوروبية أخرى، تم خلالها الاساءة للمسلمين دينيا وعرقيا، كما أن هناك احتمالات بوقوع المزيد من أعمال العنف المتتابعة خلال الأيام القادمة، مؤكدا أنه من أجل المصالح الغربية يتم تنفيذ تلك الأعمال بأيدي المخابرات الأمريكية والموساد الإسرائيلي. ويلفت الموقع البحثي إلى أن السلطات الفرنسية اعتقلت العديد من المسلمين خارج نطاق القضاء، لتمجيد موجة الإرهاب، مؤكدا أنه خلال الفترة المقبلة سوف تصعد فرنسا حربها ضد تنظيم داعش الإرهابي، أما فيما يخص الداخل الفرنسي، ستشدد السلطات الفرنسية قبضتها العسكرية على حرية التعبير والرأي، بدعوة المراقبة، ولكن الهدف الحقيقي من هذا هو تقليص حرية التعبير والخصوصية والحقوق الأساسية الأخرى اتي يتمتع بها المواطنيين. ويرى "جلوبال ريسيرش" أن المسلمين حاليا في وجه العاصفة أكثر من أي وقت مضى، بغض النظر عن هجمات باريس الكاذبة والخادعة، مشيرا إلى أن فرنسا تلقي اللوم على المسلمين فيما يتعلق بمهاجمة صحيفة "شارلي إيبدو"، وتصفهم بالهمج، متجاهلة سياسات حلف الناتو ضدهم وقتل ملايين المسلمين العزل، غالبيتهم من الأطفال والنساء خلال السنوات الماضية، كما تتناسى باريس جرائم الإبادة الجماعية التي نفذها حلف الناتو في أفغانستان. يوضح الموقع الكندي أنه في 23 ابريل 1999، قصف حلف شمال الأطلسي إذاعة وتلفزيون صربيا، وهو أمر يُعد أحد جرائم القتل بدم بارد، مما أسفر عن مقتل 16 وإصابة 16 آخرين، كان من بين الضحايا محرر، ومصور ومدير برنامج، وغيرهم من الموظفين. ويؤكد "جلوبال ريسيرش" أن الولاياتالمتحدة تستهدف عمدا المدنيين، ففي نوفمبر عام 2001، استهدفت الضربات الجوية الأمريكية العاصمة الأفغانية كابل، وخلال شهر ابريل عام 2003، قصفت الدبابات الأمريكية فندق فلسطين في بغداد، حيث استهدفت الصحافيين الأجانب، هذا بالاضافه إلى أنه في يوليو عام 2011، ضربت الولاياتالمتحدة وسائل الإعلام الليبية في طرابلس، لافتا إلى قتل إسرائيل نحو 2200 فلسطينيا خلال العدوان الأخير على غزة بما في ذلك استهداف 17 صحفيا عمدا، لتمنعهم من الابلاغ عن الجرائم الإسرائيلية، لكن حينها لم يتحدث العالم عن قتل اليهود للمسلمين. يختتم الموقع الكندي تقريره قائلا بأن كل ما سبق وتبعات الأحداث التي وقعت بعد هجوم 11 سبتمبر في أمريكا، وشارلي إيبدو في فرنسا تؤكد أن حرب الولاياتالمتحدةالأمريكية والغرب ضد الإسلام وليس الإرهاب كما تدعي هذه الدول لتبرير استهداف المسلمين وتضيق الخناق عليهم في معظم البلدان الأوروبية تحت ذريعة مكافحة الإرهاب.