4 سنوات مرت على ثورة الياسمين التي أطاحت بنظام "زين العابدين بن علي"، وكانت بداية انطلاق ثورات الربيع العربي التي طالت العديد من الدول العربية فيما بعد، فبعبارة "فهمتكم.. نعم فهمتكم"، انهت حقبة بن علي، و تسارعت الأحداث طيلة هذه الفترة، بذل خلالها التونسيون الكثير من الجهد، واستهلكوا 6 حكومات وثلاثة رؤساء فهل حققت تونس ما تريد؟. بوعزيزي شرارة الثورة "لماذا تفعلين هذا بي؟ أنا إنسان بسيط، لا أريد سوى أن أعمل" كان هذا آخر ما قاله محمد بوعزيزى للشرطية التى صفعته على وجهه، قبل أن يقوم بإضرام النيران بجسده ويشعل معه الثورة فى تونس ضد زين العابدين بن علي. وكان بوعزيزى قد أضرام النار فى نفسه أمام مقر ولاية سيدي بوزيد احتجاجاً على مصادرة السلطات البلدية في مدينة سيدي بو زيد لعربة كان يبيع عليها الخضار والفواكه لكسب رزقه، وللتنديد برفض سلطات المحافظة قبول شكوى أراد تقديمها في حق الشرطية فادية حمدي التي صفعته أمام الملأ. أدى حادث محمد البوعزيزي إلى احتجاجات من قِبل أهالي سيدي بوزيد في اليوم التالي، يوم السبت الموافق 18 ديسمبر عام 2010م، وسرعان ما تحولت الأحداث إلى اشتباكات عنيفة وانتفاضة شعبية شملت معظم مناطق تونس، و تحولت التظاهرة من التنديد بحادث بوعزيزى إلى مطالبة الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بالرحيل. أجبرت هذه الانتفاضة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، الذي كان يحكم البلاد بقبضةٍ حديدية طيلة 23 عاما،على التنحي عن السلطة والهروب من البلاد إلى السعودية في 14 يناير. الغنوشي رئيسًا للبلاد.. والتأسيسية ترفض بعد أن تنحى بن علي وسافر إلى السعودية تولى محمد الغنوشي الوزير الأول رئاسة الجمهورية بصفة مؤقتة، إلا أن المجلس الدستورى أعلن أنه بعد الاطلاع على الوثائق لم يكن هناك تفويض واضح يمكن الارتكاز عليه بتفويض الوزير الأول كون الرئيس لم يستقيل، وبما أن مغادرته قد جرت فى ظروف معروفة وبعد إعلان الطوارئ، وبما أنه لا يستطيع القيام بما تتطلبه مهامه ما يعنى الوصول إلى حالة العجز النهائى، فعليه قرر المجلس اللجوء إلى الفصل 57 من الدستور وإعلان شغور منصب الرئيس، وبناء على ذلك أعلن فى يوم السبت 15 يناير 2011 عن تولى رئيس مجلس النواب محمد فؤاد المبزع منصب رئيس الجمهورية بشكل مؤقت لحين إجراء انتخابات رئاسية مبكرة خلال فترة من 45 إلى 60 يوما حسب ما نص عليه الدستور. تم فى يوم 17 يناير تشكيل حكومة وطنية برئاسة محمد الغنوشي الذى أعلن عن ستة أشهر على الأقل قبل إجراء الانتخابات، كما أكد على التزام حكومته بالإفراج عن السجناء السياسيين وتشكيل لجنة لتقصى الحقائق ومحاربة الفساد السياسى والتجاوزات التى جرت فى حق الشعب التونسى، لكن هذه الحكومة لم تستطع الصمود طويلا إزاء احتجاجات نشبت ضدها ليتم إعادة تشكيلها فى 27 يناير، وقد أوكل إلى الباجى قائد السبسى – الوزير في عهد الرئيس السابق الحبيب بورقيبة- بتشكيل حكومة جديدة. المجلس الوطني التأسيسي كانت البداية الحقيقية لعملية الانتقال الديمقراطي فى تونس عندما تم تشكيل ما عرف باسم المجلس الوطنى التأسيسى في أكتوبر 2011، وهو مجلس تكون من 217 عضوا تم انتخابهم من قبل التونسيين، وقد فازت حركة النهضة بالنصيب الأوفر، ثم تلاها حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، بينما حلت قوائم العريضة الشعبية ثالثة، وقد تلخصت مهام المجلس التأسيسي ومسؤوليته فى إدارة عملية الانتقال وفقا لتولي المهام التالية: تمثيل السلطة التشريعية بجميع مهامها، وانتخاب رئيس المجلس ورئيس الجمهورية، والمصادقة على الحكومة ورئيسها، ومراقبة الحكومة، وكتابة دستور تونس الجديد. حكومة الترويكا والاغتيالات تشكلت حكومة "الترويكا" التي تولت مهامها في ديسمبر2011 في ظل الرئاسة المؤقتة للمنصف المرزوقي، ولكن بدأت ملامح الأزمة والاختلاف تظهر مجددا في سعي حركة النهضة إلى السيطرة على جميع مفاصل الدولة وتغيير ملامحها قبل أن تنتهي باستقالة الجبالي إثر اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد ويتم تشكيل حكومة ترويكا ثانية برئاسة علي العريض في مارس 2013، ورافقت العثرات حكومة العريض التي قوبلت بحركة واسعة من الاحتجاجات والمطالب الاجتماعية. تدخلت قوات الأمن حينها لفض الاحتجاجات فيما ترافقت هذه الفترة مع صعود التطرف وعلى رأسه تنظيم أنصار الشريعة الذي كان يتحرك بشكل شبه علني يقابلة إدانات فقط من حكومة النهضة دون موقف حاسم، بعدها تم اغتيال المعارض البارز محمد البراهمي ليتأجج من جديد الغضب الشعبي ضد النهضة، ولكن حوار دعا إليه الاتحاد العام التونسي للشغل، تصدرت المشهد حكومة كفاءات مستقلة غير حزبية برئاسة مهدي جمعة، وهي حكومة نجحت بتنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية. السبسي رئيسًا بعد انتخابات تشريعية جرت في أكتوبر الماضي عقب إقرار دستور 2014 ، حدثت تغيرات سياسية كبيرة في المشهد التونسي شكك البعض بأنها قد تكون عودة للوجوه القديمة بعدما تقدم للانتخابات رموزًا في عهد بن علي، بعد ذلك فاز حزب نداء تونس بالأغلبية وتراجعت النهضة ما أتاح للحزب تشكيل الحكومة والسيطرة أكثر في الواقع السياسي، ولم يختلف المشهد كثيرًا في الانتخابات الرئاسية، إذا انتخب القائد السبسي رئيسًا للبلاد بعد الجولة الثانية ليصبح أول رئيس منتخب بعد ثورة الياسمين. واقع من التحديات المقبلة في غضون ذلك، لا يزال التونسيون ينتظرون تحسّن ظروفهم الاقتصادية بعد كل هذه الأحداث طيلة السنوات الأربع الماضية، ومع ارتفاع معدلات البطالة والفقر والتضخم وغلاء الأسعار وتراجع قيمة العملة المحلية، تتجه البلاد إلى مرحلة مواجهة التحديات نتيجة ارتفاع مستوى المديونية وحلول موعد سداد الديون الخارجية. ومن المتوقع أن تنطلق المفاوضات الاجتماعية خلال الأسابيع المقبلة والتي يقودها الاتحاد العام التونسي للشغل مع الحكومة حول ضرورة الرفع من الأجور والحد من تردي الطاقة الشرائية للتونسيين، والتي تمثّل تحديا كبيرا يواجه المسار الحكومي المنتظر.