وكأن الشاعر "صلاح جاهين" كان يتوقع قبل عشرات الأعوام، أن يومًا سيأتي علينا نشعر فيه بمدى عمق الكلمات التي كتبها للمطرب "محمد قنديل"، ليتغنى بها كأغنية مطلعها " حلاوة زمان .. عروسة حصان ".. بعد أن أصبحنا خلال العشر سنوات الأخيرة نطلق على حلوى المولد والعروسة والحصان الحلاوة الفاطمي " .. " حلاوة زمان " بعدما احتلت الأسواق المصرية عرائس صينية الصنع أفقدت حلوى المولد النبوي الشريف هويتها المصرية الخالصة . عرائس المولد الصيني امتلأت المحال والسرادقات التي تبيع حلوى المولد للمواطنين بمختلف محافظات مصر، خاصة هذا العام بعرائس ودمى صينية الصنع، تحمل شكل العروسة العادية، التي لا علاقة لها بعروسة المولد سوى أنها تباع في الأيام السابقة على اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول، أي بموسم المولد النبوي الشريف . الأطفال لا تُقبل على الحلوى المصنوعة من السكر ويقول "محمود السعيد"، بائع بإحدى سرادقات الحلوى، القريبة من مسجد عبد الله الأربعين بالسويس، إنهم باعوا خلال الأعوام السابقة عرائس بلاستيكية أكثر بكثير من العرائس المصنوعة من السكر، وذلك لأن الأطفال لم تعد تُقبل على شراء تلك الحلوى . وأرجع "السيد" عدم إقبال الأطفال على شراء العروسة والحصان المصنوعين من الحلوى، إلى أن الحلوى سريعة الكسر، وفي ظل الظروف الاقتصادية تكون عند الأطفال وعي ما، يدفعهم لاقتناء اللعب ذات العمر الافتراضي الأطول، ولأنهم أطفال لم يعاصروا العرائس والأحصنة المصنوعة من السكر، لا تمثل تلك اللعب لديهم سوى أنها دمى سريعة الكسر . تراجع مهارة الصناع .. سبب عدم إقبال الأطفال على شراء الحلوى رافقنا "أبو زيد محمود"، أحد سكان السويس، أثناء شراءه لكمية من حلوى المولد النبوي الشريف، بإحدى المحلات بشارع النمسا، وقال ل " البديل " إن تراجع مهارة وحرفية صانعي حلوى المولد والعرائس والأحصنة هي سبب عدم إقبال الأطفال على شرائها . وتابع "أبو زيد " قائلًا .."من عشرين سنة كانت العروسة والحصان شكلهم يخطف العين، معللًا ذلك بأن العرائس والأحصنة كانت تحتوى على أجزاء مكسوة بطبقات من السوليفان ذات الألوان المبهجة، والتي كان يستخدم صناع الحلوى مادة " النشا " للصق تلك الطبقات السلوفانية بجسم العروسة أو الحصان، أما الآن فتحولت عروسة المولد المصنوعة من السكر لمجرد قطعة من الحلوى ذات لون سكري غير واضحة المعالم" . "الناس بتشتري غصب عنها " لم يجد "مجدي سعيد" صاحب سرادق يبيع حلوى المولد بمنطقة العبور، عبارة أنسب من " الناس بتشتري غصب عنها "، وذلك عندما سألناه عن حجم إقبال المواطنين على شراء حلوى المولد هذا العام . حيث يقول "مجدي" إن المواطنين مضطرين لشراء الحلوى، فلن يتحمل الأب حتى إن كان غير ميسور الحال أن يرى ابنه أو ابنته ينظر لابن الجيران أو ابن عمه وهو يأكل حلوى، ولن يستطيع شاب في مقتبل حياته أن يمر موسم المولد النبوي دون أن " يدخل على نسايبه بعلبة حلاوة ب150 أو 200 جنيه على الأقل " .. فالجميع مضطرون للشراء، ونحن كتجار مضطرون لشراء حلوى المولد برغم ارتفاع أسعارها لأن نظرية العرض والطلب التي تربط بين التاجر والمستهلك هي نفسها التي تربطنا بتجار الجملة .