عطفاً على ما شهدته 2014 من أحداث وتحولات سريعة على الساحة الإقليمية والدولية أعطت ملامح للعام الجديد فيما خص استمرار توابع احداث كبرى العام الماضي وهل ستكون سمة 2015 التهدئة أم التصعيد، رأي الكاتب والمحلل السياسي "حمزة جمّول" أن عام 2014 كرس مصطلح توماس هوبز فشهد العالم حرب "الكل ضد الكل " حيث فقدت المجتمعات حالة المدنية والتمدن وهيئة المجتمع المتماسك، وتحولت إلى حالة ما قبل اجتماعية تشبه الغابة وقوانينها، حيث "الكل في حرب ضد الكل"، في كل قطاعات المجتمع الذي كشف عن صورة مريعة من التنافر والتفكك والصراع العسكري العنيف. تكمن المفارقة ان هذه الحالة هي منظمة ومدروسة. يقتضي هذا الامر توافر المحرك الرئيسي لأغلب الأطراف المتصارعة وفي هذا الاطار تلعب الولاياتالمتحدةالامريكية الدور الاهم من خلال استراتيجة " القيادة من الخلف ".العام 2015 سيشهد استمرار ل " حرب الكل ضد الكل " مع تنامي هامش التحكم باللاعبين او يضيق هامش المناورة لأغلب اللاعبين. وتابع بقوله أن "أحداث عام 2014 رشحت منطقة الشرق الأوسط لتبقى قلب التجاذبات الإقليمية والدولية، وبالتالي ملعباً لتصفية الحسابات الدولية وتسديد النقاط في ملاعب الفرقاء المتنافسين على قيادة العالم. لا بد من التركيز على أن بعض اللاعبين في الشرق الأوسط دخلوا عصر المشاركة في تقرير مصير المنطقة بسبب تنامي قوتهم وإحداثهم نوعاً من التوازن في القوى. كما تميز بها العام 2014 بسرعة التحولات وضبابية المشهد الدولي بسبب تعدد الفاعلين الدوليين وعدم اقتصار هؤلاء علو الدول بل تعداها الى الاحزاب والمنظمات الغير الحكومية. وعن أبرز التحولات التي شهدها 2014 عَدد"جمّول" نقاط هي: 1. سقوط نظام الاخوان المسلمين وانتخاب السيسي ررئيسا في مصر 2. المفاوضات النويية الايرانية العربية 3. انتخاب بشار الاسد ريسا لسوريا . 4. الصراع الروسي الامريكي في اوكرانيا وعن أفق دور مصر الإقليمي في العام الجديد قال "مصر اكبر الدول العربية وأهمها جيوسياسا لذلك المسؤوليات الملقية على عاتق مصر مرتبطة بقوة مصر وأهميتها على الساحة العربية . تشكل مصر ضلع رئيسي من مثلث القوة العربية مع مل من سورياوالعراق . يفيد واقع ميزان القوة بان اي حل للقضية السورية يفترض تنسيقاً وتعاونا بين كل من روسيا وامريكا من جهة والسعودية وإيران من جهة ثانية. ضمن هذا الاطار، لا يمكن التقليل من اهمية الدور الذي يمكن ان تلعبه مصر في تقريب وجهات النظر الايرانية السعودية. تدعم القاهرة موقف دمشق في المعركة ضد الارهاب ويتبنى الرئيس السيسي رؤية الرئيس بشار الأسد في ضرورة القضاء على فرضيات إضعاف دور الدول المركزية العربية ؛ سوريا، العراق ومصر". وأشار "جمّول" في معرض حديثه عن القضيا الرئيسية في المنطقة إلى المشتركات بين إيران ومصر ومدى تأثير الصراع بين السعودية وإيران على هذا الأمر، قائلاً "أن ما يجمع مصر وإيران يصل إلى مصاف الأمن الوجودي المشترك والمتمثل في الآتي: 1. الاستقرار الاقليمي و محاربة الارهاب من خلال تشكيل حلف إقليمي يواجه داعش وأخواتها. تفضل طهران التنسيق والتعاون مع كل من مصر والسعودية على التنسيق مع الولاياتالمتحدةالامريكية عملا بمبدأ الاقليمية الذي تتبناه السياسة الخارجية الايرانية. كتبت صحيفة وال ستريت جورنال ان الصعود الوحشي "لتنظيم الدولة الاسلامية " حول الأعداء القدامى الى اصدقاء جدد وأدى الامر الى تغيير بين الدول والجماعات المختلفة في العالم. 2. إضعاف الدور والحضور السياسي الامريكي في الشرق الاوسط من خلال تعزيز العلاقات المصرية الايرانية السعودية، ومن ثم تعزيز دور روسيا الاتحادية كلاعب دولي يستعيد جزء من أمجاده في الشرق الاوسط. من هذا المنطلق كانت زيارة السيسي الى موسكو مرتين ، مرة بصفته وزيرا للدفاع ومرة بصفته رئيساً للجمهورية المصرية ورفضه للمشاركة في المنتدى الاميركي الافريقي في العام 2014. 3. الملف الفلسطيني وعدم ضياع القضية الفلسطينية. تعتبر القضية الفلسطينية ولاعتبارات استراتيجية، دينية، ايدولوجية سياسية ، من اكثر القضايا التي تهم كل من القاهرة وطهران خصوصا بعد العدوان الصهيوني الأخير والانقسام الحاد الخطير أيادي يخيم على العلاقة بين حماس وفتح. وفيما يتعلق بالسياسة التركية وتقلص حجم نفوذ قطر وجماعة الإخوان قال " تلعب التيارات الاسلامية المتشددة والمنحدرة من حركة الاخوان المسلمين، دوراً مهماً في دعم المشروع التقسيمي في العالم العربي وذلك اما من خلال المشاركة العسكرية ضد الدولة في سوريا وأما من خلال تغذية الفتنة في مصر. تلعب تركيا دوراً أساسياً من خلال التمويل، الدعم والترويج لهذه الحركة كونها الوسيلة الوحيدة التي من خلالها يحقق الرئيس رجب طيب اردوغان خلافته الاسلامية، فتعمل تركيا إذاً من خلال هذه المجموعات على ضرورة تنامي حالة اللاستقرار في مصر وعلى ألا تنطفئ نار حرب سوريا. لا تخدم هذه المعطيات الامة العربية اذ تساهم في إضعاف الدول العربية، وتحول فلسطين الى قضية لا تتمتع بالأولوية وتقضي على كل ما تبقى من صورة إيجابية عن الاسلام بالمحصلة، تستمر تركيا وأدواتها في المنطقة في تفضيل مشروع التقسيم لتحقيق ما يمكن تعريفه ب {الخلافة الاسلامية المؤقتة}ضمن هذا الاطار، ان خسارة الإسلاميين للانتخابات في تونس وإسقاطهم من قبل الشعب في مصر، وصمود الدولة السورية ومؤخراً المصالحة الخليجية وتحجيم الدور القطري، سيؤثر كل هذا على الدور التركي في المنطقة ويجعلها دون أدوات ودون حلفاء في مسعاها الاستعماري الجديد. بالرغم من كل ذلك تبقى تركيا من الدول الإقليمية الهامة والمؤثرة . بخصوص الدول الأوربية وأبرز التحديات التي تواجهها وخاصة ملف الإرهاب قال "تشعر الدول الاوربية انها المتضرر الاول من الصراعات الدائرة في المنطقة خصوصاً الازمة الاوكرانية والسورية لارتباطهما بالاقتصاد والأمن، وبالتالي ان تحسين العلاقات مع موسكو وإعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا ومحاربة الارهاب سيتصدران الاولوية في الأجندة السياسية الاوروبية. يواجه الاتحاد الاوروبي تحديات تمتحن قدرته كلاعب في الساحة الدولية ومن اهمها؛ تنامي دور الصين، مستقبل قوة الولاياتالمتحدةالامريكية وارتفاع وتيرة حالة اللاستقرار في الجوار الاوروبي. في المحصلة، لا يمكن للاتحاد الأوربي ان يقف موقف المتفرج على التغيير الذي يشهده النظام العالمي ولا يمكن لبروكسل ان تستمر بسياسة المحافظة على ‘الستاتيكو‘ العالمي دفاعاً عن مصالح واشنطن. العالم يتغير وتعديل منظومة الاتحاد الاوروبي ليصبح اكثر توحداً، اكثر جذباً، وأكثر قوةً، اصبح من أهم عوامل تكريس الوجود على الساحة الدولية. وفي سياق الحرب الأميركية الجديدة المعنونة بالتحالف ضد داعش أضاف قائلا "لا جديد في الاستراتيجية الاميريكية في محاربة "داعش" فهي إستراتيجية قديمة تحت عنوان جديد. واشنطن التي تسعى الى تحقيق انتصارات جديدة من خلال استراتيجية "القيادة من الخلف"، تشدو فرحاً ب "إنتصارها المبكر" المتمثل في " تشكيل حلف دولي كما ذكر الكاتبان إلياس جرول – كولم لينش في مجلة فورين بوليسي الأميركية، بغض النظر عن عدم قدرته على تحقيق أهدافه. لا يبدو أوباما قلقاً على مكانة امريكا في العالم فهو وفقاً للعيد من الخبراء قد ساهم في هذا التراجع ولعل شرح ديفيد بروتكوف (فورين بوليسي – 11 ايلول 2014) فيه الكثير من الواقعية عندما يقول وبما معناه، ان أكثر ما يريح أوباما في هذه المرحلة العصيبة التي تواجهها السياسة الخارجية للولايات المتحدةالأمريكية هو أن {كل ما بدأ به اوباما اليوم سيترك أمر الانتهاء منه إلى رئيس أمريكي جديد }. في المحصلة لا تستطيع امريكا اسقاط النظام في سوريا وبالتالي ستستمر في عملية الاستنزاف الجارية من خلال دعمها لبعض المنظمات المسلحة "المعتدلة" مثل الجيش السوري الحر. تنعدم خيارات الامريكي في الملف السوري وبالتالي تنعدم فرص التدخل البري لانه سيؤدي الى نتايج لا تستطيع واشنطن تحمل أعقابها". وعنّون "جمّول" المفاوضات النووية الإيرانية بحرب بين الرغبات والقيم، مضيفاً " يفيد الاطلاع على ما نطلق عليه في علم المفاوضات ب "خارطة الصراع " في معرفة مكامن صعوبة المفاوضات ومفاتيح حلّها. تصنّف المفاوضات النووية الايرانيةالغربية بأنها الاكثر تعقيداً في الساحة الدولية وذلك بسبب كثرة اللاعبين الفاعلين – المؤثرين، مطالب الأطراف المتفاوضة وبسبب تعدد الملفات الإقليمية والدولية المرتبطة بها. فمثلاً تتصدر قضية "داعش" لائحة الملفات التي قد تؤثر وتتأثر بنتائج هذه المفاوضات. تمتد هذه اللائحة لتشمل الأزمة السورية، اليمنية، القضية الفلسطينية والأزمة الإقتصادية الغربية. تعبّر رسالة أوباما الأخيرة الى المرشد الأعلى للثورة الايرانية السيد علي خامنئي عن الرؤية الأمريكية للعلاقة مع ايران وتعلن عن أهم ما تتوقعه واشنطن من مستقبل هذه العلاقة بعد التوقيع على اتفاق النووي؛ التشارك في مواجهة الارهاب. ان دلّ هذا الأمر على شي فانما يدل على إستمرار واشنطن في سياسة المقايضة وربط مستقبل التنسيق والتعاون مع ايران بمدى نجاح أو فشل المفاوضات. وبعيداً عن النتائج النهائية لهذه المفاوضات تستمر الأطراف المتفاوضة في اتباع سياسة "غض النظر" التي تسمح في تسجيل نقاط غير "قاتلة " في مرماها ومن دون النيل من مبادئها وقيمها. بالمحصلة، ان رغبة الأطراف في التوصل الى حل نهائي يقابلها مجموعة من القيم والمبادئ التي لا يمكن التنازل عنها والتي تجد في المحافظين الإيرانيين والجمهوريين – الديمقراطيين الأمريكيين فرسانا للدفاع عنها. وعن ملامح الشرق الأوسط في 2015 قال "كرست الاحداث التي جرت في العام 2014 ان الشرق الاوسط سيبقى قلب التجاذبات الاقليمية والدولية وبالتالي ستبقى هذه المنطقة ملعباً لتصفية الحسابات الدولية وتسديد النقاط في ملاعب الفرقاء المتنافسين على قيادة العالم. المفارقة ان بعض اللاعبين في الشرق الاوسط دخلوا عصر المشاركة في تقرير مصير بسبب تنامي قوتهم وإحداثهم نوع من التوازن في القوى. سيبقى الشرق الاوسط للسنوات القادمة من اكثر المناطق التي ستشهد تغييرات سياسية وتقلبات تهدد الامن بسبب انعدام التنمية وانهيار مقومات الدولة الوطنية. وبشكل عام، تتميز المرحلة الحالية التي تمر بها العلاقات الدولية بضبابية الرؤية بسبب كثرة اللاعبين وتنوعهم وهم كالتالي: الدول العظمى والكبرى، الدول الاقليمية واللاعبين من المنظمات الغير دولية (الاحزاب والمنظمات والشركات) لذلك من الصعب الإجابة على السؤال بطريقة واحدة لذلك من الممكن رسم الاحتمالات التالية: 1. استمرار الصراعات القائمة ولكن بوتيرة منخفضة وهامش أوسع للتحكم بها بسبب تضرر الجميع منها وبسبب صعوبة التوصل لحل شامل لكل الازمات. 2. تنامي المذهبية والطائفية 3. تكريس منطق السلطوية الجديدة الذي يبرز عندما يخيّر المواطن بين الامن، الديمقراطية ولقمة العيش ليختار الامن ولقمة العيش ويتنازل عن الديمقراطية. 4. تدوير الزوايا وهذا الامر مستبعد في المرحلة القادمة ويرتبط مباشرة بتفاهمات اقليمية عميقة بين السعودية وإيران ودولية بين روسياوالصين وامريكا. 5. تراجع دور الدولة في المنطقة بسبب ضعف الحكومات، سيطرة النخب على السلطة وتراجع اهمية فلسطين بالنسبة الدول العربية.