تتزامن الذكرى السادسة للاعتداء الصهيوني على قطاع غزة الذي شنته قوات الاحتلال في 27 من ديسمبر 2008، مع الاعتداءات الإسرائيلية الجديدة على غزة، أيام يتشابه فيها الإجرام الإسرائيلي المتواصل ضد المدنيين، والصمت الدولي الذي يجعل الاحتلال يتمادى في أفعاله، وأصوات الغارات التي لم تغيب عن أهالي القطاع، ونقض المعاهدات والهدن والاتفاقيات، فما أشبة اليوم بالبارحة. "معركة الفرقان" كما تطلق عليها المقاومة الفلسطينية أو "الرصاص المصبوب" كما يطلق عليها جيش الاحتلال، هي عملية عسكرية ممتدة شنها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة في فلسطين من يوم 27 ديسمبر 2008 إلى 18 يناير 2009، كان اليوم الأول للحرب الأكثر دموية، حيث تسبب القصف الجوي الإسرائيلي في استشهاد أكثر من 200 فلسطيني وجرح أكثر من 700 آخرين، حيث تزامن القصف في كل محافظات قطاع غزة في نفس الوقت، مما جعل وسائل الإعلام تطلق عليه اسم "مجزرة السبت الأسود". جاء العدوان على غزة بعد انتهاء تهدئة دامت ستة أشهر كان قد تم التوصل إليها بين حركة "حماس" من جهة والكيان الصهيوني من جهة أخرى برعاية مصرية في يونيو 2008، لكن تم خرق التهدئة من قبل جانب العدو الصهيوني أكثر من 100 مرة، أشدها غارة في نوفمبر 2008 والتي تسببت في مقتل 6 أعضاء من حماس، وبسبب عدم التزام دولة الاحتلال باستحقاقاتها من التهدئة ورفع الحصار الذي تفرضه على القطاع، كانت النتيجة عدم قبول حماس لتمديد التهدئة. بدأ الكيان الصهيوني يومه الأول في الاعتداء بهجوم شامل على القطاع جواً وبراً، فصباح يوم السبت 27 ديسمبر عام 2008 وتحديداً في الساعة 9:30 بتوقيت جرينيتش، استهدف الكيان الصهيوني بأول غارة كل المقار الأمنية في قطاع غزة والكثير من المنازل والمساجد والجامعات والمستشفيات والمناطق الحيوية، حيث تم تدمير جميع البنى التحتية في القطاع. في اليوم الثاني، تضمنت قائمة أهداف الهجوم الجوي الموسع، بالإضافة إلى البنية التحتية لحماس، مرافق الموانئ ومراكز الشرطة، وبعد ثمانية أيام، وافقت الحكومة الإسرائيلية على اجتياح قطاع غزة براً، وفي 3 يناير، بعد يوم من القصف الجوي والمدفعي على معاقل حماس في غزة، توغلت قوات المشاة الإسرائيلية، مدعومة بمقاتلات سلاح الجو الإسرائيلي والمروحيات المقاتلة والطائرات بدون طيار، في شمال القطاع، بهدف معلن يتمثل في تدمير البنية التحتية لحماس. وافقت الحكومة الإسرائيلية على مشروع تجنيد إضافي للآلاف من جنود الاحتياط بالإضافة إلى أكثر من 6000 جندي قامت بتعبئتهم بالفعل بعد وقت قصير من بدء العملية، وبعد أسبوع من القصف الدقيق، بدأت الحملة البرية بدخول ثلاث ألوية للمشاة إلى قطاع غزة في وقت واحد من عدة اتجاهات، وبعد 22 يوماً من الحرب الجائرة، انسحبت القوات الإسرائيلية من قطاع غزة في 18 يناير، ودخلت قوافل المساعدات الإنسانية. ردت المقاومة الفلسطينية علي المجازر بقصف العديد من المستوطنات والمواقع العسكرية الصهيونية، كان أبرزهم سقوط صاروخين علي مستوطنة "غاف يافني" الواقعة على مشارف بلدة أشدود، وهي أبعد نقطة تصل إليها الصواريخ الفلسطينية في ذلك الوقت كما سمعت صفارات الإنذار في مدينة أشدود، وأعلنت كتائب القسام مسئوليتها عن إطلاق صاروخين من طراز "غراد" صوب أشدود، كما تبنت ألوية "الناصر صلاح الدين" عملية إطلاق ثلاثة صواريخ من طراز "ناصر ثلاثة" على موقع "زيكيم العسكري" وبلدة سديروت شمال القطاع. أسفرت العملية عن استشهاد 1417 فلسطينياً على الأقل من بينهم 926 مدنياً و412 طفلاً و111 امرأة، وإصابة 4336 آخرين، إلى جانب مقتل 10 جنود إسرائيليين و3 مدنيين وإصابة 400 آخرين أغلبهم مدنيين حسب اعترافات الجيش الصهيوني، لكن المقاومة أكدت أنها قتلت قرابة 100 جندي خلال المعارك بغزة، وقد ازداد عدد شهداء غزة جراء العدوان الإسرائيلي على القطاع إلى 1328 شهيداً والجرحى إلى 5450، بعد أن تم انتشال 114 جثة لشهداء منذ إعلان إسرائيل وقف إطلاق النار. أبرز الشخصيات التي تمت تصفيتها في هذه الحرب، اللواء "توفيق جبر" مدير شرطة غزة، والعقيد "إسماعيل الجعبري" مسئول الأمن والحماية في قطاع غزة، ومحافظ الوسطى "أبو أحمد عاشور"، اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إسرائيل باستخدام الأسلحة الفسفورية والتي تصيب بحروق مؤلمة وقاتلة ومن الصعب الابتعاد عنها، وقد نشر موقع "تيمزاونلين" البريطاني صورة في تاريخ 8 يناير 2009 لجندي إسرائيلي يقوم بتوزيع قنابل تحمل الرمز"M825A1″ ، وحسب قول الصحيفة فإن هذا الرمز يعني قنابل أمريكية من الفسفور الأبيض.