تعد الفيوم من المحافظات الفقيرة وتحتل الأمية مكانا متقدما بين الإناث والذكور، وبسبب الجهل والفقر والمرض، انتشرت العديد من الظواهر السلبية التى مثلت انتهاكا صارخا لحقوق المرأة، من بينها ظاهرة زواج القاصرات أو زواج «الصفقة» كما يطلق عليه الأجانب، من خلال التحايل على القوانين. يقول خالد الجندي، المحامى بالنقض والإدارية والدستورية العليا، إن زواج الأجانب من مصريات ترك قصصا وحكايات من المآسي الحزينة، وضمت أوراق القضايا العشرات من الأبناء الذين يبحثون عن إثبات نسبهم بعد هروب الزوج وتواطؤ أسر الضحايا من أجل الحصول على الأموال والسماح للبنات بالزواج العرفي تحت ضغط الحياة أو "العوز". وأضاف "الجندي" أن ظاهرة زواج العرب من المصريات، انتعشت مع فترة الانفتاح الاقتصادى في عهد الرئيس محمد أنور السادات، وانتشرت في العديد من المراكز والقرى بالمحافظات، لافتا إلى أنها تراجعت حالياً بسبب الأحداث السياسية. من جانبه، كشف محمد رزق، باحث في قضية زواج الأجانب، عن انخفاض متوسط سن زواج الفتيات فى الريف ليبدأ من " 15-16″ سنة، حيث تعتبر الفتاة التى تتخطى سن العشرين دون زواج "عانس"، وتبدأ الأسرة في البحث عن أى فرصة لتزويجها، بالإضافة إلى انتشار ثقافة أن الزواج المبكر سترة للفتاة، وأن صغيرة السن أسهل في الانقياد، مضيفا أن ذلك ساعد على ارتفاع معدل أمية الإناث، وظهور أنماط من الفقر. وأوضح أن ثقافة المجتمع تضغط على الزوجين لسرعة الإنجاب فور الزواج دون تهيئتهم لمفهوم المسئولية الوالدية أو التأكد من الاستعداد النفسى والبدنى لدى الزوجة لإنجاب طفل سليم، كذلك عدم ترك مساحة من الوقت للتأكد من قدرة هذا الزواج على الاستمرار، فى حين أن 15% من الولادات تتم قبل مرور عامين على إنجاب الطفل الأول، خاصة أن الثقافة السائدة فى المجتمع تحبذ إنجاب 3 أطفال فيما فوق. وبالنسبة لمكانة المرأة في المجتمع وتأثير ذلك على القضية السكانية، أكد أنه على الرغم من تطور أوضاع المرأة فيما يخص التعليم والعمل، إلا أن نظرة المجتمع تحصر دورها فى الزواج والإنجاب، فى الوقت الذى تظل فيه سلطاتها محدودة فى تنظيم صحتها الإنجابية، نظرا لأن من يملك القرار هو الزوج وأسرة خاصة فى الريف، كما يحكم المجتمع على المرأة بأن تظل تابعا للرجل، بدعوى أن عملها يتعارض مع رعايتها لأسرتها، بينما أن عمل المرأة هو من أفضل حلول المشكلة السكانية، وذلك لأن الفتاة عندما تتسرب من التعليم وتتزوج مبكرا لن يوجد لديها اهتمامات سوى إنجاب أكبر عدد ممكن من الأبناء، على عكس المرأة التى تكمل تعليمها وتقتحم سوق العمل، مطالبا بتشجيع المرأة على العمل وعلى وجود اهتمامات اجتماعية لديها، مما يجعل لديها القدرة على تحديد عدد أفراد أسرتها.