لم يكن توقيع الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، اتفاقية كامب ديفيد مع الكيان الصهيوني عام 1979، انتصارا لإرادة الأوطان العربية، وإنما كانت حفنة من التنازلات ضيعت حق الشعب الفلسطيني، وجعلت "السادات" رئيسا مطبعا مع الكيان الصهيوني، هكذا جاء نص استقالة محمد إبراهيم كامل، وزير الخارجية المصري آنذاك. في ذلك الحين، أثارت اتفاقية "كامب ديفيد" ردود فعل معارضة في مصر ومعظم الدول العربية، ففي مصر استقال وزير الخارجية؛ لمعارضته الاتفاقية وسماها مذبحة التنازلات؛ لكونها لم تشر بصراحة إلى انسحاب إسرائيلي من قطاع غزة والضفة الغربية، ولعدم تضمينها حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره. وعلى الصعيد العربى، عقدت الدول العربية مؤتمر قمة رفضت فيه الاتفاقية، كما اتخذت جامعة الدول العربية قرارًاً بنقل مقرها من القاهرة إلى تونس؛ احتجاجًاً على الخطوة المصرية، وساد جو من الإحباط والغضب لدى الشارع العربي، وكان اعتراضهم الأكبر أن فلسطين لم تأخذ موقعها ولم تنص المعاهدة على وجود دولة فلسطينية. كان هدف الاتفاقية مساوٍ لهدف الرئيس المصري الراحل "السادات"، وهو محاولة وقف إسالة الدم العربي وقتل المزيد من الأشخاص على يد الجنود الإسرائيلية، لكن في الماضي هاجم العرب جميعًا "السادات" لاتفاقه مع إسرائيل، والآن يعمل العرب والعالم على الوصول لاتفاق مع إسرائيل والمقاومة الفلسطينية لوقف إطلاق النار. "السيسي" يقترح التطبيع ويريد ضمان أمن إسرائيل وفي الوقت الحالي، يحاول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تجربة ما اسماه السلام المصري مع فلسطين، لكنه في حقيقة الأمر تطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل، فأكد أنه مستعد لإرسال قوات مصرية إلى الدولة الفلسطينية؛ لضمان أمن "إسرائيل"، والعمل المشترك ضد الإرهاب. من جانبه، يقول الدكتور مختار الحفناوي، أستاذ الإسرائيليات بجامعة القاهرة، إن إعادة ما فعله "السادات" مع إسرائيل في الوقت الحالي يعد كارثة بالنسبة للوطن العربي وليس مصر فقط، مضيفا أن "السيسي" يكرر خطأ "السادات" ويعتبر إسرائيل دولة لها الحق في المعيشة والإقامة والدفاع عن نفسها، متناسيًا بدايات الاحتلال وبدايات اغتصاب ذلك الكيان للأراضي الكنعانية العربية. وأوضح أستاذ الإسرائيليات أن إعادة السلام الذي بدأه "السادات" أمر غير مقبول في الواقع، مشيرًا إلى أن حل القضية الفلسطينية ليس في السلام بقدر ما فى تكاتف الأوطان العربية فى مواجهة الكيان المغتصب. وفى نفس السياق، قال محمد عاصم، سفير مصر السابق لدى تل أبيب، إن العلاقات المصرية الإسرائيلية لم تتغير، ومازالت شكلية من حيث الالتزام ببنود المعاهدة والتمثيل الدبلوماسى دون أن يكون هناك تطبيعاً فى العلاقات. وأضاف أن "السيسي" لن يغير من شكل العلاقات في الوقت الحالي؛ وذلك للتوازنات العربية قبل العالمية، مشيرًا إلى أن إسرائيل تعلم جيدًا الدور العربي وتحديدًا مصر، وتحاول تأويل كل الأمور وفقًا لما يرونه في منظروهم ويروجونه في وسائل الإعلام الخاصة بهم.