وزير خارجية أسبق وصفها ب«مذبحة التنازلات» سيف الدولة: اعتراف مصر بدولة عدوانية فتح الباب أمام تأسيس دويلات طائفية تمر الذكرى الخامسة والثلاثون لتوقيع معاهدة السلام "كامب ديفيد" مع إسرائيل، والتي وقعت بعد مفاوضات قادها الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، بين طرفي النزاع الرئيس الراحل أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيجن. وحصل طرفي الاتفاقية على جائزة نوبل للسلام عام 1978، بسبب "الجهود الحثيثة في تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط"، المعاهدة التي لا زالت بنودها وتفاصيلها سرية حتى اليوم ثارت ضدها انتقادات ومعارضة شديدة داخليا وعربيا كانت سبب في قطيعة الدول العربية لمصر لعدة سنوات. ظروف ما قبل الاتفاقية بعد حرب أكتوبر 1973 بدأت مفاوضات السلام بصورة غيرة مباشرة بين العرب وإسرائيل بزعامة الولاياتالمتحدةالأمريكية كوسيط بين الطرفين، وبعد الانتخابات الإسرائيلية التي أسفرت عن فوز حزب الليكود والذي لم يعارض فكرة الانسحاب من سيناء لكن رفض الانسحاب من الضفة الغربية. لم يتفق السادات والرئيس السوري السابق حافظ الأسد في وجهتي النظر، ورفض الأسد بشدة التفاوض مع إسرائيل مباشرة، ثم شهد الوضع الاقتصادي المصري تدهورا كبيرا. وأعلن السادات في خطاب له أمام مجلس الشعب في 9 نوفمبر عام 1977 عن استعداده للذهاب إلى إسرائيل في جملته الشهيرة "أنا مستعد أن أذهب إلى آخر الأرض، وسوف تندهش إسرائيل حين تسمعني أقول إنني مستعد أن أذهب إلى بيتهم، إلى الكنيست ذاته ومناقشتهم". عمت القاعة بالتصفيق الحاد والهاتف لم يكن أحدهم يتوقع أنه يريد الذهاب فعلا، وبدأ السادات سفرياته للخارج، وتوجه إلى السعودية ورومانيا وإيران، ثم بعد ذلك زار سوريا وعاد في نهاية نفس يوم الزيارة، ونشب خلاف حاد بينه وبين السوريين بعد عزمه زيارة إسرائيل. توجه السادات لإسرائيل وألقى خطابه في 20 نوفمبر 1977، ثم توالت اللقاءات والمفاوضات، كان أبرزها تصريح وزير الخارجية الإسرائيلي موشي ديان قائلا " إنه من الأفضل لإسرائيل أن تفشل مبادرة السلام على أن تفقد إسرائيل مقومات أمنها". محادثات كامب ديفيد أنشأ السادات الحزب الوطني الديمقراطي وتولى رئاسته، وزادت قبضته العنيفة على القوى المعارضة لتوجهاته التصالحي مع إسرائيل، حتى تدخل الرئيس الأمريكي وقتها جيمي كارتر ودعا بيجن والسادات لاجتماعات كامب ديفيد، ووصل الوفدان إليه في 5 سبتمبر 1978. المحادثات التي استمرت 12 يوما تركزت على قضية غزة والضفة الغربية وعلاقة إسرائيل بمصر وعلاقة إسرائيل بالدول العربية، دلى كل من طرفي الاتفاقية والدولة الوسيط وهي أمريكا بدلوه، فاقترحت أمريكا إجراءات انتقالية في غزة والضفة لمدة 5 سنوات ومنحهم حق الحكم الذاتي والانسحاب الإسرائيلي كاملا بعد إجراء انتخابات شعبية. وعن مصر وإسرائيل اقترحت أمريكا فترة 3 أشهر لوصول الطرفين إلى اتفاقية سلام وهي التي تم توقيعها في 26 مارس لعام 1979، والتي كانت المحاور الرئيسية لها إنهاء الحرب وإقامة علاقات ودية بين مصر وإسرائيل والانسحاب الكامل من سيناء، وكذلك ضمان عبور السفن الإسرائيلية من قناة السويس والبدء في إنشاء منطقة حكم ذاتي في الضفة الغربيةوغزة. ورغم الإفصاح عن بعض بنود الاتفاقية؛ إلا أن جزء منها يظل سريا لم يعلن عنه حتى الآن بعد مرور 35 سنة على توقيعها، فهي نصت على تطبيع العلاقات مع إسرائيل بعد المرحلة الأولى من الانسحاب من سيناء. مذبحة التنازلات أثارت اتفاقية "كامب ديفيد" غضب الشعب المصري ومعظم الدول العربية، حيث استقال وزير خارجية مصر محمد إبراهيم كامل منتقداً كل بنود الاتفاقية والتي أطلق عليها مذبحة التنازلات، نتيجة لعدم الإشارة بصراحة إلى انسحاب إسرائيل من قطاع غزه والضفة الغربية كما أنها لم تضمن حق الشعب الفلسطيني في تحقيق مصيره، وكتب مقالاً في كتابه "السلام الضائع في اتفاقات "كامب ديفيد" فحواه أن " ما قبل به السادات بعيد جداً عن السلام العادل". وعلى الصعيد العربي، كان هناك حالة من الإحباط والغضب، ونتيجة لذلك تغيرت سياسة العديد من الدول العربية تجاه مصر، وتم تعليق عضوية مصر في جامعة الدول العربية من عام 1979إلى عام 1989، واتخذت جامعة الدول العربية قراراً بنقل مقرها من القاهرة إلى تونس احتجاجاً على الخطوة المصرية. 35 عاما على" كامب ديفيد" يرى د.محمد عصمت سيف الدولة، رئيس حركة ثوار ضد الصهيونية، في تصريحات «لمحيط» أن هناك 30 سببا للتحرر من "كامب ديفيد" هي: "تجريد ثلثي سيناء من القوات و السلاح، والانحياز إلى الأمن القومي الإسرائيلي على حساب الأمن القومي المصري، نشر قوات أمريكية وأوروبية في سيناء لا تخضع للأمم المتحدة، انتشار التجسس والإرهاب والتهريب و كل أنواع الجرائم في سيناء، زرع الخوف من أمريكا وإسرائيل، سيطرة وتحكم أمريكي في الجيش والسلاح المصري، وضرب الاقتصاد المصري وتصفية القطاع العام بسبب دعمه للمجهود الحربي، صناعة طبقة رأسمالية تحكم مصر موالية لأمريكا وللسلام مع إسرائيل. وأضاف " سيف الدولة" إن الالتزام ب"كامب ديفيد" أصبح شرطا أمريكيا أوروبيا إسرائيليا لكل من يحكم مصر، وحظر كل من يعادي إسرائيل أو يرفض المعاهدة أو يناصر فلسطين، وألزمت المعاهدة مصر بتقديم كل من يحرض ضد إسرائيل إلى المحاكمة، الاختراق الأمريكي للعمق المصري، تزييف الوعي الشعبي لتصبح إسرائيل هي الصديق وفلسطين هي العدو. وأوضح أنها أصبحت أولوية على اتفاقيات الدفاع العربي المشترك الموقعة في 1950، تقييد حق مصر في توقيع أي اتفاقيات مستقبلية مع أي دولة تخالف أحكام المعاهدة، التفريط في أرض فلسطين التاريخية، اختلال ميزان القوى العربية لصالح إسرائيل، مشاركة مصر في حصار المقاومة الفلسطينية، وإضعاف المقاطعة الدولية لإسرائيل، ضرب وحدة الصف العربي، وتحول الصراع العربي الصهيوني إلى صراع عربي عربي، اكتمال الهيمنة الأمريكية على الوطن العربي واحتلال العراق وتقسيم السودان. معاهدة باطلة واعتبر" سيف الدولة" أن المعاهدة باطلة دستوريا بسبب مخالفتها للمادة الأولى من الدستور التي تنص على أن مصر جزء الأمة العربية تعمل على وحدتها، وبسبب مخالفتها للمادة الخامسة من الدستور التي تنص على أن السيادة للشعب المصري وحده، بعد أن فرطت في سيادتنا العسكرية الكاملة في سيناء، وبسبب مخالفتها المادة الثانية من الدستور و أحكام الشريعة الإسلامية التي تحض على قتال كل من يعتدي على أوطاننا، وبسبب تزوير الإرادة الشعبية في الاستفتاء الذي تم على المعاهدة في ابريل 1979، وباطلة وفقا للقانون الدولي، بسبب "إكراه" مصر على السلام مع إسرائيل، بعد أن تم احتلال أراضيها بالقوة بالمخالفة لميثاق الأممالمتحدة. واستكمل حديثه: اعتراف مصر بدولة عدوانية عنصرية و طائفية كإسرائيل، فتح الباب أمام تأسيس دويلات طائفية مماثلة، ضربت المعاهدة روح الانتماء الوطني لدى الشعب المصري بعد أن تم ضرب كل ثوابته الوطنية والتاريخية والعقائدية، تسببت في الانشقاق الوطني وضرب الوحدة الوطنية بين الشعب والسلطة الحاكمة التي تصالحت مع عدو الأمة، ففقدت شرعيتها الوطنية، وحكمت البلاد منذئذ بالقمع والردع، إجهاض الثورة المصرية واحتواءها وإعادة إنتاج نظام مبارك، بعد أن ربطت أمريكا ومجتمعها الدولي اعترافها بالثورة المصرية، بضرورة الالتزام ب"كامب ديفيد" ونظامها.