حسونة فتحي: لماذا لا تقدم مصر التراث السيناوي بدلًا من إسرائيل؟ نجم: إذاعات إسرائيل تدعي التقارب والتناغم بين تراث وثقافة السيناويين وبينهم «حاربنا لاسترداد سيناء، وفقدنا الكثير من الشهداء فماذا فعلنا لها؟ هل قمنا بإعمارها؟، هل صارت قبلة العالم لمصر؟ هل هناك احترامًا لأدمية المواطن السيناوي؟ إذا كانت إجابات كل هذه الإسئلة «لا» فلماذا إذن قاتلنا لاستردادها؟»، أسئلة محلُة تداولها الشباب المصري عبر صفحات التواصل الإجتماعي «فيس بوك، توتير»، عقب حادث رفح الإرهابي الأخير، مستنكرين إهمال الحكومة المصرية لهذه الرقعة العظيمة من الوطن، حتى صارت صحراء جرداء فكانت معقلًا لكل إرهابي ومتطرف. مع كل حدث إرهابي تعاني منه سيناء، يصيح المحللون السياسيون واستاذه علم النفس والاجتماع في البرامج التليفزيونية والفضائيات منددين بإهمال الحكومة المصرية لسيناء لعدم تنميتها وإعمارها، متناسين أن الحكومة المصرية لم تهمل سيناء كمكان مادي فقط، بل برعت في تهميش المواطن السيناوي من قبل وزارتي الإعلام والثقافة، فماذا قدمت الأخيرة لتثقيف المواطن السيناوي البسيط سوى أربعة بيوت ثقافة مهشمة منذ أكثر من 6 سنوات؟ أين اهتمام وزارة الثقافة من إبدعات السيناويين ودورها في إبرازهم وتقديمهم للجمهور؟ أسئلة كثيرة تظل بلا إجابة! وعلى الصعيد الإعلامي، حدث ولا حرج، إذ يرى الكثير من المثقفين –السيناويون منهم على وجه الخصوص- أنه المسؤول الأول عن تصدير صورة «الإرهابي» عن المواطن السيناوي -ليس هذا فحسب- بل كان تهمشيه سيد الموقف، فماذا قدم له التليفزيون المصري؟ أين دور الإذاعات المصرية من تثقيفه والحرص على تحقيق هويته؟ أخطاء كثيرة ارتكبها الإعلام ربما قد تُغتفر، لكن ما لا يغتفر أن نترك مهمة تثقيف هؤلاء المواطنين تحت قيادة السلطات الإسرائيلية. يقول الشاعر السناوي الكبير حسونة فتحي «للبديل»: للإعلام أثر كبير جدًا ومهم للحفاظ على الهوية المصرية، فالمواطن على المناطق الحدودية يسعى لشئيين إما كتابًا يقرأه أو جهاز راديو صغير يؤنسه بالعالم، وهنا نحجت إسرائيل في الوصول إليه عبر موجات إذاعتها، إذ تبث ضمن نشراتها اليومية «برنامج الدحا أو الدحية» وهو خاص بنقل التراث السيناوي، وليس أمام السيناوي إلا أنه يستمع له لأنه ينتظره من الحين إلى الحين؛ حيث لا توجد محطة أخرى يستمد منها تراثه، فضلًا عن صعوبة استقبال الإذاعات المصرية هناك. يتسأل «حسونة»: لماذا لا تتواجد هذه البرامج في إذاعتنا المصرية؟ فإنتاجها ليس مكلفًا، فلا بد أن تذهب أذن المواطن السيناوي إلى إذاعة وطنه ويتلقى الرسالة منها، ومن الضروري أن تضع الدولة خطة للتعامل مع الهامش لتحقق مساحة من التواصل مع الأخر. «مجرد تولي الاحتلال الإسرائيلي هذه المهمة فهو إعتداء على تراثنا وثقافتنا ووجودنا في مصر» هكذا عبر الدكتور السيد نجم، أحد الأدباء المهتمين بالأدب العبري، عن استنكاره من السماح للإذاعات الإسرائيلية لاختراق عقل المواطن السيناوي، قائلًا: إسرائيل تتعامل مع هذا التراث بهدف من أهدافها السياسية من الدرجة الأولى مستغلة حالة الانفتاح الإعلامي وسهولة الوصول إلى المستمع السيناوي، مطالبًا برصد تلك الإذاعات والتصدي لها علاوة على ضرورة تصحيح المفاهيم والمادة التي تذيعها، وعلى المؤسسات الثقافية والإعلامية في مصر أن تتولى هذه المهمة، قائلًا: أنا أعلم أن هناك جهد مبذول من بعض المؤسسات المصرية تجاه ما يحدث في سيناء، لكنها عاجزة على مواكبة ما يقدمه إعلام الاحتلال الإسرائيلي الذي استغل غفوتنا عن سيناء وعزلتنا عنها، وشرع في توجيه المواطنيين كيفما يشاء. أضاف مؤلف «التنظير في أدب المقاومة»: لا يوجد توجه إعلامي صحيح تجاه الحياة الاجتماعية في سيناء، ونسطيع أن نضيف هذا التخاذل الثقافي إلى جسامة الأخطاء التي ترتكبها الحكومة المصرية في حق سيناء منذ نكسة 67، حين بدأ الكيان الصهيوني يرسم خططه الاستراتيجية بعيدة المدى للاستيلاء على سيناء، فالمضمون الذي تبثه هذه الإذاعات يرتكز على الفن الشعبي السيناوي وغيره من العادات والتقاليد التي تدشن لفكرة أن هناك تقاربًا وتشابهًا كبير جدًا بين عادات وتقاليد السيناويين وبين ثقافة المحتل، فهناك تداخل وتمازج تحرص إسرائيل على تحقيقة لتمهد بمرور الزمن إلى عدم كراهيتهم حتى تصير سيناء جزءًا منهم ويصبحا كيانًا واحدًا مستقبلًا، وبذلك تسترد سيناء. فيما استنكر الإعلامي محمد حسان، تلقي المواطن السيناوي تراثه وحضارته من الإذاعات الإسرائيلية قائلًا: لا أعيب على الإسرائيلين فلهم مصالح في هذه المنطقة ويحاولون الوصول إليها بشتى الطرق دبلوماسية كانت أو إعلامية، إنما أعيب على اتحاد الاذاعة والتليفزيون والحكومة المصرية التي لم تستطع خلق منافس قوي لهذه المحطات الإسرائيلية تجذب بها المواطن السيناوي بدلًا من أن تجعله فريسة للمؤامرات الخارجية، متسائلًا: كيف لا توجد محطة تليفزيونية موجهة لإهالي سيناء منذ 73، مشيرًا إلى أن هناك تقصيرًا أيضًا من الجهات السيادية في سيناء (المخابرات العسكرية) لأنها لم تخبر الجهات المعنية بضرورة توافر برامج وإذاعات خاصة بسيناء.