مثقفو سيناء: لا نطالب برفاهية بل حقنا في الحياة.. قصور الثقافة بسيناء مغلقة منذ 7 سنوات بحجة الترميم احترام الوجود الإنساني هو اللبنة الأسياسية لبناء أي مجتمع حضاري، وهو ما يتعارض مع الواقع الذي نعيشه في مصر، فهناك قطبي التهميش «النوبة» و«سيناء»، اللذان يعانيان دائمًا من فقدان الحياة الأدمية واحترام تكوينهما الفكري والعقلي، فعاشوا في عزلة خاصة بفضل دعم الدولة للمركزية وتهميش الأطراف، فخلى المشهد من أي تفاعل فكري أو ثقافي فأصبحا معقلًا للإرهاب والتطرف، وفي ضوء ذلك وامتدادًا لعملها على ملف التهمييش الثقافي، قامت «البديل» برصد المآساة الثقافية في سيناء، باعتبارها نموذجًا فريدًا في تعامل الدولة مع التنوع الثقافي. فقال القاص السيناوي عبد الله السلايمة، لا يمكن للراصد للواقع الثقافي في شمال سيناء إلا إن يتملكه الحزن لما وصل إليه حال الثقافة فيها، فالحراك الثقافي بعد مرور ثلاثة عقود وما بذل خلالها من جهود لولادته وتطويره، يمكن وصفه بالمتردى لأسباب يعود بعضها في تصوري إلى المؤسسة الثقافية، ويعود البعض الآخر إلى الأدباء أنفسهم. فالواقع الثقافي بشكل عام يعاني من غياب الاستراتيجية الثقافية الحقيقية التي تعنى بحاضر الثقافة ومستقبلها، وهذا ما انعكس على مديريات الثقافة في محتلف المحافظات، وإن كان الوضع الأمني زاد من سوء حال الثقافة في شمال سيناء، إلى جانب سوء اختيار مدراء الثقافة ونظرتهم للفعل الثقافي، وإدارتهم لشأنه بشكل ارتجالي ما أثر سلباً على شكل ومضمون ورسالة الفعل الثقافي، وأدى إلى غياب الحراك الجماعي الحقيقى للفعل الثقافي، وهو ما أنعكس سلباً أيضاً على مكانة وقيمة وأهمية المثقف في الشارع المصرى بشكل عام، وسيناء بشكل خاص. أضاف «السلايمة»: ناهيك عن تقاعس المؤسسة الثقافية عن أداء دورها الثقافي النهضوي كما يجب أن يكون، تلك المؤسسة، الذي يعد بناء الإنسان والمجتمع السيناويين من أولى مهامها، استبعدت بشكل ملفت للنظر هذا الهدف الذي أسست من اجل تحقيقه في أجندة أنشطتها السطحية، مكتفية بما تتبناه من طباعة بعض الأعمال الشعرية والقصصية لأعضاء من الجماعة المنتمية إليها. أما ما يسأل عنه الأدباء هو إشكالية حصر أكثرهم للمفهوم الثقافي في الأدب على "الشعر، القصة، الرواية" والتعامل معه باعتباره وسيلة للإسترزاق، وهو ما أدى إلى انقسامهم وتفرقهم تتنازعهم اعتباراتن ومصالح شخصية لا تمت لا للأدب بصلة، ولا للصالح العام كما يدعون، هذا الفهم المغلوط أدى إلى غياب الوعى لديهم بأهميته وقيمة الثقافة والابداع على المستويين الشخصى والعام، وبالتالى غاب مع هذا المفهوم الضيق أى مخطط حقيقى للتنمية الثقافية فى شمال سيناء. وما يزيد من أحساس المتتبع للمشهد الثقافى فى شمال سيناء حزناً، هو حرمان هذا الجزء العزيز من تراب مصر من روافد الثقافة مثل السينما والمسرح، فلا يوجد في شمال سيناء بكاملها سوى سينما واحدة بمدينة العريش "سندريلا" وهى للأسف معطلة ونشاطها متوقف تماماً من قبل الثورة فلا أحد يرتادها بسبب سوء ادارتها ونوعية أفلامها وعدم اهتمام الشارع فى سيناء بها من الأساس وقد وجد فى الفضائيات ما يغنيه من وجهة نظره عنها، كما لا يوجد بها مكتبات عامة أو مسارح غير ما يتبع قصور الثقافة في كل من العريش ورفح والشيخ زويد وبئر العبد. فيما قال الروائي حاتم عبدالهادي، إن سيناء ليست في ذاكرة المسؤولين، وغياب الثقافة أدى إلى تفشى الإرهاب، ما جعل التربة غير صالحة لإنتاج المبدعين من أبناء سيناء، نظرًا لإهمال الدولة المتعمد لنا – نحن كمثقفين سيناويين -منذ تحرير سيناء إلى الآن، ويتساءل: لماذا هذا العداء لأبناء سيناء وكأنها ابنة غير شرعية لمصر من المسئول عن ذلك؟ ولصالح من إبعاد المثقفين السيناويين عن خريطة الإبداع؟ لماذا ينظر لنا على أننا مثقفون من الدرجة الثانية؟ ويشير «عبد الهادى» إلى أن قصور الثقافة مغلقة منذ سبع سنوات بحجة ترميمها برغم أنها مبان حديثة النشأة حيث بلغت تكلفتها أكثر من 3 ملايين جنيه، فى المقابل لا يوجد مركز علمى أو ثقافى يهتم بالتراث السيناوي. ويضيف: سبق أن طلبنا من وزير الثقافة إنشاء مراكز علمية لكن لم يلتفت أحد لنا، ولا ندرى هل السبب فى هذا التهميش الإدارة السياسية أم إدارة الثقافة العامة أم الهيئة العامة لقصور الثقافة. فيما قال القاص «حسونة فتحي»: الحراك الثقافي في سيناء سئ جدًا بل شبه منعدم، فقصر ثقافة العريش تحت الترميم منذ 8 سنوات والحكومة تماطل في افتتاحه لأسباب أمنية، كما أن دور المؤسسات الثقافية في سيناء محدود لدرجة اننا لم نستطيع إقامة مؤتمر أدباء سيناء هذا العام، فليس هناك أي اهتمام من وزارة الثقافة تجاه سيناء، فكيف يعقل أن تخلو سيناء من الأندية الثقافية والمسارح والسينما، نحن لم نطالب برفاهية وكل ما نريده هو تنمية حقيقة. فيما قال الشاعر سالم شبانه، الثقافة في سيناء تواجه العديد من الإشكاليات، ففي سيناء تكاد تكون الثقافة منعدمة فلا يوجد لدينا غرفة مكتوب عليها وزارة الثقافة أو أي جهة حكومية تابعه لها، كما أن المطبوعات تصل بشكل ضعيف، أيضًا هناك نظرة ظلم واجحاف من المجتمع تجاه المواطن السيناوي، فكثيرًا من المصريين يجهلون سيناء كمكان وجغرافيا، واقتصرت صورة السيناوي في ذهنه بصور الكاركاتير التي تصورنا عديمي الثقافة، في النهاية ولا أملك إلا أن أقول كما قال الشاعر محمود درويش في فلسطين "ارحمونا من هذا الحب القاسي".