رغم التأكيد الدائم من المؤسسات الثقافية الرسمية علي أن التطوير هو همها الاساسي خاصة في المحافظات, فإن أهالي تلك المحافظات ينفون وجود أي اختلاف في الدور الثقافي للمؤسسة عن قبل الثورة. اول تلك المحافظات علي سبيل المثال سيناء, فالمطلع علي المشهد الثقافي الراهن هناك يتملكه الحزن لما وصل إليه حال الثقافة فيها علي حد قول مبدعيها فعلي الرغم من مضي قرابة ثمانية شهور علي قيام الثورة لم يزل دور المؤسسة الثقافية الذي تمثله مديرية ثقافة شمال سيناء وما يتبعها من قصور ثقافة في كل من العريش ورفح والشيخ زويد وبئر العبد يثير الكثير من التساؤلات, حول مدي نجاح هذه المؤسسة أو تقاعسها في أداء مهمتها التي أسست من اجلها وهي بناء الانسان والمجتمع في سيناء. حاولت الاهرام المسائي الإقتراب من هذا الوضع لرصد تطورات العمل الثقافي هناك من خلال المؤسسة الرسمية. في البداية قال القاص عبد الله السلايمة رئيس نادي سيناء للقلم : الحراك الثقافي بعد كل الجهود التي بذلت لولادته وتطويره, يمكن وصفه بالمتردي, وهذا يعود في تصوري لأسباب عطب المؤسسة الثقافية الممثلة في مديرية الثقافة, وتقاعسها عن أداء دورها الثقافي النهضوي كما يجب ان يكون. ويعود السبب الثاني إلي الأدباء أنفسهم الذين أصبح حضورهم في الشارع السيناوي يشبه غيابهم تماما وذلك لوقوعهم في إشكالية خطيرة تتمثل في حصر مفهوم الثقافة في الأدب الشعر, القصة, الرواية لدي غالبيتهم, والتعامل معه باعتباره واجهة اجتماعية, ووسيلة للاسترزاق, مما أدي إلي غياب وعيهم بأهميته وقيمته, فيما أكد الشاعر حسونة فتحي رئيس نادي الأدب المركزي بسيناء أن ارتباط عمل المؤسسة الثقافية بالرؤية الأمنية في سيناء, وعدم كفاءة أداء غالبية العاملين بالثقافة يشكلان عائقا أول أمام كل نشاط أو فعالية جادة, كما تشكل عقلية القائمين علي إقليم القناة وسيناء الثقافي عائقا أكبر حيث يديرون العمل الثقافي طوال العام بمفهوم إدارة الأزمة, وهو أسلوب أثبت فشله الذريع في رسم مشهد ثقافي حقيقي وقال الناقد محمد السيد أبو ماضي: يعود السبب الأول لقصور المؤسسة الثقافية في أداء مهمتها إلي أنها مازالت حتي بعد قيام الثورة ترسخ ثقافة سطحية وهشة, وقد أغدق النظام السابق علي فئة من محدودي القيمة الثقافية علي مدي عقود للترسيخ لها, ولكي يظلوا متصدرين للمشهد الثقافي المفقرللخيال, من جانبه قال الشاعر بركات معبد رئيس نادي أدب رفح: للأسف الشديد القائمون علي إدارة الحركة الثقافية سواء في فروع الثقافة أو القصور والبيوت التابعة لها عامة وفي سيناء خاصة لا ينظرون إلي مواقعهم إلا من وجهة نظر وظيفية ولا يعنيهم المواطن السيناوي وبناء شخصيته الثقافية بقدر ما يعنيهم الوجود الوظيفي بكل ما يحمل من مساويء أملا في ترقية أعلي, وقال القاص عبد العزيز قاسم: للأسف الشديد مازالت المؤسسة الثقافية تعمل وفق عقلية وآلية قديمتين, وإستراتيجية ثقافية أثبتت حال الثقافة الآخذ في التراجع وفشلها الذريع علي المستويين المحلي والوطني, وردا علي هذه الاتهامات قال الشاعر سعد عبد الرحمن رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة: إن التقصير من الأدباء في سيناء أنفسهم, خاصة أن النشاط الأدبي لا نتدخل فيه فهم من يقترحون الأنشطة والفاعليات ومن يشارك بها, ونحن كقصور الثقافة مهمتنا التمويل والتنظيم والتخطيط, كما انني كنت في سيناء منذ يومين في احتفالية مهرجان الزيتون وكانت بالإستاد ولم يأت أي من الادباء والمثقفين, لذا فالتقصير منهم وليس منا. وأضاف قائلا ان مديريات الثقافة تعمل وفق استراتيجية تضع خطوطها العريضة الهيئة العامة لقصور الثقافة, وننفذها علي هيئة خطط شهرية أو سنوية نراعي في وضعها اختلاف الأمكنة بل والثقافات أحيانا, مع حرصنا كمؤسسة ثقافية علي إفادة كل شرائح المجتمع خاصة جيل الشباب الذي يعد عماد المستقبل. ووفقا لهذه الرؤية, وتوافقا مع مرحلة ما بعد ثورة25 يناير نفذنا هنا في شمال سيناء العديد من الأنشطة هذا العام منها مسابقات ثقافية ودينية وعروض فنية في الشيخ زويد ورفح والحسنة والقسيمة, وضمن أنشطة منتدي الشباب يجري تنظيم لقاءات فكرية حوارية مع الشباب تتم فيها استضافة شخصيات مرموقة وخبيرة.