كما تعامل النظام السابق مع مصر على أنها ملكية خاصة عمل على تجريفها طوال ثلاثين عاما، فرض النظام على شبه جزيرة سيناء نفس نظرية الحظر التى فرضها على الوطن باعتبارها منطقة خاصة للمستثمرين ومنتجعاتهم السياحية التى تناثرت على أطراف سيناء المطلة على البحر، وبقت سيناء مهملة زراعيا وصناعيا وكذلك ثقافيا. ظلت القوافل الثقافية لسيناء معطلة خلال العهد القديم بحجة أستخراج تصاريح أمنية، كما حدث فى فترة تولى الدكتور أحمد نوار رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة حيث تسببت تفجيرات دهب عام 2006 فى حرمان سيناء من القافلة الثقافية التى نظمتها هيئة قصور الثقافة فى ذلك العام إلى سيناء وواحة سيوة والسلوم والوادى الجديد. ورغم أن قصور الثقافة أجرت اتصالات مع قيادات القبائل تمهيدا لإرسال هذه القافلة، لكنها تعثرت، خاصة بعدما أدت أحداث إرهاب فى سيناء إلى عزل سيناء ثقافيا، بعدما فرضت الإجراءات الأمنية حظرا ثقافيا وسياسيا عليها. وظلت نوادى الأدب فى سيناء هى النافذة الوحيدة لأهلها كى يتنفسوا ثقافيا طوال السنوات الماضية، عبر محاولات إدارة الثقافة بشمال سيناء التى نظمت محاضرات دينية وورش للأشغال اليدوية المستوحاة من البيئة السيناوية وعروض مسرح العرائس. وظلت أنشطة قصور الثقافة سواء فى العريش أو فى شرم الشيخ قيد التطوير، مرهونة بتطوير مبانى القصر وتحديث قاعاته الرئيسية والمسرح والسينما، من أجل تزويدها بأعمال الحمايدة المدنية، فبدأت أعمال التطوير فى قصر ثقافة العريش فى شهر أكتوبر من العام الماضى، بتكلفة 27 مليون جنيه، تم وضع جدول زمنى لإنهاء المشروع بعد 18 شهرا، أى ينتهى العمل منه خلال العام القادم. ولم يكن الحال أفضل فى قصر ثقافة شرم الشيخ، فرغم تجديد القصر، وتحويله إلى أحد المواقع الثقافية اللائقة بالعمل الثقافى، إلا أنه ظل معزولا، كسائر مؤسسات المدينة، التى كانت عاصمة خاصة بالرئيس السابق، ولم يسمع أهالى شرم الشيخ عن أى أنشطة لهذا القصر، سوى بعض الأقاويل التى تناثرت هنا وهناك عن استخدامه من جانب المسئولين لتسكين المقربين منهم، وتحويله إلى فندق خمس نجوم على حد وصف الأهالى. وأدى انتصار الثورة المصرية وإنهاءها لهذه الفترة الطويلة من الحظر، إلى ظهور المحاولات المنفردة لكسر الحظر الثقافى المفروض عليها منذ سنوات، بدأ ذلك بزيارة عصام شرف رئيس الوزراء لسيناء، وتناوله الطعام مع شيوخ القبائل، ثم زيارة وزير الثقافة الدكتور عماد أبوغازى لقصر ثقافة الإسماعيلية، وتكريمه لعدد من الأدباء السيناويين، خلال مؤتمر أدباء القناة وسيناء، فى يونيو الماضى، ثم تكوين نادى قلم سيناء الذى رأسه الكاتب عبد الله السلايمة فى محافظة شمال سيناء، فى محاولة لتفعيل الحركات الثقافية والإبداعية فى سيناء، وإفساح المجال للأفكار الهدافة والبناءة فى سيناء التى ظلت معزولة طوال ثلاثين عاما مضت.