تقديسه للكتابة جعله يتشكك فيما يكتبه، منذ أكثر من 20 عامًا، ولذلك كان قراره بنشر نصوصه محاطًا بالكثير من المخاوف والهواجس، وفي لحظة هدوء –كما يقول لنا- قرر القاص صابر رشدي التخلص من تلك المخاوف بإصدار مجموعته القصصية الأولى "شخص حزين يستطيع الضحك" الصادرة عن دار بيت الياسمين للنشر. يقول القاص الخمسيني: تقديسي للكتابة جعلني أتردد في اتخاذ قرار النشر، فكنت أنشر قصصي منفردة في بعض المواقع والمطبوعات الصحفية، كما أنني لست مهووسًا بالشهرة، وربما أخذت القرار أخيرًا لتلوين تلك الكآبة التي تعتصرني منذ فترة طويلة، ربما يحدث شيئًا جديدًا. ويضيف: بصراحة شديدة كنت أخشى أيضًا من النقد الذي يعاني من أزمة شديدة لكنني فوجئت بردود الفعل، التي فاقت توقعاتي وجعلتني أقول أن هناك ثمة ضمير نقدي وثقافي في مصر. تطرح بعض نصوص المجموعة الكثير من الأسئلة الفلسفية والوجودية التي تؤرق إنسان هذا العالم، يقدمها «رشدي» عبر سردية جديدة، لكنه في مقابل ذلك السرد الجديد، احتوت المجموعة على بعض النصوص ذو الحبكة التقليدية، يوضح "القاص" هذا الفارق قائلًا: بعض نصوص المجموعة تهتم بالأسئلة الوجودية التي تشغل إنسان هذا العالم الذي يعاني من قلق نفسي ووجودي وتحاول سبر أغوار هويته من خلال التقاء الحلم بالواقع أحيانًا، ودمج الواقعي بالمتخيل عبر شخوص تسعى لفك الشفرات عن بعض الأشياء الملغزة، في هذه النصوص كان السرد مُغلق على تساؤلات محددة، أما الشق الثاني من المجموعة، فكان مفتوحًا على اتجاه الحكي، ومن ثم كان السرد مفتوحًا وربما لذلك يشعر القاريء بثمة تقليدية في الحبكة، أتفق معكي فيها. لغة المجموعة جاءت شديدة العفة الأمر الذي دفعنا لسؤاله "هل كتبتها لقاريء محدد؟" يجيب «رشدي» : دفعتني سياقات المجموعة والسرد الهاديء لاستخدام تلك اللغة العفيفة وبكل تأكيد لم أوجهها لقاريء محدد، فهذه أولى أعمالي وبالطبع أسعى لاكتساب عدد كبير من القراء. لكنني في الحقيقة تعمدت ألا أجرح شفافية النصوص أو حالتها الشجية بأي عنف لفظي. يقول «رشدي»إنه قاريء محترف، تربى على مدرستين المدرسة الروسية ومدرسة أمريكا اللاتينية: تربيت على كتابات «تشيكوف» و«دوستويفسكي» وهذه المدرسة زرعت في ألمًا وحزنًا أعاني منهما حتى الآن، بعد المدرسة الروسية استغرقت في مدرسة أمريكا اللاتينية، وكتابات ماركيز وبورخس.