أسعار اللحوم اليوم السبت 6-12-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بالأقصر    سعر الذهب في محافظه اسوان اليوم السبت 6 ديسمبر 2025،    رغم إغلاق ترامب مجالها الجوي، فنزويلا تستقبل طائرة ترحيل أمريكية    الطقس اليوم السبت 6 ديسمبر 2025.. انخفاض حاد في الحرارة وأمطار رعدية تضرب عدة مناطق    استكمال محاكمة 32 متهما في قضية اللجان المالية بالتجمع.. اليوم    أولى جلسات محاكمة عصام صاصا فى مشاجرة ملهى ليلى.. اليوم    اليوم.. أولى جلسات محاكمة المتهمين في قضية رشوة الضرائب الكبرى    بعتيني ليه تشعل الساحة... تعاون عمرو مصطفى وزياد ظاظا يكتسح التريند ويهيمن على المشهد الغنائي    "قتل اختياري".. مسلسل يفتح جرحًا إنسانيًا عميقًا ويعود بقضية تهز الوجدان    ميرتس يدعو لتقاسم أوروبي موحّد لمخاطر الأصول الروسية المجمدة    ليفربول يسعى لتصحيح مساره في الدوري الإنجليزي أمام ليدز يونايتد    «توخيل» يطمئن جماهير إنجلترا: جاهزون لمواجهة كرواتيا وغانا وبنما في المونديال    منتخب مصر الأول يستعد لكأس للأمم الإفريقية بالمغرب    منتخب «طولان» جاهز للإمارات في كأس العرب اليوم    رئيس وزراء الهند يعلن عن اتفاقية مع روسيا ومرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي    مروة قرعوني تمثل لبنان بلجنة تحكيم مهرجان الكويت المسرحي بدورته 25    بشرى سارة بشأن ضريبة التصرفات العقارية.. وزير المالية يكشف التفاصيل    محاكمة كبرى لعمالقة السيارات الأوروبية في لندن.. بسبب التلاعب    إجراءات صارمة بعد فيديو السخرية من مدرسة الإسكندرية    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى مدينة 6 أكتوبر دون إصابات    كشفتها الأجهزة الأمنيةl أساليب جديدة لغسيل الأموال عبر المنصات الرقمية    عائلة أم كلثوم يشاهدون العرض الخاص لفيلم "الست" مع صناعه وأبطاله، شاهد ماذا قالوا (فيديو)    «آخرساعة» تكشف المفاجأة.. أم كلثوم تعلمت الإنجليزية قبل وفاتها ب22 عامًا!    مصر والإمارات على موعد مع الإثارة في كأس العرب 2025    إعلام فلسطيني: طيران الاحتلال الإسرائيلي يستهدف شرق مدينة غزة    «تصدير البيض» يفتح باب الأمل لمربي الدواجن    رغم العزوف والرفض السلبي .. "وطنية الانتخابات" تخلي مسؤوليتها وعصابة الانقلاب تحملها للشعب    حفل توقيع كتاب «حوارات.. 13 سنة في رحلة مع البابا تواضروس» بالمقر البابوي    بدائل طبيعية للمكمّلات.. أطعمة تمنحك كل الفائدة    قائمة أطعمة تعزز صحتك بأوميجا 3    قائمة بيراميدز - عودة الشناوي أمام بتروجت في الدوري    منافس مصر - مدافع نيوزيلندا: مراقبة صلاح تحد رائع لي ومتحمس لمواجهته    خبير اقتصادي: الغاز الإسرائيلي أرخص من القطري بضعفين.. وزيادة الكهرباء قادمة لا محالة    شاهد لحظة نقل الطفل المتوفى بمرسى المعديات فى بورسعيد.. فيديو    منافس مصر – لاعب بلجيكا السابق: موسم صلاح أقل نجاحا.. ومجموعتنا من الأسهل    النائب عادل زيدان: التسهيلات الضريبية تدعم الزراعة وتزيد قدرة المنتج المصري على المنافسة    كندا ترفع سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب    رويترز: تبادل إطلاق نار كثيف بين باكستان وأفغانستان في منطقة حدودية    تفاصيل مثيرة في قضية "سيدز"| محامي الضحايا يكشف ما أخفته التسجيلات المحذوفة    وفاة عمة الفنان أمير المصري    عالم مصريات ل«العاشرة»: اكتشاف أختام مصرية قديمة فى دبى يؤكد وجود علاقات تجارية    أحمد مجاهد ل العاشرة: شعار معرض الكتاب دعوة للقراءة ونجيب محفوظ شخصية العام    "بيطري الشرقية" يكشف تفاصيل جديدة عن "تماسيح الزوامل" وسبب ظهورها المفاجئ    نتنياهو بعد غزة: محاولات السيطرة على استخبارات إسرائيل وسط أزمة سياسية وأمنية    أزمة أم مجرد ضجة!، مسئول بيطري يكشف خطورة ظهور تماسيح بمصرف الزوامل في الشرقية    مسئول أمريكى: قوة الاستقرار الدولية فى غزة قد تُصبح واقعًا أوائل عام 2026    الصحة تفحص أكثر من 7 ملايين طالب ضمن مبادرة الرئيس للكشف المبكر عن الأنيميا والسمنة والتقزم بالمدارس    القاصد يهنئ محافظ المنوفية بانضمام شبين الكوم لشبكة اليونسكو لمدن التعلم 2025    وزارة الداخلية تحتفل باليوم العالمي لذوى الإعاقة وتوزع كراسى متحركة (فيديو وصور)    دعاء الرزق وأثره في تفريج الهم وتوسيع الأبواب المغلقة وزيادة البركة في الحياة    عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة يوضح أسباب تفشّي العدوى في الشتاء    كيف أتجاوز شعور الخنق والكوابيس؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    «الطفولة والأمومة» يضيء مبناه باللون البرتقالي ضمن حملة «16يوما» لمناهضة العنف ضد المرأة والفتاة    لتعزيز التعاون الكنسي.. البابا تواضروس يجتمع بأساقفة الإيبارشيات ورؤساء الأديرة    خشوع وسكينه....أبرز اذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    استشاري حساسية: المضادات الحيوية لا تعالج الفيروسات وتضر المناعة    كيف تُحسب الزكاة على الشهادات المُودَعة بالبنك؟    ننشر آداب وسنن يفضل الالتزام بها يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ردًا على منعها من دخول مصر.. الفلسطينية «أثير صفا» تكتب: شارلوكيات
نشر في البديل يوم 25 - 10 - 2014

مصر؛ قبلة المثقفين، يقبلون عليها إقبالاً من كل فجٍ عميق، أرض الكنانة التي شدّ إليها يوسف الرحال حين رمى به إخوته في قاع جب، كيف يحيلها "شارلوك هولمز" إلى أرضٍ يولّون منها إدبارًا رغبةً منه في استرداد قرنه التاسع عشر؟ وكيف يُفتَّش أنبياء الكلمة بشكلٍ مهين لا يليق حتى بمهرّبين أو متسللين؟
من القرن الواحد والعشرين أخذوا القرن فقط؛ قرن غزال يغرسونه في أحشاء المعاصرين فكريًا (المحاصرين فكريًا). ولكن، في البدء كانت الكلمة، وفي المنتهى ستكون، ذلك ما لا يدركه "هولمز" لأن الفن لا يعرف الوسطية.
قصتي مع شارلوك بدأت حين استوقفني على عتبات مصر، وأخذ يفتش بين أوراقي ليجد مستمسكين كلاهما كفيل – من وجهة نظره، وهو الذي يعاني تاريخيًا من وسواس قهري- بإدانتي بجرمين. الأول هو روايتي "تغريدة"؛ روايتي البكر والتي لا تزال وليدة، لم ترَ النور تمامًا، ولم تدرك بعد كمَّ الشارلوكيين المتربّصين بها. تصفّحها هولمز دون حتى أن يقرأها أو يلمّ بمضمونها ليعثر على صورة للسادات، كتفه بكتف موشيه ديان، فارتاب مدفوعًا بالبرانويا وخاف من الوقوع في المحظور، وقرر أن يمشي فجأةً وفقًا للقاعدة الدينية التي تنصّ على اجتناب مواطن الشبهات، وفي ذلك كان شأنه شأن المتطرّفين الجهلة الذين رموا نجيب محفوظ بالزندقة وحاولوا طعنه في عنقه التي طالما اشرأبت للفن والحرية، دون حتى أن يتكبّدوا عناء القراءة أو متعة الاكتشاف.
وأنا تطلّعت إلى مصر مستجيرةً من الرمضاء بالبحار لا النار؛ مصر البحر الممتد القادر على حملي بفلكي المشحون دون استثقال أو مَن.كنتُ على يقين، ليست حوتًا يلتقمي ليلفظني ثانيةً في العراء، إن لم أسبّح بحمد الشارلوكيين. وليست قرصانًا يقطع عليّ الطريق ليجرّدني من حمولتي، وحمولتي ليست إلا بعض الأوراق والكثير من الأفكار المتفتحة كوردة. مصر التي كانت على مَرّ التاريخ أكبر من كلّ حيتانها. مصر التي كانت على مُرّ التاريخ أكرم منكل قراصنتها.
الجرم الثاني كان هويتي الفلسطينية، والتي تبيّن أنها تهمة أكثر منها هوية، هكذا أوحت قسمات هولمز حين أبدى امتعاضه من تعريفي لنفسي، فقرر اجتناب "أوطان الشبهات" تكبيرًا لدماغه وتصغيرًا لشأنه. فأين أنت يا محمود درويش حين صرخت صرخة في السبعينات ووجهت نداءً للنقاد العرب قائلاً: "ارحمونا من هذا الحب القاتل!" أملاً منك في الموضوعية عند تناول الأدب الفلسطيني؟! رحمة الله عليك، ها هم قد رحموك ورحمونا، وفوق ذلك رجموك ورجمونا.
أنا فلسطينية تحت الاحتلال، من الفلسطينيين المرقّمين بال 48، أي أني موسومة بالنكبة مختومة بختمها، ممّن تمسكوا بأرضهم ولايزالون يشكّلون شوكةً في حلق الدولة اليهودية، لو عرّفتُ نفسي كإسرائيلية لطبطب هولمز على كتفي وطالتني منه، زيادةً على التأشيرة، ابتسامة عريضة ودعوة من حرارتها تصل الرب في ساعتها، ولكن حين أقدّم نفسي على أني "فلسطينيّة العينين والوشم، فلسطينيّة الاسم، فلسطينية الأحلام والهم، فلسطينيّة المنديل والقدمين والجسم، فلسطينيّة الكلمات والصمت، فلسطينيّة الصوت، فلسطينيّة الميلاد والموت" يقع الإشكال! فهناك، شارلوكيون كُثر يعملون من قلبٍ ورب على تشويه وجه فلسطين الجميل، وتكميم أي صوت ديمقراطي عقلاني مقاوم ينطق باسمها وباسم الحرية؟ في مصلحة من يصب هذا؟! ليس شارلوك إلا جزءًا من منظومة كاملة نراها اليوم تتنكر لفلسطين الضحية وفلسطين المقاومة (وهي مفاهيم غير كافية في كل الحلات للدلالة على الواقع الفلسطيني)، وتظهرها كفلسطين التطرّف وفلسطين الإرهاب، وأنا لست بمتطرفة ولا إرهابية ولهذا تأشيرتي مرفوضة رفضًا قاطعًا ومفتوحًا، فالأزمةً ليست حدودية كما قال "ناصر القومية" وإنما وجودية!
ومصر؟! مصر التي ترامت أطرافها فى روايات محفوظ وقصص إدريس ونصوص صنع الله إبراهيم فامتدت لتطال الوعي العربي، وتتضخم فيه كنموذجٍ فيه من الأصالة ما يمكّنه من استيعاب الحداثة، مصر رمز الحضارة والانفتاح في آن، كيف توصد أبوابها؟ مصر التي تحوّلت بعمالقتها إلى النموذج العربي الأمثل الذي يتحقق فيه الفن والأدب؛ مصر "واسطة العِقد" كيف تلوذ بنفسها وتأخذ من العقد طرفًا وتكتفي بذلك؟!
من مصر تلقّيت دعوةً بحضور ندوات كانت ستُقام على شرف الرواية، احتفاءً بها من قِبل مجموعة من المثقفين العارفين بالأدب، جاءت الدعوة عن طريق اتحاد الكتّاب العرب إلى السفارة هنا، ولكنّ شارلوك الذي لا يزال مرتديًا معطفه الأسود الطويل وقبعته البرجوازية، تحت معطفه سياسات داخلية، وتحت قبعته عقل عفا عليه الزمن رفض تأشيرتي مدّعيًا أنّ دخولي سيشكّل زعزعةً للأمن القومي! شارلوك الذي لا يزال يعتمد على حدسه الخائب في اكتشاف جانٍ غائب، جاء ليحقق التصوّر الذي تطرحه الرواية: أزمة الفنان في مواجهة المجتمع والسلطة، وها هو الواقع المُتخيّل يداهمني وجهًا لوجه بصفعةٍ على الوجه فأيّ مفارقةٍ هذه!
في دار ميريت، في وسط البلد، قلب مصر النابض نشرت روايتي، وصار لي فيها أهلٌ أشدد بهم أزري من أدناها إلى أقصاها. احتضنتني مصر حين ضاقت بي الدنيا، وكانت كإيزيس التي تلملم ما افترق مِن أشلاء مَن تُحب، كانت إلهة متمردة لا تحتكم حتى لقانونية الطبيعة! فكيف يسخر منا القدر بتحقق مقولة الفنان محمد صبحي "سيادة الفريق اقفل على نفسك، اقفل على مصر، اقفل على أبوابها"؟!
نخب الحرية يا شارلوك، ها هي قد أقفلت على أصابعنا، فاقفل ملفّ القضية وكفِّن الفن بمزاج.. مع سيجارة.. وعلى رويّة!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.