أعلن رئيس الوزراء اللبناني أنه يسعى لإقامة وساطة للصلح بين عبد الفتاح السيسي الرئيس المصري، ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، وهو ما استبعده سياسيون بسبب مدى توتر وسوء العلاقات وخاصة الخطاب الأخير الذي ألقاه أردوغان أمام الأممالمتحدة وأساء فيه إلى السلطة المصرية. "البديل" رصدت آراء السياسيين حول الأمر وما هي الشروط والظروف التى قد تدفع صلحًا كهذا لأن يحدث على أرض الواقع. يقول محمد سليمان أمين إعلام حزب الكرامة الشعبي الناصري إن وزارة الخارجية المصرية أصدرت مساء أول أمس الأحد بياناً شديد اللهجة لأردوغان لإدانة أفعاله وإدانة الخطاب الأخير الذي ألقاه فى الأممالمتحدة للتطاول على مصر، مشيراً إلى أنه من الواضح أن أردوغان لا يحمل لمصر سوى المشاعر السلبية وتشعر أن لديه ثأرًا شخصيًّا مع المصريين، فيومياً يشتم الرجل مصر والمصريين، وهو ما يجعل مثل تلك الوساطات التى يتحدثون عنها غير مجدية بل على مصر أن تتخذ موقفاً حازماً من العلاقات مع تركيا، التى تلعب دورًا عن طريق ذلك الرجل وتستضيف قنوات إعلامية كل ما تهدف إليه الإساءة إلى مصر، وتستضيف الإرهابيين الهاربين من مصر، وتمولهم وتسلحهم وتوفر لهم الحماية. وأَضاف "سليمان" أن على مصر ألا تشغل نفسها بشكل كبير بحرب الشتائم، بل عليها أن تتحدث وتفضح دور أردوغان الداعم للإرهاب في سوريا وليبيا، وحتى إنه الوحيد الذي تفاوض بنجاح مع داعش وأخرج 45 تركيًّا مختطفين دون أي مقابل، وهو ما يوضح مدى العلاقات القوية بينه وبين الإرهابيين، مشيراً إلى أن دور الإعلاميين المصريين الذين تفرغوا لشتيمة النشطاء السياسيين والشخصيات العامة أن يكفوا عن ذلك ولا يخونوا أحداً أو يتهموه الاتهامات جزافاً، بل يكرسون جهودهم ضد أردوغان مثلاً الذي ينال من مصر يومياً بينما هم كل ما يشغلهم أن ينعتوا شخصًا مثل أحمد دومة بالعميل دون أدنى دليل. وقال عاطف مغاوري نائب رئيس حزب التجمع إن أردوغان لم يكتفِ بما قاله عن مصر فى الأممالمتحدة وما زال يهرطق، وبالتأكيد مصر نفسها ليست راغبة فى أن تكون هناك حالة استعداء أو تنازع مع أحد، لكن من الواضح أن الموقف الذي يتبناه هذا الرجل هو التحرك بمفهوم الخلافة العثمانية بشكل أكثر عصرية، وهو قال عن نفسه سابقاً "أنا حفيد السلاطيين العثمانيين"؛ لذلك أعتقد أن هذا المفهوم حاضر فى ذهنه فى تحركاته ويحاول اكتساب ورقة ضغط به على الغرب الذي ما زال لا يريد أن يقبل عضوية تركيا فى الاتحاد الأوروبي؛ لذلك فالرجل يتجه شرقاً ويجتذب الإسلاميين ليكون ورقة ضغط مرتدياً رداء الإسلام. وأضاف مغاوري أن جميع الشواهد تؤكد بشكل أو بآخر أن تركيا شاركت فى صناعة وتدريب وتمويل داعش والمجموعات الإرهابية المنتشرة فى سوريا والعراق وكل المنطقة، فالحدود التركية كانت بوابة للإرهابيين لدخول سوريا، وموقف أردوغان اختلف من مصر عقب 30 يونيو وهو ما يبرز الازدواجية العمياء التى يتبعها فهو زار مصر فى 2011 واستقبلته جماعة الإخوان المسلمين فى المطار هاتفين "الخلافة يا أردوغان" ثم تحدث عن العلمانية وضرورة تطبيقها فى مصر وقال: أنا مسلم وأحكم دولة علمانية، وهو ما جعل الإخوان فى نفس اليوم يسبونه وعلى لسان أحد قادتهم وهو عصام العريان ويدعونه إلى عدم التدخل فى الشئون الداخلية المصرية، وعندما أراد الشعب المصري أن يحافظ على هويته ورفض الإخوان وحكمهم انقلب الرجل على نفسه وعلى أفكاره ودعم الإخوان المسلمين وما زال يدعم ويؤوي الهاربين منهم. وأنهى "مغاوي" كلامه قائلاً "لذا أرى أن الأمر ليس خلافاً فى وجهات النظر بين أردوغان والسيسي، ولكن الرجل تجاوز كل الأعراف الدولية المعمول بها وتدخل بشكل سافر فى الشأن الداخلي المصري، وحتى فى الأممالمتحدة وجه الاتهامات لرؤساء الدول بأنهم متواطئون مع مصر، وفي الحقيقة ما يحدث أصنفه ك "جليطة تركية" و"قلة أدب" وتجاوزًا لكافة الأعراف الدولية، وإذا أراد هذا الرجل أن تنضبط علاقته مع مصر مجدداً فعليه الاعتذار والتراجع عن مواقفه، وهو ما لم يحدث". فيما توقع مجدي حمدان القيادي السابق بجبهة الإنقاذ أن تحدث وساطة لتقريب وجهات النظر المصرية التركية وإنهاء الخلافات بين الطرفين، مشيراً إلى أن تلك الوساطة ستكون بتكليف من بعض دول الخليج، ولكنها لن تكون خلال الوقت القريب بسبب ما فعله أردوغان مؤخراً فى الأممالمتحدة والإساءات التى نالت مصر وسلطتها، ومصر لن تقبل أى وساطة فى هذا التوقيت حتى لا تظهر بصورة المتخاذل أمام الشعب. وأكد "حمدان" أن لديه معلومات فعلية أن بعض دول الخليج تتدخل عن طريق رئيس وزراء لبنان للتوسط بين السيسي وأردوغان؛ وذلك لأن رئيس وزراء لبنان تربطه علاقة جيدة بأردوغان، مشيراً إلى أن طلب مصر الوحيد والصريح هو ترحيل تركيا لقيادات الإخوان، وهو ما أتوقع أن ترفضه تركيا ولن تفعله، وقد يتم الإعلان عن ذلك كله في آخر العام الحالي، متوقعاً أن يكمل الضغط على تركيا بعض الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا وذلك باستخدام ورقة ضغط الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي خاصة أن تركيا وأوروبا تختلف رؤاهم تماماً بالنسبة إلى الإسلاميين والمنطقة العربية.