"ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة".. تلك الجملة التي اشتهر بها القائد العربي والزعيم جمال عبد الناصر التى لابد وأن نعيد إحياءها في الوقت الحالي، ومع مرور 14 عام على الانتفاضة الثانية للقدس التي اندلعت في 28 سبتمبر عام 2000، إثر إقدام رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق "أرئيل شارون" على دخول المسجد الأقصى والتجوال في ساحاته، ما أثار غضب واستفزاز المواطنين الفلسطينيين. فقد أثبتت الحقائق أن الكيان الصهيوني محتل مغتصب، أخذ شيئًا ليس يملكه، ومن حق فلسطين استرداد أرضها التى لها كل الحق فيها، ففلسطين أرض عربية حتى الجذور. تعود الأحداث حين اندلعت مواجهات حادة بين المصلين بالمسجد وقوات الاحتلال الإسرائيلى التي رافقت "شارون"، ونتج عن هذه الاشتباكات سقوط 7 شهداء و250 جريحًا، وأصيب 13 جنديًّا إسرائيليًّا من قوات الاحتلال؛ لتصبح تلك الزيارة بداية لاندلاع الانتفاضة. استمرت الانتفاضة الفلسطينية الثانية 5 سنوات حتى توقفت فعليًّا بعد قمة شرم الشيخ التي عقدت للاتفاق على الهدنة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، جمعت هذه القمة بين الرئيس الفلسطينى "عباس محمود أبو مازن" ورئيس الوزراء الأسبق "أرئيل شارون". وتميزت هذه الانتفاضة مقارنة بسابقتها بكثرة المواجهات المسلحة وتصاعد وتيرة الأعمال العسكرية بين المقاومة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي، وصلت خسائر هذه الانتفاضة إلى 4412 شهيدًا فلسطينيًّا و48322 مصابًا، مقابل 334 قتيلاً في الجانب الإسرائيلى و735 من المستوطنين و4500 مصاب. وعن ذلك يقول محمد أبو غدير، أستاذ الإسرائيليات في جامعة الأزهر "عندما اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثانية كانت عسكرية، وتميزت بنقل الحرب إلى الشارع الإسرائيلي، لكن بعد مرور سنوات نرى إسرائيل بما تملك من لوبى صهيونى ووسائل إعلام محترفة، سوقت الأمر للعالم على أنه أعمال إرهابية". وأضاف "أبو غدير" أن كلمة الانتفاضة كلما ترددت في الداخل الإسرائيلي يكون لها تأثير قوي، وهي فى القاموس الإسرائيلي تعني "الرعب"، لما تسفر عنه من خسائر بشرية تمثل أهمية قصوى للصهاينة. وأشار إلى أن هناك احتمالات بنشوب انتفاضة فلسطينية ثالثة، لأسباب ترجع إلى أن السلطة الفلسطينية لديها عجز مالي كبير جدًّا، والمواطن الفلسطينى ليس أمامه سوى العمل فى بناء المستوطنات الإسرائيلية التي تقام على أراضيه، فكما يقول المثل الشعبي المصري "الجوع كافر"، وهو ما سيكون سببًا قويًّا في اندلاع الغضب. ومن جانبه قال الدكتور مختار الحفناوي أستاذ الإسرائيليات في جامعة القاهرة إن الانتفاضة الفلسطنينية الثانية كانت أحد أهم الأسباب التى جعلت الصهاينة يجلسون على طاولة المفاوضات، وأكدت أن المقاومة الفلسطينية ستنتصر، مشيرًا إلى أن إسرائيل تنازلت عن أشياء كثيرة فور اندلاع الانتفاضة الثانية، في محاولة للتهدئة، ثم ما لبث أن رجع الاحتلال عن كل وعوده واتفاقياته. وأكد "الحفناوي" أن ما تقوم به حكومة الاحتلال في الوقت الحالي من تشجيع لاقتحامات المستوطنين وغلاة المتطرفين الإسرائيليين الرسميين وغيرهم لباحات وحرمات المسجد الأقصى وما تخطط له من عمليات تهجير وتطهير عرقي للمواطنين الفلسطينيين البدو في منطقة ينذر بقيام انتفاضة جديدة عن قريب، قد تكون هي الأقوى.