مرت القضية الفلسطينية خلال العقود الماضية بالكثير من المحطات التاريخية التي تركت آثارها على الساحتين الإقليمية والدولية، كانت الانتفاضة الثانية واحدة من أبرز هذه المحطات، حيث اندلعت نهاية شهر سبتمبر 2000م بعد تزايد حالة الغليان داخل الشارع الفلسطيني نتيجة كثرة الانتهاكات الصهيونية واقتحام رئيس وزراء الاحتلال السابق آرئيل شارون، لساحات المسجد الأقصى، فضلا عن الركود والإحباط الذي ساد الجو العام حينها داخل الشارع الفلسطيني وتنصل الاحتلال من تنفيذ بنود اتفاق أوسلو. لقد كانت انتفاضة الأقصى صرخة فلسطينية في وجه الاحتلال أمام أعين العالم، تؤكد أنه لا صوت يعلو فوق الحق وأنه لا سبيل لتحرير الأرض سوى بهذه المقاومة الشعبية التي تجمع كافة فئات المجتمع باختلاف انتماءاتهم السياسية والفكرية، بجانب أنها عكست مدى قوة التلاحم الفلسطيني في وجه الاحتلال الصهيوني. وبررغم مرور عدة سنوات على انتهاء انتفاضة الأقصى بشكل فعلي مطلع فبراير 2005 الماضي، إلا أنها ما زالت حاضرة وبقوة في ذاكرة الشعب الفلسطيني يستلهم منها صرخاته بين الحين والآخر ضد قوى الظلم والاحتلال، آخرها الجولة التي شهدها شهر أغسطس الماضي بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال. ارتبطت الانتفاضة الفلسطينية الثانية بعدة شخصيات ما زالت أسماؤهم محفورة في الذاكرة العربية أمثال الرئيس الراحل ياسر عرفات، والشيخ أحمد ياسين، والطفل محمد الدرة، الذي تسببت عملية استشهاده في إضافة بعد إقليمي ودولي للانتفاضة الفلسطينية الثانية. وفي ظل استمرار الانتهاكات الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني، وتوسع عمليات الاستيطان داخل الضفة الغربية، بالإضافه إلى كثرة الاقتحامات الصهيونية إلى المسجد الأقصى، تتزايد احتمالات اندلاع الانتفاضة الثالثة خلال الفترة القليلة المقبلة. الظروف التي يعيشها الفلسطينيون اليوم تتشابه إلى حد كبير مع الفترة التي سبقت اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، حيث ما زال الاحتلال الصهيوني يتبع سياسات المراوغة والتنصل من الاتفاقيات التي يتم التوصل إليها مع الفلسطينيين، فضلا عن استمرار الانتهاكات التي ينفذها ضد المدنيين، وحالة الجمود السياسي التي وصلت إليها القضية الفلسطينية نتيجة فشل المفاوضات مع الاحتلال، فضلا عن تزايد عدد الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال.