لأكثر من 50 يومًا، استطاعت المقاومة الفلسطينية صد عدوان الكيان الصهيوني على قطاع غزة، مؤكدة أنها من تمتلك إعلان الحرب والسلم، لكن العدوان الأخير خلف أكثر من 2140 شهيدًا و11 ألف جريح، غير المنازل والأبراج التي لم تسلم من الهدم. لم يسلم الموروث الثقافي من العدوان، تضررت مواقع أثرية عدة، كما هو الحال في موقع «تلة أم عامر» أو دير القديس هيلاريون في النصيرات، المسجل على اللائحة التمهيدية للتراث العالمي، التي تمثل بقايا دير يعود للحضارة البيزنطية، ويرجع للقرن السادس الميلادي، يضم كنيستين ومدافن وقاعة المعمودية وغيرها للاستقبال وغرف للطعام وصهاريج وأفران طينية، وقنوات توصيل وصرف المياه، بالإضافة إلى لوحات فسيفسائية ومخطوطات إغريقية مزخرفة برسوم هندسية، وتعود قيمته العالية لما حاضره من ازدهار في مراكز التعبد والرهبانية في فلسطين خلال الفترة البيزنطية، فكان مركزًا للتبشير وانتشار المسيحية في أوروبا؛ لوقوعه على ملتقى الطرق بين مصر وفلسطين وسوريا وبلاد ما بين النهرين والتي تربط إفريقيا وآسيا. أفادت التقارير أن جدران المرافق الخاصة بالدير تصدعت بشكل كبير، خاصة الكنيسة، إضافة إلى حدوث انهيارات في منطقة الحمامات الرومانية؛ نتيجة القصف المتواصل في المناطق المحاذية للموقع بالقذائف، والتي كان ينتج عنها ارتجاجات هائلة، وفي حال لم يكن هناك تدخل سريع وعاجل، وخطة لإنقاذ الموقع فإنه سيتعرض للتدمير النهائي، لذا سلم المسئولون الفلسطينيون تقارير ترصد الأضرار لمنظمة اليونسكو ولجنة التراث العالمي، في انتظار التحرك نحو إنقاذها. قبل أن تصيبه غارات الاحتلال مؤخرًا، سعى الصهاينة إلى سرقته أكثر من مرات، حتى نجحوا في نقل بعض محتوياته إلى داخل الأراضي المحتلة، بحسب شهادة السكان الموجودين بالقرب من الدير خلال فترة احتلاله. وزارة السياحة والآثار تدعو الآن المؤسسات الأكاديمية والمنظمات الفلسطينية العاملة في حقل التراث الثقافي بالمجتمع الدولي، خاصةً منظمة اليونسكو، بإدانة العدوان المتعمد ضد المدنيين وتراثهم الثقافي، في انتهاك صريح للقانون الدولي، واعتبار ذلك جرائم حرب ضد الإنسانية.