ربما لا يعرف كثيرون أن فى قطاع غزة مناطق أثرية عديدة تضم ثروة هائلة من الآثار التاريخية تمتد لقرون مضت، فقد طغت أخبار الاعتداءات المتتالية من إسرائيل على القطاع بخلاف الحصار المفروض وصراع الفصائل على قطاعات مهمة فى غزة ومنها السياحة والأثار، وحسب مسئول حكومي فان غزة تمتلك كنزًا كبيرًا من الآثار التاريخية، ولولا الحصار المفروض لجذبت تلك المناطق أعدادًا هائلة من السياح لزيارة هذه المناطق الزائر لهذه المناطق وعددها 22 منطقة أثرية موزعة على مدن مختلفة بقطاع غزة يكتشف روعة هذه الآثار التى تحكي جانبًا مهما من التاريخ، إلا أن غياب الخبرة في الترميم والرعاية بدا واضحًا عليها وتحمل وزارة السياحة فى غزة الحصار المفروض إضافة إلى منظمة اليونسكو المسئولية فى ذلك لتجاهل المؤسسة الدولية النداءات المتكررة لحماية الآثار التاريخية فى غزة. وقال الدكتور محمد خلة، مدير عام وزارة السياحة والآثار فى غزة، فى مقابلة مع مراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط فى غزة، إن قطاع غزة يضم عددًا كبيرًا من المواقع والأبنية الأثرية تعود إلى فترات مختلفة منذ العصر الكنعاني حتى العصر العثماني من أشهرها " قصر الباشا" الواقع في البلدة القديمة بمدينة غزة. ويضيف الدكتور خلة أن أبنية هذا القصر تعود للفترة المملوكية وكان مقرًا لنائب غزة في العصرين المملوكي والعثماني، أما أثناء الانتداب البريطاني فكان مركزًا للشرطة، وقد أقام نابليون فيه ثلاث ليال، أثناء عودته بعد هزيمته في عكا سنة 1799 مضيفا أنه يحظى بإقبال واسع من الزائرين للمناطق الأثرية. وقال إن هناك إقبالا من سكان غزة على زيارة المناطق الأثرية، مضيفًا أن عدد الزائرين بلغ خلال 2010 نحو 25 الف زائر وبلغ خلال الستة أشهر الماضية من العام الحالي، 18 ألف زائر. جدير بالذكر أن عدد سكان غزة يبلغ 1.7 مليون نسمة. ونبه الدكتور محمد خله مدير عام وزارة السياحة والآثار فى غزة إلى أن زيارة هذه المناطق مجانية لتعريف أهل غزة بتاريخهم ، إلا أنه ذكر أن هناك مشروعا يحرى الإعداد له حاليا لتحديد رسوم رمزية لدخول هذه المناطق للمساهمة فى إيرادات الدولة لأن وزارة السياحة والآثار ليس لها أي موارد حاليًا. وأضاف أن من المناطق الأخرى مقام الخضر الذي يقع في وسط مدينة دير البلح وكان عبارة عن مسجد وفيه محراب، يحتوي على ثلاث قباب وساحة، ومن تحته المزار، ينزل إليه بعشر درجات، وفيه قبرا صغيرًا من الغرب إلى الشرق، قيل أنه لأحد الأساقفة اليونان، وهناك بلاطة عليها كتابة باللغة اليونانية، وبأرضه بلاطة أخرى عليها أثر صليب، وسمي بمقام الخضر. وحول عمليات ترميم الآثار التى تتعرض لانهيارات بفعل عوامل الزمن قال إن الوزارة لديها بعض الخبراء فى الترميم لكن خبرتهم بسيطة مقارنة مع الأهمية التاريخية لهذها لمناطق، مطالبًا منظمة اليونسكو بالقيام بدورها فى ترميم هذه المناطق والاهتمام بها لأن هذه المواقع تحتوى على أجزاء من تاريخ البشرية. وأضاف يحب على منظمة اليونسكو العالمية أن تتعامل مع قطاع غزة بمنطلق ثقافى ولاتتعامل مع غزة كحكومة فقط. وتابع مدير عام وزارة السياحة والآثار فى غزة أن الحصار المفروض على غزة حال دون عقد دورات تدريبية لزيادة مهارات المتخصصين في ترميم الآثار من غزة وذلك بالتعاون مع دول عربية متفوقة فى هذا المجال مثل مصر والأردن بخلاف غياب بعثات التنقيب عن الآثار. وبالنسبة لعمليات التنقيب عن الآثار في غزة قال إنها مستمرة ويقوم بها خبراء من غزة واحدث الاكتشفات كانت منذ أيام قليلة فى منطقة تل رفح وكانت عبارة عن بنيان يعود إلى العهد الرومانى فيما يشير إلى أن مقدمة للكشف عن قصر كبير فى هذه المنطقة. وأضاف أن وزارة السياحة والآثار وضعت مع بلدية غزة خطة للمحافظة على البيوت الأثرية المتواجدة في مختلف أحياء مدينة غزة القديمة، مضيفًا أن الوزارة تسعى مع مختلف الجهات المعنية لوضع تصور لمنع اندثار تلك البيوت الأثرية، وقال إنها تدرس تحويل بعض البيوت الأثرية إلى متاحف ومراكز ثقافية تكون هدفا لزيادة الوعي التاريخي والحضاري عند المواطن الفلسطيني. وناشد الدكتور محمد خله مدير عام وزارة السياحة والاثار فى غزة المؤسسات الدولية المتخصصة انتقوم بدوره فى حماية المناطق الاثرية فى قطاع غزة. ومن جانبه كشف الدكتور معين الصادق استاذ الاثار الفلسطينى لوكالة انباء الشرق الاوسط عن ان الاحتلال الاسرائيلي سرق الاف القطع الاثرية النادرة وقت احتلاله لغزة مضيفا انه شارك فى مفاوضات فلسطينية مع اسرائيل لاسترجاع هذه الاثار المعروضه حاليا فى متحف اسرائيلي بالقدس وأشار إلى أن من بين هذه الآثار المسروقة عدة توابيت نادرة تعود إلى قرون مضت وسرقت من منطقة فى دير البلح وكشف عنها خبراء فى التنقيب من اسرائيل. وانتقد الصادق تراجع دور اليونسكو فى رعاية الآثار فى غزة فى الوقت الذى تولى فيه اهتمامًا بالمناطق الأثرية فى الضفة الغربية وقال إنه تم مخاطبتها أكثر من مرة إلا أنها لم تبد رغبة فى التعاون معنا. ومن المناطق الأخرى دير القديس هيلاريون والذي يعد أهم الأديرة الأثرية في فلسطين، وهو عبارة عن تلة أثرية عثر فيها على أرضية فسيفسائية " أثناء تسوية الرمال"، تعود إلى العصر البيزنطي وفي هذا الموقع تكوينات معمارية خاصة بكنيسة ذات نظام البازيليكي ذو الثلاثة أروق، تحتوي على أرضيات فسيفسائية جميلة. ومن المناطق الأثرية الرائعة أيضا فى غزة "الكنيسة البيزنطية" في جباليا،التي تعد من أهم الكنائس في بلاد الشام وتعود للفترة الزمنية 408م وتشتمل على عناصر معمارية متكاملة، وتحتوي على أرضيات فسيفسائية ملونة تصور الحياة الطبيعية في مدينة غزة.