جابر عصفور: أزمة المرأة المصرية أنها تأدلجت وأصبحت عدوة نفسها وحقوقها حلمي نمنم: هيئات ومؤسسات وزارة الثقافة يجب أن تكون البوابة لخلق وعي مستنير بحقوق النساء أحمد مجاهد: مشكلة المرأة في الأصل ثقافية.. فهي التي تربي الأطفال على الفكر الذكوري مرفت التلاوي: الهدف من البروتوكول تنفيذ مواد الدستور واستعادة تنوير قاسم أمين في تحرير المرأة الأم مدرسة إذا أعددتها *** أعددت شعبًا طيب الأعراق عندما قالها الشاعر الكبير حافظ إبراهيم، لم تكن مجرد كلمات تراصت بجوار بعضها لترسم صورة شعرية بديعة مليئة بالمحسنات البديعية، ولكنها كانت تنم عن وعي الشاعر بدور الوعي والثقافة على المرأة، وأهمية تسلحيها بكافة الأدوات المعرفية والفكرية؛ لأنها مسئولة عن تربية أجيال عديدة، فالمرأة المصرية والعربية هي الشخص المسئول عن تربية الأبناء ورعايتهم ، ومن ثم لتكون هذه التربية قادرة على خلق مواطنين صالحين يتمتعون بثقافة قبول الآخر واحترامه، وصولاً لاحترام حقوق النساء كمواطنة من الدرجة الأولى، وليست شخصية ثانوية في المجتمع. وكان يجب أن يحدث هذا المزج بين وزارة الثقافة والمجلس القومي للمرأة في توقيع بروتوكول تعاون في إطار تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة. يقول الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة إن البروتوكول الذي تم توقيعه مع المجلس القومي للمرأة في إطار تدشين الاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة ينبع من عدة ظروف وتحديات تواجه المرأة المصرية والعربية على حد سواء، موضحًا أنه أصبح هناك خطر جديد يهدد الطفل والرجل العربي بشكل عام وهو خطر الإرهاب الديني الذي يفرض نفسه على جميع الشعوب، ويحصد من بينهم الشهداء. وأضاف عصفور أن الخطر والغدر ليسا بعيدين عن الأرض المصرية، بل إنه يشعر بالفزع المريع عندما يستمع إلى قرارات داعش "تنظيم الدولة الإسلامية في العراق" عندما فرضوا إعادة ختان الإناث منذ 6 سنوات إلى 50 عامًا، مشيرًا إلى أن نفس المصير كان قد تلقته الدولة المصرية لولا كسر شوكة الدولة الدينية والسير في اتجاه بناء الدولة الديمقراطية الحديثة المدنية. وأوضح أن توقيع بروتوكول واتفاقية تفاهم مع المجلس القومي للمرأة يستهدف العمل المشترك نحو إيقاظ وإشاعة قيم التنوير التي تطالب بحرية المرأة وإعادة الاعتبار الإنساني لها وتحقيق أمانيها كمواطن له نفس الحقوق التي كلفها الدستور وألزم الدولة بها، من نشر قيم المساواة بين جميع المواطنين والمواطنات. وأعرب وزير الثقافة عن أن جزءًا كبيرًا من أزمة المرأة العربية عامة والمصرية خاصة يعود إلى بعض النساء اللائي تأدلجت وأصبحت عدوة نفسها، سواء بسبب التعليم أو لثقافات مغلوطة، ومن ثم المهمة لا تقتصر على تنوير عقول الرجال فحسب، ولكن المرأة التي أصبحت تعادي حقوقها بعد أن تم أدلجة عقلها بفعل الإعلام والأفكار الرجعية. وأكد أن البروتوكول سوف يتم تنفيذه من خلال فتح جميع قصور الثقافة التابعة للوزارة في كل المحافظات لممثلات المجلس القومي للمرأة؛ ليخاطبن من خلالها المرأة المصرية في النجوع والقرى والأقاليم ويوعينهن بحقوقهن، ومطالبة المركز القومي للسينما بإعداد أفلام عن قضايا المرأة وحقوقها، خصوصًا فيما يتصل بقضية التمييز، فضلاً عن التخطيط؛ لتضع جميع الهيئات والمؤسسات الثقافية التابعة للوزارة في جدول أعمالها مناقشة قضايا النساء وأولوياتهن، بالإضافة إلى تدشين منتدى للمرأة العربية ينتج عنه عدة فعاليات كمهرجان لسينما المرأة ومهرجان للمسرح النسوي والكتابة والأدب النسوي. وأكد الدكتور أحمد مجاهد رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب أن مشكلة المرأة المصرية هي مسألة ثقافية في المقام الأول، ومن ثم بروتوكول التعاون أو مذكرة التفاهم بين المجلس القومي للمرأة والمجلس الأعلى للثقافة تصب في الاتجاه الصحيح نحو توعية ثقافية حقيقية للمرأة بحقوقها، لأنه من الأسف الشديد أن الذي يظلم المرأة هي المرأة نفسها، فهي التي تربي الأطفال على الفكر الذكوري، على حد قوله. وأضاف مجاهد أن الثقافة هي الأساس في التوعية وتغيير هذه المفاهيم النمطية التي تعتنقها كثير من النساء المصريات، لذا قضية المرأة ليست جنسية أو نوعية بل ثقافية بالأساس، بالإضافة إلى دور الإعلام؛ لأن 40% من المواطنين يتلقون معلوماتهم وثقافتهم من التليفزيون والفضائيات. وبسؤاله عن دور الخطاب الديني في مكافحة العنف ضد المرأة، في ظل استمرار الفتاوى المعادية لحقوق المرأة، قال مجاهد إنه في كل العصور يوجد فكر متطرف، سواء يميني أو يساري، وتطرف الفكر يلغي الحوار وقبول الآخر، ومن ثم العمل على تقريب المساحات المشتركة وفتح المجال للحوار دائمًا الحل، وليس النفور والابتعاد بين الأطراف. ومن جانبه قال حلمي النمنم رئيس دار الوثائق المصرية إن العنف ضد المرأة سيظل موجودًا إذا لم تتخذ خطوات فعالة لمواجهته والقضاء عليه، وهذا لن يتم بالقوانين والعقوبات، بل بتنمية العقول وتوعية المواطن، فبناء الشخصية المصرية هو الأصل من خلال كافة مؤسسات وزارة الثقافة وهيئاتها التي تبدأ بقصور الثقافة في القرى والنجوع والتي تبث أفكارًا توعوية عن دور المرأة وأنها مواطن له نفس الحقوق والواجبات، بالإضافة إلى دور التعليم والمدارس واستهداف النشء بشكل مباشر؛ لأنهم البذرة التي نبني عليها كل الطموحات المستقبلية ومواجهة كافة التحديات من أفكار متطرفة مجافية لروح العصر والدين. فيما قالت السفيرة مرفت التلاوي رئيس المجلس القومي للمرأة إن البروتوكول يستهدف تعزيز التعاون بين الجانبين في مجال حماية المرأة والتأكيد على احترام حقوقها التي كفلها الدستور المصري، مشيرة إلى أن البلاد تعرضت لمخطط يستهدف الدولة عن طريق شعبها من خلال استخدام الدين كغطاء لذلك، وكان الهدف من ذلك هو محو الشخصية المصرية إبان فترة حكم الرئيس مرسي. وطالبت التلاوي رئيس المجلس بضرورة زرع مبادئ الدولة المدنية والأفكار المدنية الحديثة التي تدعم حقوق المرأة والمساواة وتربية الأبناء على مبادئ محمد عبده وقاسم أمين وعلي مبارك ورفاعة الطهطاوي. وأضافت التلاوي أن البروتوكول مع وزارة الثقافة يستهدف إعادة بناء الشخصية المصرية عبر التنوير وبناء نهضة فكرية وثقافية تقوم بتصحيح الأفكار المغلوطة، مشيرة إلى أن النهوض بالمرأة المصرية وتثقيفها وتوعيتها هي الضمانة لوقف إنتاج أجيال تحمل أفكارًا متطرفة ترث الجهل والرجعية من أمهات غير متعلمات يكُنَّ فريسة للاصطياد من أصحاب الأيدولوجيات المتعصبة الهدامة. وأوضحت التلاوي أن البروتوكول يحتوي على عدة بنود تتضمن تمثيل وزارة الثقافة باللجنة التيسيرية العليا للاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة والتي يمثل فيها جميع الوزارات والجهات المعنية لحماية المرأة من العنف، بالإضافة إلى مراجعة القوانين والقرارات الإدارية لما يكفل تطبيق الاستراتيجية الوطنية إعمالاً بمواد دستور 2014، خاصة المواد 11 و59 و60 وكافة المواد التي ألزمت الدولة بحقوق النساء، فضلاً عن تبادل الإحصائيات والبيانات مع وزارة الثقافة لما يكفل الاستفادة منها في إعداد الاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة.