شهدت فترة حكم الرئيس المخلوع حسنى مبارك عشرات الكوارث فى قطاع النقل والمواصلات، تجاوز عددها المئات، كان أبرزها حادثتا "قطار الصعيد" و"عبارة السلام"، واللتان انتهتا بالحكم بالبراءة. حادثتان مفجعتان والنتيجة البراءة: فى الحادثة الأولى (قطار الصعيد) تم الحكم فى 29 سبتمبر 2002 برئاسة المستشار سعد عبد الواحد رئيس محكمة جنايات الجيزة ببراءة المتهمين وعددهم 11، بعدما راح ضحيتها أكثر من 1000 قتيل أغلبهم كانوا عائدين من العمل بالسعودية. أما الثانية (عبارة السلام) فتم تداول القضية على مدى 21 جلسة طوال عامين. وفي يوم الأحد الموافق 27 يوليو 2008 حكمت محكمة جنح سفاجا برئاسة المستشار أحمد رفعت النجار ببراءة جميع المتهمين فى قضية العبارة في جلسة استغرقت 15 دقيقة فقط، تم تبرئة جميع المتهمين وعلى رأسهم ممدوح إسماعيل مالك العبارة ونجله عمرو الهاربان بلندن وثلاثة آخرون. وعلى الرغم من أن الحادثتين أصابتا المجتمع المصرى بحالة من الحزن والألم، ولقيتا تجاوبًا من الرأى العام وكانتا فى مصاف اهتماماته، إلا أن جلسات محاكمة المتهمين لم تشهد قيام أحد رؤساء المحكمتين بالبكاء، سواء تعاطفًا مع أهالى المقتولين وهو الأمر الذى يمكن أن يُفهم، أو حتى تعاطفا مع المتهمين وهو الأمر الذى يفسر بأنه طبيعى. مشهد درامى: وفى مشهد درامى بكى المستشار محمود الرشيدي، قاضي "محاكمة القرن" والمتهم فيها الرئيس المخلوع حسنى مبارك ووزير داخليته حبيب العادلى وعدد من كبار مساعديه. وحاول قاضي القرن إخفاء دموعه عن طريق مسح وجهه بالمنديل وقام بخلع نظارته بسبب مرافعة اللواء عدلي فايد، مساعد وزير الداخلية الأسبق لقطاع الأمن العام. جاء بكاء المستشار الرشيدى فى ختام المرافعة، وكان بعد أن قال اللواء عدلى فايد دفاعاً عن نفسه: "والله العظيم والله العظيم لم أتلقَّ أي تعليمات أو تلميحات لقتل المتظاهرين أو التصدي لهم بالعنف.. سيدي القاضي اقضِ بما أنت قاضٍ وأنا يا سيدي وزملائي في قفص الاتهام على يقين بأنكم لستم قضاة أوراق فحسب، وأنتم قضاة بشر". ومن المعروف أن المتهمين يواجهون تهم قتل المتظاهرين أثناء ثورة 25 يناير، ويصل عددهم إلى 1047 قتيلاً وفقًا لمبادرة "ويكى ثورة" الحقوقية. تنحى المحكمة: يقول الدكتور مصطفى السعداوى، أستاذ القانون الجنائى "عندما يبكى القاضى فإن ذلك يعنى أنه يميل لأى من الخصمين وهو الأمر الذى يفقد الحياد والهيبة". وأضاف السعدواى فى حديثه ل "البديل": "كنت أعتقد أنه بعد بكاء قاضى القرن أن تتنحى هيئة المحكمة عن نظر القضية، أو حتى يطالب المدعوون بالحق المدنى برد هيئة المحكمة وهو الأمر الذى لم يحدث". وأوضح أن بكاء المحكمة يفتح الطريق أمام القيل والقال، ويطرح تساؤلاً: هل المحكمة ترى أن المتهمين يستحقون هذه الدموع؟ فيما يلفت المحامى الحقوقى طارق العوضى، مدير مركز دعم دولة القانون إلى أن ما حدث أثناء جلسات نظر قضية "محاكمة القرن" هو تهيئة للرأى العام بقبول حكم البراءة الذى سيصدر بحقهم. وانتقد العوضى فى حديثه ل "البديل" هجوم بعض الوسائل الإعلامية على ممثلى النيابة العامة فى القضية، قائلاً "أول مرة أشوف إعلام بيعلق على مرافعة النيابة العامة". وأكد العوضى أنه كان من الضرورى أن تتنحى هيئة المحكمة عن نظر القضية ليس لهذا السبب وحده لكنها لشراء إحدى القنوات الفضائية الخاصة بث المحاكمة وليس التليفزيون الرسمى للدولة. ببساطة العدالة تقتضي أن يكون القاضي محايدًا: وفى السياق ذاته علق نجاد البرعى، رئيس المجموعة المتحدة- محامون ومستشارون قانيون، على حسابه بموقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" بقوله: "لا يجوز للقاضي أن يبدي تعاطفًا مع متهم أو غضبًا على متهم آخر. ببساطة العدالة تقتضي أن يكون القاضي محايدًا.. لو بكى قاض تعاطفًا مع متهم فهذا يوحي بأنه قد حكم له".