لم تفلت دراما رمضان هذا العام من الوقوع في كم هائل من التجاوزات الأخلاقية في بعض المسلسلات الاجتماعية،بما لا يتناسب وطبيعة الشهر، بجانب الأخطاء اللافتة في عدد من المسلسلات التي أعتمدت علي التاريخ كمصدر لأحداثها،وقبل أيام من نهاية الشهر الكريم،تودع شاشات التلفازالمصرية والعربية الحلقات الأخيرة لعدد ضخم من الأعمال التي تسابقت من أجل الحصول علي نسب متفاوتة من المشاهدة ،ودقائق من حصيلة الاعلانات الي تتدفق علي القنوات التليفزيونية بحسب ما تحققه بعض المسلسلات من صدي ورواج خلال حلقاتها الأولي ،بعيدا عن أعمال نجوم الصف الأول الذين تتعامل معهم شركات الإعلان "معاملة خاصة" بما يتناسب وحجم شعبيتهم التي لا تتأثر كثيرا أمام ضعف مستوي ما يقدمونه في كثير من الأحيان.. النقاد،يرون أن دراما رمضان هذا العام هي "الأسوأ" علي الإطلاق،رغم استثناء بعض الأعمال التي يرونها مبشرة بجيل جديد من صناع الدراما المصرية،في مقدمتها "الوصايا السبع"،و"سجن النسا"،و"الصياد"،إضافة إلي " دهشة " للنجم يحي الفخراني، رغم اعتماد صناعه علي تقديم معالجة مصرية كتبها عبد الرحيم كمال عن نص "الملك لير" للإنجليزي وليم شكسبير، و"ابن حلال" للنجم الشاب محمد رمضان ،الذي تمكن من الحصول علي شعبية جمهور البسطاء في عمل تردد أنه يحاكي واقعة مقتل ابنة ليلي غفران،رغم نفي مؤلف المسلسل المتكرر حسان دهشان لهذا الأمر،مؤكدا ابتعاد قصة مسلسله تماما عن هذه الواقعة،ويحسبه البعض نوعا من الترويج الخفي للمسلسل. اللافت في ردود الأفعال التي خلفتها دراما رمضان هذا العام ،هو اعتراض بعض أصحاب المهن علي طريقة تناولهم في بعض الأعمال ،وتهديدهم برفع دعاوي قضائية علي بعض المسلسلات التي يرون إنها أساءت إليهم، بحسب واقعة اعتراض سجنات القناطر الخيرية علي طريقة التعرض لهن في مسلسل "سجن النسا"، وكذلك اعتراض الأطباء علي مسلسل "دكتور نسا" لمصطفي شعبان،وبعض الصحفيين علي طريقة تناول شخصياتهم في بعض الأعمال،وهو ما دفع كتاب هذه الأعمال بالرد علي المتحفظين علي طريقة تناولهم في مسلسلاتهم،بأن الفن ليس مطالبا بنقل نسخة كروبونية من الواقع،وللدراما طبيعتها الخاصة،خاصة أن الأحداث ليست واقعية بقدر كونها متخيلة ! علي النقيض لم يتمكن الكتاب ،الذين تناولت أعمالهم أحداثا تاريخية، من الإفلات من حدة الهجوم علي أعمالهم،وهو ما حدث مع "سرايا عابدين" للكاتبة الكويتية هبة مشاري،والذي يتناول حياة الخديو إسماعيل ،ويخلط بين ما هو شخصي وعام في حياته،إلا أن أساتذة التاريخ رصدو في أحداثه وقائع تزيف التاريخ،وأخطاء فادحة في كثير من الأحداث الهامة التي يوثقها التاريخ ،إضافة إلي تجاوزات في حق الخديو نفسه فيما يتعلق بحياته الشخصية وهو ما دفع عدد من أفراد أسرته لإعلان التحفظ علي العمل والمكالبة بوقف عرضه . نفس الحال في مسلسل"صديق العمر" للكاتب الراحل ممدوح الليثي،والذي يتعرض خلاله لطبيعة العلاقة بين الرئيس الراحل جمال عبد الناصر،والمشير عبد الحكيم عامر،وكان التحفظ الأهم هنا علي فشل الممثل السوري جمال سليمان في أداء شخصية عبد الناصر وسيطرة لهجته السورية علي أدائه بما أفسد الشخصية. اللافت في المسلسلين "سرايا عابدين" و"صديق العمر" هو استعانة صناعهما بأثنين من الممثلين السوريين لأداء شخصيتين مصريتين هما قصي الخولي في شخصة الخديو اسماعيل،وسليمان لأداء عبد الناصر،وهو ما ضاعف حدة الهجوم علي العملين. أخطاء التاريخ وتزييفه في دراما رمضان ،ليست بالأزمة الوحيدة التي برزت هذا العام،أساتذة الاجتماع وعلم النفس والسلوك،كان لهم عدة ملاحظات هامة علي محتوي مسلسلات هذا العام،وما تقدمه من ألفاظ خارجة،ومشاهد عري،وأحداث لا تتناسب وطبيعة الشهر،وما تمثله من تهديد علي أخلاق النشء ،والمجتمع بشكل عام،وذكر بعضهم أن سينما السبكي أنتقلت من شاشات السينما للتلفاز،وهو مايمثل خطورة وجب التحذير منها،وأبدي النقاد في ملاحظاتهم علي دراما العام تحفظاتهم علي تداول مفردات لا تتناسب والذوق العام في عدد كبير من الأعمال. وهو ما يدفعنا للتساؤل عن سبب عدم قيام الرقابة علي المصنفات الفنية بدورها في هذا الشأن،وسبب تمريرها لهذه التجاوزات في عدد كبير من الأعمال دون تدخل،خاصة أن جميع المسلسلات التي تنتج من خلال شركات خاصة تخضع للرقابة للتمكن من الحصول علي عرضها علي شاشات القنوات الخاصة . كثرة عدد المسلسلات هذا العام ، كان سببا في ضعف نسب الاقبال والمشاهدة علي معظمها،وهو ما أدي إلي خروج أعمال جيدة من حلبة المنافسة،إضافة إلي تراجع أعمال كبار النجوم وعدم تصدرها للمشهد رغم ضخامة الانتاج ،من هذه الأعمال "صاحب السعادة" لعادل إمام،و"السيدة الأولي" لغادة عبد الرازق،و"كلام علي ورق"لهيفاء وهبي،و"الاكسلانس" لأحمد عز،و"تفاحة آدم" لخالد الصاوي،"وشارع عبد العزيز"لعمرو سعد ،وغيرها. اللافت هذا العام أيضا تراجع سيطرة أعمال "السيت كوم" التي كان لها التواجد الأكبر والأكثر تأثيرا خلال السنوات الأخيرة،ولا تشهد الشاشات هذا العام سوي تقديم أثنين أوثلاثة أعمال ينتمون إلي هذا النوع من الدراما الكوميدية القصيرة،إضافة إلي عدم تحقيق المسلسلات الكوميدية هذا العام لنسب المشاهدة المتوقعة بحسب ما تحققه سنويا من رواج،وكان أبرزها "فيفا أطاطا" لمحمد سعد. في سياق متصل أبدي بعض النقاد تحفظهم علي تصريحات خاصة ببعض كتاب المسلسلات بشأن مصادر كتاباتهم ،خاصة مريم نعوم ،التي كتبت مسلسلها عن نص مسرحي للراحلة فتحية العسال،وقالت نعوم "إنها لم تعتمد كثيرا علي نص العسال فيما كتبته في المسلسل،وإنها لم تأخذ من العمل سوي الاسم والمكان،وقامت بتأليف الأحداث كاملة ،هذه التصريحات أثارت حفيظة البعض وأعتبرتها تقليلا من شأن فتحية العسال التي رحلت قبل أيام من عرض المسلسل،ولكن نعوم أصرت علي موقفها وطالبت المعترضين بالعودة لنص العسال المسرحي ومقارنته بما كتبته في المسلسل،مؤكدة إن إتفاقها مه شركة الإنتاج منحها صلاحية كاملة في التعامل مع العمل . دراما رمضان هذا العام لم تخل من تناول ضباط الداخلية في كثير من الأعمال ،وكذلك تناول فترات من حكم الإخوان لمصر خلال العام السابق،وبعض مشاهد من حالات الفوضي التي يعاني منها الشارع المصري،وكذلك إعادة صياغة قضايا شهيرة مجتمعنا من خلال بعض الأعمال،وهو أمر متكرر كل عام . ورغم كل هذا الكم الهائل من الأعمال المعروضة، ومع تعدد الممثلين المشاركين،كعادته يشهد الشهر تقديم عدد من الوجوه الشابة الموهوبة ،التي تمكنت من إثبات وجودها من خلال أدوار مميزة في عدد من المسلسلات منها وليد فواز في "السبع وصايا"،وحمزة العيلي في "ابن حلال" و محمود حافظ في "السبع وصايا"،و ريهام حجاج في "سجن النسا" ،وغيرهم من الطاقات التي تبشر بجيل جديد من الممثلين الشبان. النقاد أجمعوا وللمرة الأولي علي تفرد نيللي كريم ،كأفضل أداء تمثيلي هذا العام عبر دورها اللافت في "سجن النساء" مع المخرجة كاملة أبو ذكري،الذي برزت خلاله أيضا أسماء عدد من الممثلات أصحاب الأداء المميز. ويواصل الكاتب الشاب محمد أمين راضي،وللعام الثاني علي التوالي ،تفرده ككاتب يمتلك عالمه الخاص من خلال مسلسله "السبع وصايا"،الذي تمكن من جذب جمهور مشاهديه الباحث عن دراما مختلفة ،وهو ما تحقق في العمل علي كافة المستويات.ز