ظلت دار الكتب والوثائق القومية ذاكرة مصر التاريخية ومجمع أسرارها، في مأمن لم تمسها أيدي عابثه منذ إنشائها عام 1828، تلك الحالة تبددت طيلة عام حكم جماعة الإخوان، حيث دخلت الدار العتيقة في دائرة الخطر، وبدأت توجه لها سهام الإتلاف والحرق المتعمد من جانب الإخوان الذين أرادوا العبث بالمخطوطات والوثائق القومية والوطنية، خاصة تلك المتعلقة بحدود مصر كدولة، وحدود حلايب وشلاتين، وقناة السويس، وكذلك المتعلقة بتاريخهم الذين أرادوا طمسه، ولم يمضي الكثير حتى ننسى أنه في الفترة التي سبقت ثورة 30 يونيو، ثارت ضجة كبيرة من جانب المثقفين حول المؤامرة التي تحاك للقضاء على ذاكرة مصر، وترددت الكثير من الأخبار حول سرقة الإخوان لبعض الوثائق والمخطوطات وبيعها لقطر، لكن الضجة التي أثيرت، سرعان ما هدأت حدتها بسبب انشغال المثقفين بالاعتصام في وزارة الثقافة وتطورات الأمر الذي وصل حد الثورة. وعندما أصدر الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة قراراً بتعيين الكاتب والمؤرخ حلمي النمنم مشرفاً على دار الكتب والوثائق القومية خلفاً للدكتور عبد الناصر حسن، كنا نتوقع أن يتذكر «النمنم» تلك الجريمة التي ارتكبت في حق الوثائق المصرية ويبدأ على الفور التحقيق فيها، إلا أنه في تصريحاته الصحفية لم يذكر أي شيء عن ذاك الموضوع، رغم أنه كان واحدًا ممن كتبوا وحذروا من العبث بالتاريخ المصري في دار الكتب، ونذكر له مقاله كتبها بجريدة المصري اليوم، تحت عنوان "الخطر يقترب من المخطوطات والوثائق". عن تلك الجريمة التي غفل عنها الكثيرين تحدثنا مع «النمنم» لنتعرف على خطته في انقاذ تاريخنا المهدر واستعادة وثائقنا المسروقه. يقول «النمنم» جئت رئيساً لدار الكتب منذ عدة أيام فقط، وبالطبع التحقيق فيما حدث للوثائق المصرية في عام حكم الإخوان على رأس أولوياتي ولكن هذا الأمر ليس سهلاً كما يعتقد البعض فالهيئة تملك عشرات الملايين من الوثائق والآلاف منها لم يتم فهرستها ووضعها على قاعدة البيانات حتى يمكن إحصائها ولم تؤخذ منها نسخ رقمية، كما أن الوثائق تشتت في الهيئات الحكومية المختلفة مثل الوزارات ومجلس الوزراء، دار المحفوظات العمومية، وفي قصور الرئاسة مثل قصر عابدين وأيضاً في الجهات السيادية مثل رئاسة الجمهورية والمخابرات، ومن ثم ستكون الخطوة الأولى هي جمع وتحصيل تلك الوثائق من كل الجهات التي ذكرتها حتى تكون دار الكتب هي الدار الوحيدة التي تحوي وثائقنا، والشيء الأهم بالنسبة لنا أيضاً هو ترميم مبنى دار الكتب بباب الخلق الذي أصيب إصابات بالغة جراء ما تعرض له من هجمات إرهابية في 23 يناير الماضي". ويضيف: دار الكتب تشمل ثلاث قطاعات، "دار الوثائق، الكتب، والمراكز البحثية المتخصصة" وعلى الرغم من الأهمية القصوى للمراكز المتخصصة إلا أنها معطلة منذ فترة، وتحتاج إلى لجان علمية لتنشيطها وهذا ما سنسعى لتحقيقه في الفترة المقبلة، وتضم دار الوثائق ثلاث قطاعات "المخطوطات، والدوريات، والكتب المطبوعة" المخطوطات سنقوم بتحقيقها، لكن الأهم بالنسبة لنا هو صيانة ورقمنة الدوريات فنحن نمتلك ثروة من الدوريات التي لا توجد في أي مكان في العالم وترقى الى مستوى الوثائق ولكننا نهملها غالباً. وانتقد «النمنم» ما كانت تقوم به دار الكتب من أنشطة ثقافية إذ يقول: كنت أتعجب من تلك الندوات العامة التي تقيمها دار الكتب في تمام الساعة 12 ظهراً، فهذه دار متخصصة ومن ثم عليها أن تقيم ندوات علمية متخصصة أيضاً وهذا ما سنقوم به في الفترة القادمة. كما أكد أن المشروع الثقافي الذي يجب على الدولة المصرية أن تتبناه وتسعى لتحقيقه يتلخص في بناء الدولة المدنية الحديثة، مشيراً إلى أن دور وزارة الثقافة في هذا المشروع يكمن في الاهتمام بقطاع الترجمة، ونشر التراث العقلي والفكري في الحضارة العربية الإسلامية، والاهتمام بتاريخنا وبهويتنا المصرية.