4 مشاهد من افتتاح العام الدراسي الأول بجامعة القاهرة الأهلية    تفاصيل افتتاح رئيس الوزراء عددا من المشروعات بالقنطرة غرب الصناعية.. فيديو    محيي الدين: مراجعة رأس المال المدفوع للبنك الدولي تحتاج توافقاً سياسياً    لشباب الإسماعيلية.. وزارة العمل: فتح التقديم لبرنامج تدريبى فى البناء والتشييد    "القابضة للرى والصرف" تحقق صافى ربح 13 مليون جنيه وتخفض جزءًا من مديونياتها    السيسي: مصر من أوائل الدول العربية التي اعترفت باستقلال سنغافورة    مقتل أربعة أشخاص في هجوم بمسيرات أوكرانية في منطقة سامارا الروسية    الفيتو الأمريكى يسقط الشرعية الأخلاقية للنظام الدولى وغطاء لجرائم الإبادة الإسرائيلية فى غزة.. سياسيون: يكشف ازدواجية المعايير وعجز النظام العالمى عن حماية المدنيين.. ولا بديل عن رؤية مصر لإصلاح مجلس الأمن    ترامب يعلن «إقالة» مدّعٍ فيدرالي لهذا السبب    ذات يوم 20 سبتمبر1970.. عبدالناصر يقطع إجازته المرضية ويطلب من سوريا عدم تدخلها فى الاشتباكات بين الجيش الأردنى والمقاومة الفلسطينية والفريق صادق يتمكن من لقاء ياسر عرفات    نهاية الشوط الأول.. ليفربول يتقدم على إيفرتون بثنائية    فيريرا يضع خطة تعويض غياب بيزيرا عن الزمالك أمام الجونة    انطلاق منافسات بطولة بودابيست للإسكواش بالمجر    الموعد المقترح لانتخابات الأهلي بعد موافقة العمومية على تعديلات اللائحة    بعد سرقة 12 ضحية.. الداخلية تضبط لصوص الدراجات والمنازل    مهرجان الغردقة لسينما الشباب ينظم يوما للسينما الروسية    15 صورة ترصد ختام ووداع ملك وملكة إسبانيا لعاصمة مصر القديمة شرق وغرب الأقصر    شيرين عبد الوهاب تنفى إحياءها حفلين مع فضل شاكر فى سبتمبر وأكتوبر    خطة شاملة لتعزيز الصحة المدرسية مع انطلاق العام الدراسي الجديد    وزير الصحة: انطلاق المرحلة الثانية من مبادرة المستشفيات الصديقة للمرضى 3025    اليوم.. بعثة بيراميدز تغادر إلى جدة لمواجهة الأهلي في كأس الإنتركونتيننتال    فنزويلا تطالب الأمم المتحدة بالتحقيق في تدمير الولايات المتحدة لقوارب في البحر الكاريبي    المؤبد لعامل قتل مسنة وسرق مشغولاتها الذهبية بالقاهرة    "مذبحة نبروه".. أب يقتل أطفاله الثلاثة وزوجته ثم ينتحر على قضبان القطار    إصابة 10 أشخاص إثر حادث انقلاب ميكروباص في الشرقية    نجار يقتل زوجته في كرداسة ويترك أبناءه في مواجهة المجهول    مكتب الإعلام الحكومي: أكثر من 900 ألف شخص صامدون بمدينة غزة وشمالها ويرفضون النزوح    «الصحة» : تخريج الدفعة الأولى من الدبلومات المهنية في البحوث الإكلينيكية    الزراعة: تجديد الاعتماد الدولي للمعمل المرجعي للرقابة البيطرية على الإنتاج الداجني بالشرقية    مي كمال: أنا وأحمد مكي منفصلين منذ فترة ومش هحب بعده    اتفاقية تعاون بين التخطيط القومي وتنمية المشروعات لدعم استراتيجيته وتطوير برامجه    غدا.. 150 معهدا أزهريا تستقبل الطلاب في الوادي الجديد    محافظ أسوان يمنح مهلة أخيرة لأصحاب طلبات التقنين حتى الاثنين المقبل    جامعة القاهرة تعلن تفاصيل الأنشطة الطلابية خلال الأسبوع الأول من الدراسة    «الداخلية»: ضبط 14 طن دقيق «مدعم وحر» في حملات تموينية على الأسواق بالمحافظات    كسوف الشمس 2025 في السماء.. تفاصيل موعد البداية والنهاية ووقت الذروة (الساعة)    تعرف على مواعيد أقساط سداد قيمة المصروفات الدراسية لعام 2026    القنوات الناقلة مباشر لمباراة ريال مدريد ضد إسبانيول في الدوري الإسباني.. والمعلق    موعد مباراة بيراميدز ضد الأهلي السعودي في كأس إنتركونتيننتال 2025    الرئيس السوري: اتفاق مع إسرائيل بوساطة أمريكية قد يوقع خلال أيام    «مفرقش معايا كلام الناس»| كارول سماحة ترد على انتقادات عملها بعد أيام من وفاة زوجها    مهرجان الغردقة ينظم يوما للسينما الروسية.. و«الأميرة الضفدع» فيلم الافتتاح    فقدت كل شيء وكان لازم أكمل المشوار.. أحمد السقا بعد تكريمه في دير جيست    9 محظورات للطلاب بالعام الدراسى الجديد.. تعرف عليها    تجارية بورسعيد: التعاون بين القاهرة والرياض يبحث سبل التكامل الصناعي    جولة تفقدية موسعة لرئيس «الرعاية الصحية» للوقوف على جاهزية مستشفيات ووحدات المنيا    للكشف وإجراء جراحات مجانية.. دفعة جديدة من أطباء الجامعات تصل مستشفى العريش العام    بالحلوى والبالونات.. استقبال مميز لطلاب ابتدائي في كفر الشيخ (صور)    طب الإسكندرية يتصدر نتيجة تنسيق الشهادة اليونانية 2025    موعد صلاة الظهر.. ودعاء عند ختم الصلاة    آسر ياسين على بعد يوم واحد من إنهاء تصوير "إن غاب القط"    «الصحة» تطلق خطة التأمين الطبي الشاملة لتعزيز جودة حياة الطلاب في العام الدراسي 2025/2026    كيف يقضي المسلم ما فاته من الصلاة؟.. أمين الفتوى يوضح خطوات التوبة وأداء الصلوات الفائتة    الدوري الإنجليزي.. موعد مباراة ليفربول وإيفرتون والقناة الناقلة بديربي الميرسيسايد    انطلاق العام الجامعي الجديد.. 3 ملايين طالب يعودون إلى مقاعد الدراسة في الجامعات المصرية    دعاء كسوف الشمس اليوم مكتوب كامل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 20-9-2025 في محافظة قنا    استشارية اجتماعية: الرجل بفطرته الفسيولوجية يميل إلى التعدد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحديث مصر بين اللواء والفيلسوف
نشر في البديل يوم 06 - 07 - 2014

شغل ولم يزل يشغل سؤال التحديث الحيّز المركزي في المشروعات الفلسفية في الفكر العربي المعاصر، وكذلك المشروعات السياسية. وتنوعت أساليب الحل المقترحة، للخروج بمصر من حالة التدهور الحضاري والتبعية السياسية إلى مرحلة الحداثة والاستقلال. وكانت العلاقة بين التراث والغرب، بين الدول العربية والإسلامية والكتلة الشرقية من جانب، والغرب من جانب آخر، لذلك هي الإشكالية الأساسية أمام المفكرين والسياسيين على حد سواء.
وقد تعاصر في فترة دقيقة من حياة مصر المعاصرة اثنان من أهم أصحاب رؤى التحديث، أحدهما عسكري وسياسي هو محمد نجيب (1901-1984)، أول رؤساء مصر، وثانيهما هو عبد الرحمن بدوي (1917-2002)، الفيلسوف الوجودي المصري، أول فلاسفة مصر على حد تعبير طه حسين.
وفي السيرة الذاتية لكل منهما: "كنتُ رئيسًا لمصر" بقلم نجيب، و"سيرة حياتي" لبدوي، تتجلى كثير من نقاط الاشتراك الشخصية، كما تتباعد الرؤى بعد ذلك بخصوص مشروع التحديث الفكري والاجتماعي، فتكشف المقارنة عن التباين بين عقلية السياسي العسكري صاحب التطبيق من جهة، وعقلية السياسي الفيلسوف صاحب النظرية من جهة أخرى.
ومن الطريف أن السيرة الذاتية في الحالتين تبدأ بما يعني "أن ميلادي كان صدفة، كورقة شجر في مهب الريح، وكان يمكن ألا يقع"، وبينما نشأ نجيب في أسرة فقيرة، نشأ بدوي في أسرة ميسورة الحال، تفوق نجيب في دراسة العلوم العسكرية، وتفوق بدوي في دراسة الفلسفة، هاجر نجيب إلى الشمال (من السودان إلى مصر)، وكذلك تم ابتعاث بدوي إلى الشمال (من مصر إلى ألمانيا وإيطاليا لمدة أربعة أشهر)، صار نجيب لواء في الجيش المصري ذا سمعة رفيعة، وأصبح بدوي أستاذًا في جامعة القاهرة ذا احترام أكاديمي بالغ. والتقى خيطا الحياة والمصير في لجنة إعداد دستور 1954، حيث دُعي بدوي ليكون عضوًا بها، بعد أن قام نجيب بخلع الملك وإعلان الجمهورية. ولكن التأميم حجّم ثروة أسرة بدوي الغنية، ولم يتقاض-بحسبه-أية تعويضات حتى عهد مبارك، كما تم ضرب عرض الحائط بآراء بدوي وغيره في لجنة إعداد الدستور فيما بعد، وظل بدوي لهذا ساخطًا حتى وفاته على ثورة يوليو وعلى الضباط الأحرار وعلى ناصر خاصة. بينما سخط نجيب عليهم لأسباب أخرى، وفي النهاية تم اعتقال نجيب وتحديد إقامته حتى عام 1971، بينما رحل بدوي إلى أوروبا والبلاد العربية وإيران للتدريس والبحث، ولم يعد إلا قبيل وفاته بشهور.
وأثناء الحرب العالمية الثانية كان نجيب يرى أن تعاون مصر مع المحور لا يعني إلا احتلالاً جديدًا، بينما اعتبر دخولها الحرب إلى جانب بريطانيا خطوة في طريق الاستقلال السياسي والعسكري، وأن الحرب ستُنهِك القوى الاستعمارية التقليدية: إنجلترا وفرنسا، وهو ما حدث فعلاً. لكن بدوي، على النقيض، وباعتباره قياديًا في حزب مصر الفتاة، رأى ضرورة دعم ألمانيا في حربها ضد إنجلترا، وأن مصير مصر هو التعاون مع الرايخ الثالث، وأن الاستقلال السياسي والعسكري لن يتحقق بمعاداة المحور. وقد استفاد نجيب على حد قوله من خبرات الجستابو الألمان بعد الحرب في بناء المخابرات المصرية، بينما استفاد بدوي من خبرات الفلاسفة الوجوديين الألمان في تأسيس رؤيته الوجودية، ومشروعه للتحديث والنهضة.
كان نجيب مهندس ثورة يوليو وقائدها، أو أحد قادتها على الأقل، وكان بدوي صاحب رؤية شاملة نظرية. رأى نجيب أن التربية العسكرية للنشء-وهو مشروع اعتمده مجلس قيادة الثورة بعد ذلك-هو طريق التحديث، وأن ارتباط الجيش بالسياسة في الدول النامية ضروري، وأن عسكرة المجتمع جزئيًا حاجة لا غنى عنها في تلك المراحل المحورية في مجتمعات العالم الثالث، بينما رأى بدوي أن العقيدة الوطنية المتطرفة والروح الوجودية النازعة للتفوق الحضاري هي مشروع الحداثة، وأن الجيش لا دور له إلا في وقت الحرب، لدرجة الاستشهاد برأي الفيلسوف هيجل الذي رأى إمكانية تسريح الجيوش في غير أوقات الحروب.
رحل نجيب عن الحياة السياسية قسرًا، واختفى إلى أن فوجئ الناس بوفاته، بينما اعترف أنور السادات بعد حرب 1973 أنه ما كان ليحقق هذا الانتصار لولا قراءة كتاب (نيتشه) لبدوي، على حد قول بدوي. لكن عسكرة الحياة السياسية استمرت بعد نجيب، وماتت الوجودية أو كادت من مصر بعد بدوي، ولم تتحدَّث مصر، ولم تتقدم، ولم تنل الاستقلال الحقيقي. انتصر مشروع اللواء برغم فشله، ولم يتحقق مشروع الفيلسوف، لكنه لم ينتهِ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.