تعاني شريحة كبيرة من مواطني محافظة المنيا، خاصة الشباب ومعدومي الدخل وقاطني العشش والعشوائيات، في رحلة البحث عن مسكن متواضع، حيث تحكم الوساطة والمحسوبية والرشاوي وطول الأمد، وفي ظل ارتفاع أسعار الوحدات السكنية وأراضي البناء بالمحافظة نظرا للزيادة السكانية. "سكان بلا مساكن.. ومساكن بلا سكان" الوصف الأدق لمعاناة المستضعفين في رحلة البحث عن مأوى لهم بالمنيا في ظل وجود آلاف الوحدات السكنية بمدينة المنيا الجديدة معدة وجاهزة للسكن في الوقت الذي يقطن الآلاف بالعشش ومساكن الإيواء غير أن الروتين يحكم. ويعيش آلاف الفقراء من قاطني العشش والعشوائيات في مساكن خلف القضبان وعشش محفوظ بمدينة المنيا والجنيدية بمركز سمالوط على أمل توفير المحافظة وحدات سكنية لهم. "البديل" رصدت حياتهم داخل عشش منطقة الحبشي بمدينة المنيا، وكما عرفت بمساكن خلف القضبان.. قاطنو العشش: القبور أقرب من مساكن المحافظة تبدو العشش والأكواخ على جنبات الطريق كقطار يفصل بينها وشريط السكك الحديدية سور خرساني على حافة ترعة الإبراهيمية، يقطنها أكثر من 600 مواطن.. الأكواخ تبلغ مساحة كل منها 4 أمتار، وتبدو بلا سقف، يحجبها عن الشارع الرئيسي غطاء قماشي "بطانية"، ويعيش داخل بعضها 9 أفراد لا يسعهم الكوخ عند النوم، وبسؤال قاطنيها أكدوا عدم تملكهم منازل أو وحدات سكانية وأنه رغم زيارات المسئولين ومنظمات المجتمع المدني على وعد توفير مساكن ملائمة لهم منذ عام 2004 إلا أنها مجرد وعود، ووصف إبراهيم باهي حالهم بقوله "القبور أقرب إلينا من سكن المحافظة". الأولى بالرعاية لغير ذوي الاستحقاق قالت إيمان فتحي محمود إنها تقدمت في 2008 بطلب للحصول على شقة بالمشروع القومي للإسكان للأولى بالرعاية بمحافظة المنيا، وحصلت على إيصال إيداع نقدية برقم 40000149/2761 استمارة رقم 405، وحتى الآن لم تتسلم الوحدة السكنية رغم حاجتها الماسة وأولادها؛ لكونها تقيم داخل بدروم غير آدمي بأحد العقارات. وقالت نظيرة جمال إنها فوجئت بعدم إدراج اسمها ضمن المستحقين لمساكن الأولى بالرعاية التي تقدمت لها بطلب منذ 2008، رغم أنها تسكن بالإيجار في غرفة بحمام بأحد المنازل القديمة ومهددة بالطرد؛ نظرًا لرغبة صاحب المنزل في هدمه، متسائلة عن أسس الاختيار وعلة عدم إدراج اسمها، وأضافت أنها فوجئت أيضًا بإدراج أسماء غير مستحقة من جيرانها، مؤكدة تملكهم منازل ووحدات سكنية. إسكان الشباب حبر على ورق.. ومنح الشقق لملاك عقارات ويعد إسكان الشباب شاهدًا على كم الفساد والمحسوبية المتراكمة داخل مديرية الإسكان بالمحافظة، حيث إن معظم من تملكوا وحدات سكنية ضمن مشرع إسكان الشباب بمدينة المنيا الجديدة هم في الأصل ملاك لمنازل ووحدات سكنية أخرى، وبعضهم يمتلك عقارات تحوي العديد من الوحدات يقوم بإيجارها، وأكد العديد من أهالي المنيا بالقرى والمدن أن المستحقين خارج الحسابات، وأن الوساطة والرشاوى وطول الأمد أهم معايير الحصول على وحدة سكنية، وقال أسامة الكومي أحد أهالي قرية "الحواصلية" إنه وفي عام 2001 حضر عدد من موظفي مجلس المدينة للقرية للسؤال عما إذا كان المتقدمون بطلب وحدات سكنية يستحقونها أم لا، ورغم اكتشافهم تملك بعض المتقدمين لمنازل داخل القرية، إلا أننا فوجئنا بإدراج أسمائهم ضمن المستحقين، في حين تقدم مئات الشباب ممن لا يمتلكون سكنًا ولم يتم إدراج أسمائهم. وأضاف أيمن عباس متولي مدرس بقرية "طهنشا" أنه تقدم والآلاف بطلب الحصول على مسكن منذ عام 2011 في الأيام الأولى للثورة؛ بناء على إعلان أحمد ضياء الدين محافظ المنيا الأسبق عن طرح وحدات للشباب، وقاموا بدفع مبالغ مالية لسحب ملف الشروط، غير أنه وحتى اليوم لم يعرف مصيرًا لتلك الطلبات، مؤكدًا أنه تردد عشرات المرات على مكاتب المسئولين، وكانت الإجابات كلها تطرح التأجيل "لحين ميسرة". طرح مساكن.. وسط مخاوف تكرار السيناريو وأعلنت محافظة المنيا يوم 5 إبريل الماضى عن بدء إجراءات تخصيص الأراضي لإنشاء 7040 وحدة سكنية بالمنيا ضمن مشروع المليون وحدة، ويصطف الآلاف على مكاتب البريد؛ لسحب كراسات الشروط وسط مخاوف تكرار السيناريو المعهود والمتمثل في تدخل الوساطة والرشاوى وطول الأمد دون الحصول على مسكن وإدراج أسماء غير المستحقين. ويشار إلى أن أسعار الوحدات السكنية وأراضي البناء بالمنيا فاقت الوصف، وتفوقت علي قيمة تلك الوحدات والأراضي بالقاهرة ومختلف المحافظات، وأرجع البعض السبب لزيادة عدد سكان المحافظة عن 6 ملايين نسمة.